في متابعة ردود الفعل العراقية والعربية على إعلان الولايات المتحدة عزمها إدامة احتلالها للعراق عبر اتفاقية أمنية أقرب لصك انتداب تفرضها من خلال تواجد قواتها فوق الأرض العراقية احتلالاً ونهباً لثروات البلد لاحظ كل المراقبين أن القابلين بالاتفاق لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين من المسئولين العراقيين الجدد، وحتى هذه الموافقة عادة ما يرفقوها بالحديث عن السيادة والكرامة وغير ذلك من الكلمات الجوفاء التي لا تقدم أو تؤخر في الأمر، ويقدمون اقتراحات لتغيير في النصوص وبعض التفاصيل ليس أكثر، وهم بذلك يريدون الإيحاء بأن الاتفاقية المزمع توقيعها مع قوات الغزو الأمريكي إنما توقع لمصلحة العراق والحفاظ على سيادته، والصحيح أنهم يقبلون بما هو أكثر من اتفاق يسلب العراق حريته ويرهنه لتواجد عسكري أمريكي لعقود طويلة، لأنهم لا يستطيعون البقاء لو رحلت قوات الاحتلال .
إن الرأي العام العراقي والعربي قد عبر عن رفضه للاتفاقية المهزلة بأكثر من صيغة وأكثر من أسلوب، فرأينا المظاهرات اليومية والمسيرات وعمليات المقاومة، كما رأينا وسمعنا قادة أحزاب وشخصيات من أوزان مختلفة تعلن صراحة رفضها للاتفاقية .
إن الإجماع العربي على رفض الاتفاقية قد تمظهر بشكل كبير وواضح في قرارات البرلمان العربي الانتقالي الذي اجتمع أول أمس في القاهرة وأصدر بياناً تناول فيه جملة من القضايا العربية محدداً موقف الأمة العربية منها وقد تناول بالإضافة للمسألة اللبنانية التي أشاد فيها بالدور السوري لحلحلة العقدة اللبنانية والوصول لاتفاق الدوحة كما الدعم للمصالحة الفلسطينية وضرورة تقديم العون والرعاية لحوار أخوي يجمع بين كل فصائل العمل الفلسطيني وخاصة فتح وحماس، بالإضافة لذلك طالب بحزم الحكومة العراقية والشعب العراقي برفض الاتفاقية الأمنية واعتبرها مضرة بمصلحة العراق والعرب عموماً، وقد جاء قرار البرلمان وندائه تتويجاً لآراء كل القوى العربية الحية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات والكتاب والصحافة برفض هذه الاتفاقية من الألف إلى الياء ومنوهين إلى عملية الخداع التي تمارسها أمريكا لتجميل صورتها أمام الرأي العام العربي. إن الموقف الصحيح تجاه الدولة التي غزت العراق ودمرت مدنه وقراه وقتلت الآلاف من أبناء شعبه واغتالت تاريخه يجب أن تكون المقاومة ورفض وجود قواتها وشركاتها فوق الأرض العراقية، والتخلص من كل علاقة معها تحت أي عنوان أو ذريعة وليس عقد اتفاقية أمنية مهينة معها.
زياد ابوشاويش