غطاء الرأس للمرأة المسلمة أو «الحجاب»، يمثل في نظر البعض أكثر الموضوعات سخونة في الجدل الديني والعلماني القائم بين الاسلام والغرب.
وينظر إلى الحجاب في معظم انحاء أوروبا، على أنه وسيلة للقمع وإجبار النساء على تغطية أنفسهن سواء بإرادتهن أو رغما عنهن. غير أن الخطوات التي اتخذتها بعض الدول الاوروبية لمنع المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس أو المكاتب، أثارت ردود فعل عنيفة من جانب العالمين الاسلامي والعربي حيث ينظر إلى الحجاب في الغالب، باعتباره أداة للتحرر والاختيار الشخصي.
ويؤكد باحثون مسلمون بارزون وقيادات في الحركة النسائية، أن المسلمات يرتدين الحجاب إلتزاما بتعليمات آلهية، كما تنص عليها آيات القرآن الكريم بصراحة.
وتقول آية في القرآن: «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون» (سورة النور).
وفي ضوء ذلك، يعتقد عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية محمد المجالي، أن المرأة المسلمة ليس أمامها خيار إلا ارتداء الحجاب إذا أرادت السير على منهج الله. وقال لـ «وكالة الانباء الالمانية»، ان «الاسلام لا ينكر الأحاسيس الجنسية للرجل والمرأة لكنه يسعى إلى تنظيمها من خلال توجيه سلوكهما بما في ذلك ارتداء المرأة للحجاب».
وأوضح ان بالنسبة للمرأة المسلمة، أصبح الحجاب حرية شخصية يفترض أن الديموقراطيات الغربية ودساتيرها تحميها. وقال إن من المثير للدهشة السماح للنساء في الدول الاوروبية والغربية الاخرى بإرتداء أي نوع من الملابس «لكن عندما يأتي الامر لحجاب المرأة المسلمة تتدخل بعض الحكومات لمنعه»، واصفا ذلك بأنه «ينطوي على ازدواجية في المعايير».
واعرب أستاذ الشريعة الاسلامية، عن اسفه لمحاولة قوى ليبرالية في دولة إسلامية، مثل تركيا، تجديد فرض حظر على ارتداء الحجاب في الجامعات، في وقت تضع 90 في المئة من نساء تركيا، غطاء الرأس.
ويعتبر المجالي ورئيسة اتحاد المرأة الاردنية آمنة الزعبي، محاولات الدول الغربية مثل فرنسا لحظر الحجاب في المدارس، من قبيل «الاسلاموفوبيا» أو رهاب الاسلام.
وجرى تبرير هذه الخطوات في فرنسا بالحاجة إلى المحافظة على الطبيعة العلمانية للدولة وأيضا تطبيقها على الرموز المسيحية واليهودية، إلا أن هناك اعتقاداً على نطاق واسع بأنها موجهة إلى الاقلية المسلمة كبيرة العدد، خصوصا.
وأعربت الزعبي عن اعتقادها بأن محاولات الدول الغربية لحظر الحجاب «تحولت لتكون ذات أثر عكسي لانها ألزمت النساء المسلمات التمسك بالحجاب كرمز إسلامي». وقالت إن «من المثير للدهشة رؤية وسائل الاعلام الغربية التي تدعم الديموقراطية وحقوق الانسان وقد فشلت في الدفاع عن الحجاب كقضية حرية شخصية يجب حمايتها».
وفي أوروبا، تنظر الغالبية الساحقة إلى الحجاب باعتباره انتهاكا للحرية الشخصية وهو شيء مفروض على المرأة من قبل أقاربها الرجال، وليس أمرا تشعر المرأة بأنه حق لها. ورغم أن غالبية النساء فى الاردن والمجتمعات العربية الاخرى ذات التوجه الذكوري، ترتدي الحجاب فإن هناك قطاعا لا بأس به من المجتمع النسائي يرفض ارتداء الحجاب.
وقال سالم أمين، الباحث في المركز الاردني للبحوث الاجتماعية، إن بعض النساء يعتبرن الحجاب مسألة ترتبط بالتخلف وإنهن بخلعه يردن أن يظهرن أنهن من الاشخاص الليبراليين والمتحضرين. وأضاف أن الحجاب الذي ينبثق في الاساس من معتقدات دينية «تطور إلى حرية شخصية تدعمها السلطات وتمتنع عن فرضها».
واوضح انه اكتشف وجود علاقة ترابطية ما بين خلع الحجاب وارتفاع مستوى معيشة العائلات. وأضاف أن النساء من العائلات الفقيرة ترتدي الغالبية الساحقة منهن الحجاب. ويؤكد سالم أن ارتداء الحجاب يزداد في ضوء حقيقة أن سياسات التوظيف المطبقة من جانب المؤسسات العامة والخاصة لا تمارس التفرقة ضد المحجبات كما كان يعتقد في بعض الدوائر. وأضاف أن الرجال أيضا أصبحوا أكثر ميلا للزواج من نساء محجبات.