“وكأنني لست إنسانة” هو عنوان تقرير جديد صدر عن منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية الأمريكية انتقدت فيه أوضاع عاملات المنازل في المملكة العربية السعودية، حيث وصفتها بأنها تصل إلى درجة “الاسترقاق” ، داعية المملكة إلى إصلاح نظام الكفالة بحيث تمتد مظلة الحماية التي يوفرها نظام العمل لتشمل عاملات المنازل.
ويوثق التقرير الذي صدر الثلاثاء بعنوان “وكأنني لست إنسانة: الإساءات بحق عاملات المنازل الآسيويات الوافدات على المملكة العربية السعودية”، ما وصفه بالإساءات الحقوقية الجسيمة التي تواجهها عاملات المنازل الآسيويات في المملكة.
ويمثل التقرير، الذي صدر في 133 صفحة، ثمرة جهود عامين من إجراء البحوث، ويتضمن 142 مقابلة مع عاملات المنازل ومسئولين حكوميين رفيعي المستوى ووكلاء استقدام العمل في السعودية وفي الدول التي تأتي منها العاملات الآسيويات.
وفي بيان حصلت عليه وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك قالت هيومان رايتس ووتش، ومقرها نيويورك، إن أصحاب العمل الذين يرتكبون هذه الإساءات لا يواجهون أية عقوبات جراء ارتكاب الإساءات.
ومن بين الإساءات التي أشار إليها التقرير عدم دفع أجور العاملات لمدد تتراوح بين شهور وسنوات، وتحديد الإقامة قسرا، والعنف البدني والجنسي، كما تواجه بعض عاملات المنازل الحبس أو الجلد إثر توجيه اتهامات إليهن بالسرقة أو الزنا أو ممارسة السحر.
وقالت نيشا فاريا، الباحثة الرئيسية بقسم حقوق المرأة في هيومان رايتس ووتش: “في أفضل الحالات تتمتع النساء المهاجرات في المملكة العربية السعودية بأوضاع عمل جيدة وأصحاب عمل طيبين، وفي أسوأ الحالات يُعاملن كأنهن من الرقيق. وأغلب الحالات هي بين النقيضين”.
وتابعت فاريا: “يتعين على الحكومة السعودية أن تمد مظلة حماية نظام العمل بحيث تشمل عاملات المنازل، وأن تصلح من نظام الكفالة حتى لا تضطر النساء اللاتي يرغبن بشدة في كسب المال لصالح أسرهن إلى المقامرة بحياتهن”.
وتوظف البيوت السعودية ما يُقدر بـ 1.5 مليون عاملة منازل، وهن بالأساس من إندونيسيا وسريلانكا والفلبين ونيبال. وتوجد أعداد أقل من بلدان أخرى أفريقية وآسيوية. وفيما لا توجد إحصاءات موثوقة عن العدد المُحدد لحالات التعرض للإساءات، فإن وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية وسفارات الدول الراسلة للعمالة تؤوي الآلاف من عاملات المنازل اللاتي يشتكين من أصحاب عملهن أو من وكلاء الاستقدام كل عام”.
ومن بين الشكاوى الأكثر تكرارا، بحسب التقرير، الإفراط في العمل وعدم تلقي الأجور لفترات تتراوح بين بضعة شهور و10 أعوام.
وقال التقرير إن نظام العمل في المملكة يستبعد عاملات المنازل من مظلة حمايته، مما يحرمهن من الحقوق المكفولة لغيرهن من العمال، مثل يوم العطلة الأسبوعية والحصول على أجر مقابل العمل لساعات إضافية؛ حيث تُجبر الكثير من عاملات المنازل على العمل لمدة 18 ساعة يومياً طيلة أيام الأسبوع.
والتقت هيومان رايتس ووتش بالعشرات من النساء اللاتي قُلن إن أصحاب العمل أجبروهن على العمل ضد رغباتهن لشهور أو سنوات.
وقال التقرير إن أصحاب العمل عادة ما يُصادرون جوازات السفر ويقومون بحبس العاملات في البيوت، مما يزيد من عزلتهن ومن خطر التعرض للإساءات النفسية والبدنية والجنسية.
ووثق التقرير 86 مقابلة مع عاملات منازل قالت 36 منهن إنهن واجهن إساءات ترقى لدرجة العمل الجبري أو الاتجار بالأشخاص أو العمل في أوضاع تشبه الاسترقاق.
وتدير وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية بالتعاون مع الشرطة مأوى في الرياض لمساعدة عاملات المنازل على المطالبة بأجورهن والعودة إلى بلدانهن.
لكن التقرير قال إن العاملين بالمأوى تفاوضوا في حالات كثيرة على تسويات غير عادلة للأجور بين أصحاب العمل والعاملات؛ وهو ما يضطر العاملات إلى التنازل عن أجورهن مقابل موافقة أصحاب العمل على مغادرتهن البلاد.
وقال التقرير إن التحقيقات تكون متواضعة المستوى وإجراءات التقاضي الجنائية تستغرق سنوات في العادة، وهو ما يعني أنه نادراً ما يخضع أصحاب العمل المسيئون لنظام العدالة الجنائية.
وأورد التقرير، الذي حصلت عليه وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك، العديد من شهادات عاملات قُلن إنهن تعرضن لإساءات بدنية وجنسية، مثل الاغتصاب، على أيدي أصحاب العمل الذين لم يمثلوا أمام العدالة، في حين تم اتهام العاملات بالسحر وارتكاب جرائم أخلاقية.
وأشار التقرير إلى وجود العديد من المعوقات التي واجهتها العاملات لإثبات حقوقهن، ومن بينها صعوبة الحصول على خدمات الترجمة والمساعدة القانونية ومساعدة البعثات الدبلوماسية لبلدانهن، وكذلك صعوبة الوفاء بمعايير الأدلة الصارمة الخاصة بإثبات التعرض للاغتصاب.
وقد دفع هذا الكثيرات إلى التراجع عن تقديم شكاوى خشية توجيه اتهامات عكسية إليهن، بحسب نيشا فاريا، الباحثة في هيومان رايتس ووتش.
هذا وقد قال التقرير إن المملكة العربية السعودية يعمل بها أكثر من 8 ملايين عامل، يشكلون تقريبا ثلث سكان السعودية. ويسدون فجوات هامة في مجالات الصحة والإنشاءات والعمل المنزلي، ويدعمون في الوقت نفسه اقتصاديات بلدانهم، إذ أرسلوا إلى بلادهم ما يُقدر بـ15.6 مليار دولار في عام 2006، وهو ما يُعادل تقريباً 5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية.
كل الحقوق محفوظة وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك© (2008).
يحظر النشر أو البث أو البيع كليا أو جزئيا بدون موافقة مسبقة. هذا المقال محمي بقوانين حقوق النشر الأمريكية. للاشتراك اكتب إلى [email protected]
أو اتصل هاتفيا في الولايات المتحدة على رقم 202-390-5342. وتحذر وكالة أنباء أمريكا إن ارابيك من إجراءات قانونية قد تلحق عددا من المواقع والجرائد التي تقوم باستخدام موضوعاتنا بدون وجه حق أو اشتراك أو تصريح مسبق.