تبخـّرت 50 بالمائة من تعهدات المرشح الرئاسي (باراك أوباما) بشأن سحب فوري للقوات من العراق في حالة فوزه، ولم تبق إلا مسافة الـ 50 بالمائة الأخرى التي ينهار فيها جبل الدعاية الانتخابية التي ركزت على انتقاد سياسة بوش والحزب الجمهوري في تعريض القوات الأميركية للخطر من خلال إدامة الحرب والتخطيط الطويل للبقاء في العراق.
وإذ يبدو –كما هي مؤسسة السياسة الأميركية على الدوام- أن خطط المطامع الخارجية (المسماة مصالح أميركا في العالم) هي التي تفرض نفسها، حيث يصلي جميع السياسيين الأميركان في ((محرابها)) ولكن بلهجات مختلفة للغة واحدة، تجمعهم على تمثيل (دور الصراع الثنائي) على مسرح انتخابات تصوّر على أنها ديمقراطية جداً وحقيقية جداً وواقعية جداً مع أنها كما يسمونها هم (لعبة سياسية) يحسنها من يملك أكثر، ومن يخدع أكثر، ومن يكون هو وإدارته الحزبية في خدمة (الفئة) التي أنهت مسألة حكمها للولايات المتحدة وتخطط منذ زمن ليس قصيراً لحكم العالم!
وفي خطوة حسبت بأنها تراجعية، قال المرشح الرئاسي السيناتور (باراك أوباما) إن الولايات المتحدة لا يمكنها تحمل حضور عسكري طويل الأمد في العراق، لكنه أكد أنه ((سيصفي سياساته بأسلوب مفتوح)) على حد تعبيره، أي أنه سيعيد النظر بمسألة تعهده السابق بسحب فوري للقوات إذا ما فاز في الانتخابات الرئاسية. وأكد أنه سيفكر بجدولة انسحاب القوات بعد الاجتماع مع القادة العسكريين الأميركان خلال رحلته إلى العراق أواخر الشهر الحالي.
وطبقاً لما تقوله صحيفة النيويورك تايمز فإن (أوباما) –الذي ترتكز شعبيته في حملته الانتخابية في أوساط الديمقراطيين على معارضته للحرب، ودعوته الى جدولة انسحاب القوات خلال 16 شهراً- كان قد رفض المقترحات التي دعته الى تغيير مواقف في أعقاب انخفاض مستويات العنف في العراق، واستمرار صراعه مع السناتور (جون مكين) في حرب الانتخابات الرئاسية، ورفض دعوته لزيارة العراق معاً.
وقال (أوباما): ((كنت أقول دائما أن خطوت انسحاب القوات ستمليها حالة الأمان والأمن لقواتنا والحفاظ على الاستقرار في العراق. وذلك التقييم لم يتغير)). وأضاف المرشح الرئاسي قوله: ((عندما أذهب الى العراق وأحظى بفرصة الحديث الى بعض القادة العسكريين في الميدان، أنا متأكد سوف أحصل على المزيد من المعلومات وسوف استمر في تصفية سياساتي)).
وبينما وصل (باراك أوباما) ليواصل حملته الانتخابية في شمال دكوتا أخبر الصحفيين أمس الخميس بأنه عقد النية لإجراء ((تغيير شامل)) في سياسته حيال العراق خلال رحلته الوشيكة إليه. وشدد على أنه دعا ولفترة طويلة الى انسحاب حذر ومسؤول للقوات الأميركية من العراق، لكنه رفض عرضاً لتصديق خطته السابقة بسحب لواء أو لواءين كل شهر.
وأكد (أوباما) قوله:((إن الجدولة التي وضعتها خلال 16 شهراً، إذا أنتم فحصتم كل شيء قلته أنا، كانت –أي الجدولة- مشروطة بأمان القوات. لقد قلت ذلك معتمداً على المعلومات التي تلقيتها من القادة العسكريين بأن سحب لواء أو لواءين شهرياً يمكن أن يكون آمناً من منظور لوجستي. إن نظرتي مستمرة في التأكيد على أننا يجب أن نضمن سلامة قواتنا وأمن واستقرار العراق)). وأضاف: ((أنا ماض الى جمع المعلومات لأكتشف فيما كانت تلك الشروط ماتزال قائمة)).
وتقول النيويورك تايمز: مر أكثر من سنتين على زيارة السيناتور (باراك أوباما) الى العراق، تلك الزيارة التي استخدمها الجمهوريون كنقطة ارتكاز في انتقاداتهم ضده. إذ بعد رفض دعوة نظيره المرشح الرئاسي (جون مكين) لزيارة العراق معاً هذا الصيف كـ ((عمل سياسي مثير)) بدأ (أوباما) بالتحضير لرحلته الخاصة الى العراق.
ويشار الى أن تواريخ زيارته الى العراق لم يكشف عنها حتى الآن لأسباب أمنية، طبقاً لما قاله مساعدوه، لكن رحلته ستكون جزءاً من وفد للكونغرس ضمن مجموعته هو بصفته عضواً في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي.
وقال (أوباما): ((إن عملي هو أن أتأكد بأن القضايا الاستراتيجية التي نواجهها -ليس في العراق وحده- إنما في أفغانستان، إيران، وباكستان. وجميع تلك الأوضاع يجب أ
ن تؤخذ في الحساب وأن نتعامل معها بطرق تحسن مصالح أميركا القومية على المدى البعيد)).
ن تؤخذ في الحساب وأن نتعامل معها بطرق تحسن مصالح أميركا القومية على المدى البعيد)).
ومن جانب آخر أدان (إيريك كانتور) عضو مجلس النواب خطط (أوباما) للانسحاب من العراق، قائلاً: ((لم يكن لدي أدنى شك أن أوباما سيغير خطته بشأن العراق. إن خطته القديمة إنما هي سير في الطريق الخطأ)). وأوضح (كانتور) قوله: ((إن أوباما معلق الآن بتعهدات أيديولوجية)).
وإزاء ذلك، يقول داعمو (أوباما) إنه ((كان واضحاً ويصر على القول بأهمية الحاجة الى الشعور بمسؤولية إنهاء الحرب التي بدأتها الولايات المتحدة، وأيضا الحفاظ على القوة الأميركية وحماتها من التبدد، وكذلك إنهاء القتال في أفغانستان والتركيز على الإرهابيين الذين نفذوا حقيقة هجمات الحادي عشر من أيلول)).
ويتهم مؤازرو حملة (باراك أوباما) خصمه (جون مكين) بالجهل لأنه يصر على مواصلة سياسة نظيرة لسياسة بوش التي أثبتت فشلها خلال السنوات الخمس الماضية. ويعد (مكين) متحمّساً للحرب أكثر من (بوش) نفسه حتى أنه قال إنه مستعد لأن يخسر الانتخابات لا الحرب.