نسمع الكثير عن أسماء تملك ثروات طائلة وحسابات ضخمة ,يحصل أصحابها على مسميات رقمية مثل بليونير بليونيرة, أو مليونير مليونيرة , لهم حياتهم الخاصة المحاطة بالكثير من السمات التي تصنع عوالم مختلفة بين البشر, تفصلها مسافات وبيئات وحسابات بنوك وعقارات. الأغنياء,- واقصد الأغنياء جدا جدا- الذين نقرأ عنهم ونشاهد صورهم في الجرائد والأخبار الاقتصادية, وبعض القصص والأخبار, التي تخص أساليب الحياة المرفهة وطرق التعامل مع استثمارات طائلة , لا نستطيع استيعاب مفرداتها , كون حياتنا,العادية, لا يتعدى سقف الأنفاق فيها عن المعاش الشهري ,كما أن طاقتنا الحياتية لا تتسع لهذه البلايين الهائلة في واقع اقتصادي لا يمكن أن يوفر إمكانيات جني مثل هذه المبالغ ,حتى لو عشنا أضعاف العمر البشري , فلن نستطيع توفير هذا الكم من الثروة, التي تضع اعتبارات خاصة حول مفهوم الحياة , نعرف بعضها على اقل تقدير,من خلال معرفة أماكن وجودهم ونوعية المرافق التي يستخدمونها ,يخوت ,قصور ,جزر ومجوهرات وأشياء أخرى نعلمها ولا نعلمها,.ليكون اهتمامنا بهم لا يتعدى فضولنا نحو أي ظاهره عالمية توجد على هذا الكون.تترك آثارها وتؤثر على الحياة بشكل عام كفضولنا نحو فصائل القرود في شرق أسيا أو السرسخيات في غابات الأمازون. الفكرة التي تحركني بأمان تجاه التعرف على حياة بعضهم , لا تحمل –الحمد لله – ضغائن اجتماعية أو عقد نفسية ممكن أن تجعلنا نقف على الجانب الآخر من الحياة في موقف مواجهة لا نفع فيه, وهذا يعطيني مساحة مريحة وتأملية في التعاطي مع هؤلاء الناس وعوالمهم الخاصة التي لا علاقة لها بعوالم الموظفين والعاملين في مجالات الحياة المختلفة, الذين يظنون أن مشاكل العالم, تحل بأفكار تنموية تعزز الثقافات ومستوى التعليم وطرق البحث عن الحياة الفضلى , وكل الأفكار التي لا يتطرق إليها أمثال هؤلاء,ولا تشكل لهم أي اهتمام.طالما هم بعيدا عن السياسة ولا يرهقون أنفسهم بالبحث عن أنواع من السلطات تتعدى سلطة المال والنفوذ. ليونا هلمسلي, (1920-2007) البليونيرة الأمريكية ,التي عرفت “بملكة اللؤم””Queen of Mean.”قدرت ثروتها بأكثر من 5 بليون دولار أمريكي , بعد رحيلها عن العالم , العام الماضي 2007 ,هذا يعني أن ثروتها , أضخم من موازنة الأردن وبدون عجز أو مديونية, جمعتها من الاستثمارات العقارية وامتلاك فندق نيويورك سيتي, بالإضافة إلى ثروتها التي حصلت عليها بعد وفاة زوجها الثاني الذي كانت أعماله واستثماراته في نفس المجال.أما لقبها “ملكة اللؤم” فلقد استحقته بسبب شخصيتها النارية المندفعة, التي كان يهابها الجميع ويخافون ثورتها الغير منضبطة لا بمكان ولا بزمانيقول محاميها” ألان درشويتز” انه كان يتناول معها الفطور في فندق نيويورك سيتي, حيث قام احد الجرسونات بإحضار فنجان قهوة لا تزال آثار القليل من الماء على صحن الفنجان .فثارت ثورتها وحطمت الفنجان وطلبت من الجرسون أن يركع على رجليه ويديه , مستجديا أن لا تفصله من العمل. أما السبب الثاني الذي أكد هذا اللؤم هو شهادة مدبرة منزلها أثناء محاكمتها بسبب التهرب الضريبي أنها سمعتها تقول “نحن لا ندفع الضرائب ,صغار الناس فقط يدفعون”التي أثارت حفيظة المجتمع الأمريكي ,لتقف أمام المحكمة الفدرالية التي حكمت عليها 18 شهرا في السجن الفدرالي . في مقاله حول علاقتها بابناءها وأحفادها نشرتها مجلة” شيكاغو سن تايم” أنها قد انعزلت في السنتين الأخيرتين من عمرها في شقتها الفخمة في نيويورك ,ولم يكن معها إلا كلبتها “مالتيس ” و طبيبها المكسيكي , بعيده عن أحفادها الذين كانت غريبة بالنسبة لهم, لتكتفي ببعض الأصدقاء ,الذين ساعدوها في مواجهة الكثير من دعاوي الاستغلال التي كانت ترفع ضدها ,مثل الدعوى التي تقدم بها احد موظفيها,الذي ادعى أنها أشارت إليه بأنه شاذ لوطي.مطالبا بمبلغ يزيد عن 11 مليون دولار كرد اعتبار!!بعد أحداث 11 سبتمبر وانهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك قامت بالتبرع لعائلات رجال ألمطافي الذين فقدوا في أعمال الإنقاذ ,بمبلغ 5 مليون دولار ,و25 مليون دولا لدعم الأبحاث العلمية الطبية,إلا أن هذا لم يسعف لقبها الذي لازمها في حياتها وبعد الموت أنها ملكة اللؤمأما ثروتها المتبقية والتي تقدر ب4 بليون دولار فقد تبرعت بها كافة, للأعمال الخيرية, الشيء الطريف حول توزيع ثروتها.أنها تركت لكلبتها “مالتيس ” 12مليون دولار,وتركت لاثنين من أحفادها الأربع مبلغ 5 مليون دولار لكل منهما و5 مليون أخرى بشرط زيارة قبر جدهما –زوجها الراحل_ مرة واحدة في السنة .أما أحفادها من زوجها الأول فلقد تم حرمانهما من 40 مليون دولار بسبب عدم انصياع ابويهما لطلبها في تسمية احدهما باسم زوجها الثاني, ولم تنسى سائقها الخاص الذي تركت له 100.000 دولار.بالرغم من أن ليونا هلمسلي وضعت على لائحة الأكثر تبرع في أمريكا إلا أنها بقيت متوجه على عرش اللؤم ,ولم تستطع أموالها أن تغير من الواقع الإنساني الذي عرفت به شيئا,وبقي مشهد الشاب الراكع بذل تحت أقدامها .يرجوها الصفح والمغفرة, قابع في ضمير الناس لا مجال لنسيانه, لتزيد من حنق الناس في وضع نفسها فوق مستوياتهم, لتقف أمام عدالة القانون بسبب هذا الترفع الذي يخل باحترام مبادئ المواطنة واحترام المواطنين.عبثية القدر أحيانا تظهر أشياء وتخفي أخرى ,زلة لسان
ها كلفتها الكثير في مجتمع يتغنى بسيادة القانون, ومظلته التي تظل الجميع على حد سواء,في مجتمعات وجدت لتحقق التكاملية التخصصية ولتكون توجهاتها الأساسية في خدمة الإنسان وتعمل بكافة طاقاتها, من اجل سعادته ورفاهه.ومهما اختلفت معايير التعاطي مع الإنسان.إلا انه سهل جدا على الناس أن ينسوا الكثير من ألأعمال الخيرة, مهما كانت عظيمة, لتبقى مواقف بعينها تدمغ حياة الفرد بصفة واحدة تستقر في أعماق الشعور من الصعب أن تزول أو تتلاشى..هناك أشخاص نعتقد أننا نعرفهم ,يضبطون إيقاعات تفكيرهم مع السلوك الاجتماعي المقبول,لهذا لا بد أن نكون حذرين في التعامل لأننا لا نعلم أحيانا كيف يفكر الآخرين. سهام