تستفيق في أعماقك رغبة البكاء على وطن متهالك، يتناسل منه الموت صنوفا وينحدر من أعاليه دم متدفق كنهر شلال هادر..
وطن مسفوك..مستباح..يربض على أشواك الماضي ووجع الحاضر ..يسير في متاهات وعرة ودروب ملتوية ..يندس في أردية الظلام ..وأسقام البلاء منسربا في أحشاء المتاهات الطويلة، بلا مستقبل يمضي هذا الوطن نحو المستقبل ،وبلا خرائط أو بواصل أو نجوم في دياجير العتمة يستهدي بها..يسير كيفما اتفق ،مسلوب الارادة وممسوس بحمى التخلف المزمن والصراع الطويل.. تتناوشه آفاته المتراكمة والأسقام القديمة والحديثة، معلول تماما ومشلول ..يحتكم إلى إرث الماضي العتيق المعيق الذي كبله ردحا من الزمن مستمر ، فيزداد إغماءة طويلة ليستفيق على أخرى أشد فتكا.
وطن مات فيه الانتماء إلينا، ومات فينا الانتماء إليه، لكن الحنين إليه لم يمت ،والرغبة في تكوينه كما في أحلامنا مازلت تقاوم فتك اليأس من أن يكون يوما وطن.
ماذا فيك يا وطن يحتفى به..؟! :خراب وحراب..رصاص وموت ..جنازير وسواطير..أغلال وسجون ..نفوذ وهيمنة..إقصاء وتمييز ..زيفٌ وتخوين وتحريف، وانحرافات مستمرة عن نهج نهوضك ورقيك، أنَّى لنا العزة وأنت مصنع للذل تساند ذوي النفوذ والهيمنة ودعاة الفرادة والعلو..قاتلوك الذين أحالوك إلى بحيرات من دماء وجماجم وأشلاء بشرٍ مجرمون وأبرياء ،وأغبياء يقتلونك باسم الدفاع عنك ويمارسون فعل الخراب القديم المتجدد..
ماذا حل بك أيها المستكين في أصفاد العبودية المستدامة وتنمية القهر الطويل ..؟ لماذا أدمنت القيود والرصاص ودخان البارود ..؟؟كيف انخرطت في دروب الانحراف المستمر ..أي جذور للبلاء تستحثك للتضحية بك لتمارس دور الضحية المسحوق دوما بلا رحمة..؟؟
أيها الوطن : أنت القاتل والمقتول ..المنتحر عشقا في تهاويم الامجاد القديمة ..المفتون بمآسيه الممجد لزيف الانتصار على ذاتك ..
أيها الوطن النار التي تأكل بعضها بعضا ..إنَّ نحبك ..ولكن لم نعد نطيق البقاء فيك..
————————————-
*صحافي يمني