تتجه البوصلة الامنية بشكل سريع ونوعي من المناطق اللبنانية حيث تنقلت الاحداث مؤخرا في أغلبها …إلى أحد اهم المخيمات الفلسطينية في لبنان ..مخيم عين الحلوة … اكبرها حجما واكثرها تداخلا واهمها سياسيا حيث التشابك لكل القوى الحزبية والعائلية والدينية وقد سجلت الاحداث الاخيرة في نوعيتها عرضا قاسيا ومرتفع الوقع .أضافة الى جملة من الملاحظات التي يمكن تسجيلها مع هذة الاحداث
اولا:لقد تزامنت الاحداث التي بدأت نوعيا بأنتحاري !؟على مدخل المخيم مع الذكرى السنوية لحرب البادر بين فتح الاسلام والجيش اللبناني
ثانيا:لاول مرة يكشف عن انتحاري بحزام ناسف وهو ما لم يستخدم في اعنف حرب شهدتها المخيمات بين الجيش وفتح الاسلام في مخيم نهر البارد.
ثالثا:انتقال الاحداث من مرحلة القاء قنبلة او اطلاق رصاص على حاجز او حتى مقتل شخص بظروف غامضة إلى استخدام أسلوب جديد اخر لم يحدث من قبل وهو عملية أقتحام الحواجز والاشتباك معها.
رابعا:ظهور شاكر العبسي مجددا ليتحدث عن عدة اتجاهات لاسباب حربه المقبلة ويحدد أهدافة مستندا الى اللفظ العقائدي مثل :
جيش الكفر
حزب الله
الانتصار لاهل السنة
تكفير الحكومة
جميع هذه البنود هي علامات يراد منها دلالات مفهومة توجت بالخطاب المفاجىء الذي جاء على لسان العبسي إلا أن جميع الاهداف المعلنة والمقرؤة لا تدل على الهدف الحقيقي القادم لساحة ظروفها استثنائية وتعيش منذ فترة في عين العاصفة الدولية والاقليمية وبناء على ذلك يمكن أن تكون مجمل الاحداث ومن يطرحها هي مجرد عرض للايحاء بأن هناك عرض قيد البحث لمن يريد التسويق لاهداف اخرى تتطابق والمصالح الدولية .. التي لها مصلحة بأهم ملفين في المنطقة :
أولا – ملف سلاح المقاومة 0-
وثانيا – اللاجئين وحق العودة
فالاحداث التي وقعت بالتتالي على مداخل المخيم هي نموذج خطير أذا ما عمد القائمون على هذه الاعمال في طرح أنفسهم كـقـوة تكفيرية غير أعتيادية من تنفيذ عمليات أنتحارية الى أقتحامات للحواجز العسكرية
.وقراءة هذه الاحداث بكل جوانبها لايجعل المرء يعتقد انها عابرة ولا تقرأ ايضا كما هي … لانستطيع أن نعتبرها لهوا وعبثا ومجرد أنذارات ايضا .. خصوصا وأن ما يجري في العراق ليس ببعيد عن الوضع اللبناني لجهة الاتفاق الامني الاميركي العراقى المزعوم … ومحاولة الادارة الاميركية مع الحكومة العراقية التضييق على جماعات القاعدة والمجموعات الاصولية وهذا ما يحذونا لقراءة ما خلف العملية في العراق ونتائجها .. من خلال تجربة أفغانستان بعد ان حاولت الادارة الاميركية أغلاق الملف على أنه ملف يحمل نتائج أيجابية للحرب وأصبح الامن مستتبا ..كان على الادارة الاميركية بالتعاون مع حلفائها في المنطقة أيجاد مخارج لمن بقي من الاحياء ممن عرفوا بالافغان العرب وذلك بهدف اخراجهم من ساحة المعركة والمواجهة الى ساحة أخرى فتم تأمين ممرات لهم الى العراق لتتحضر قبل الغزوبالشكل الذي عهدنا ة .. والبعض تم الاعفاء عنه من قبل حكوماتة وعاد اليها وهم قلة .. وهنا الخوف أن يجد هؤلاء الذين يطاردون اليوم ويتم التضييق عليهم في العراق الذي يريد أن يقدمه الرئيس الاميركي في نهاية عهدة على أنه مستقر وغاية في الديمقراطية … والامن .. وان يجد هؤلاء طريقهم الى مشروع أخر لم ينضج في المنطقة من خلال بوابة لبنان الضعيفة اليوم بحكم الخلافات المحلية …والاهتزازات المذهبية التي باتت مهنة هؤلاء الباحثين عن جهاد لنصرة أهل السنة كما يفترضون وكما هو برنامجهم … وقد قدم أهل السنة في لبنان نموذجا للمستضعفين من قبل حزب الله الذي يمتلك سلاحا لايمتلكونة وهو ما يردد يوميا من قبل أطراف دينية وسياسية تنتمي للسنة ؟؟
كما يشير رجالاتها بعد الاحداث التي جرت في 6و 7 ايار الماضي في بيروت والمناطق الاخرى حيث حقق حزب الله نصرا سريعا وبدون مقاومة تذكر من خصمة المدفوع أفتراضا انه من الطائفة السنية … الا أن تداعيات ماجرى رتب تداعيات أقلها خلق مفهوم أن تجد الطائفة لنفسها قوة في مواجهة أي خصم لها … وهذا شرح اخر خارج البحث الان …. الا أن الارضية المذهبية في لبنان هي حاضرة بلا مبالغة .. وهي ما قد تسول للبعض له نفسة أن يستغل هؤلاء لاهداف داخلية ويجد هؤلاء المجاهدين أنفسهم في ضرورة الدفاع عن أهلهم في الدين والعقيدة ..
تجربة فتح الاسلام
أستنادا للدلائل على أمكانية تسرب هذه الجماعات الى لبنان هو هروب جماعات أبناء الرافدين هذا التنظيم الذي حمل أيضا في طياتة أسم بلاد الشام وقتل زعيمة في بغداد بطائرة اميركية وهو سوري الجنسية
ومع أقتراب المصالحة في حينها وبروز جماعات الصحوة في العراق .. وقع الخلاف بين المجاهدين من أبناء هذا التنظيم وكان المحور للخلاف أن أ طلق مجاهدوا العراق على المنتمين لهم من بلاد الشام والخليج ممن ذهبوا لنصرتهم بالغرباء .. مما حذا بهؤلاء الانفصال ومن ثم التسرب الى سوريا ولبنان للبحث عن مكانا اخر للجهاد …
والواقع الادق لقراءة ما حدث وقد يحدث هو الخوف من بلاءات تتحضر للفلسطينيين المتمسكين بحق عودتهم ولحزب الله المتمسك بسلاحة .. وأن يدخل الشر بينهما. وأن لم يحدث ذلك بالمراهنة على قيادة حزب الله وحكمتها وحكمة القيادات الفلسطينية والفلسطينيين الذين عاشوا مر التجارب في لبنان ولم يحصدوا الا مزيدا من المرارة .. فأن فرض الامر الواقع بالاحداث المقذوفة هنا وهناك قد تدخل في غفـلة ولا أحد يستطيع بعد ذلك التحكم بمسار الامور ومصير وجهتها
بعض المحللون والمطلعون على الاحداث يشيرون الى أن السيناريو المطروح حاليا على الفلسطينيين وان برز فيها المخيم الفلسطيني مؤخرا هي محاولة اخرى لدفع الصراع اللبناني اللبناني بخلفية طائفية عبر البوابة الفلسطينية
وذلك من خلال التسليط الاعلامي المدروس الذي يطرح يوميا أسئلة غير بريئة تتحدث عن موقف الفلسطيني من أحداث مذهبية بين الطائفتين احداها ينتمي اليها الفلسطيني بالبعد المذهبي والثانية يرتبط بها الفلسطيني من خلال المقاومة …
وتأتي بوصلة الاحداث مجتمعة مؤخرا وكأنها حالة تأهيل تدريجي للفلسطيني في خياراته وأذا ما أضفنا بعض الخطب الدينية لاهل السنة وبعضهم كان مقربا من حزب الله وبعد احداث السابع من أيار قرأ الواقع بطريقة اخرى … رغم ان هؤلاء لم يتراجعوا عن تحالفهم مع حزب الله والمقاومة عموما الا أن بعض الكلمات كفيلة بقراءة اخرى يمكن أضافتها للشواهد التي تتدرج لتجتمع وفق العارفين بها في اتجاه اخر … الا وهي الفرقة المؤدية للفتنة … فالقول الذي ساد مؤخرا من هؤلاء على سبيل المثال يشير الى تمسكة بالتحالف مع حزب الله كمقاومة وليس كمذهب … ويضاف لهؤلاء أيضا الكثير من الفلسطينيين الذين يتربعون على عرض الحاجة والتجاذب اليهم من هذا الطرف وذاك الطرف لحسابات المستقبل الذي قد يكون ردىء … الا أن الفلسطيني يعلن بأن موقفة السياسي هو الحياد … ولكن الانزلاق لحرب مذهبية قد تفلت الامور ولا أحد يستطيع السيطرة على الوضع …. وهذه أشارة واضحة الى خطورة الفتنة بكل أشكالها … ولهذا لايستبعد أن يكون العابثين بهذا الملف الامني يقومون اليوم بأروع أستعراضاتهم الامنية التي ستحقق ربحا أكيدا لمشروع زج المقاومة بعداء شامل مع السنة ومع الفلسطينيين ومع مواطنية من الطوائف الاخرى الذين بطبيعة الحال لايرغبون بأي أطار أسلامي يأخذ السلاح عنوان لوجودة … من هنا تبدوا الورقة الراهنة التي تم الاضاءة عليها بأحداث مميزة وممكنة الفعل هي من اخطر أوراق اللعب اذا لاسمح الله ما قدر لهذه الورقة أن تطرح بالفعل على الارض تنفيذا …. وبطبيعة الاحوال فأن الضرر على القضية الفلسطينية عموما وحق العودة للأجئين بشكل خاص هو في زج اللاجئين بأية فتنة قد تحدث .. والخطر الممكن توقعه من هذا السيناريو هو حجم الورقة الفلسطينية المتمثل بتمسكة بحق العودة تساوي حجم ورقة التمسك من قبل حزب الله بسلاحة …
ولا يخفي كثيرون مخاوفهم من العمل على ادخال الفلسطيني كعامل أساسي وحقيقي في معادلة الصراع المستقبلي والافتراضي بين السنة والشيعة من بوابة الاصولية فاالأحداث الأخيرة والتي ربما تتواصل على بوابات مخيم عين الحلوة حصريا وكمرحلة أولى كما يراد لها ان تكون من قبل المخططون .. هي بهدف الوصول باالامور الأمنية المطلوبة إلى أهدافها المتمثلة ب
عزل مخيم عين الحلوة تماما ووضعة في حجر أمني قاسي وهو ما يشل بهذا الحجر القرار الفلسطيني الفعلي بكل جوانبة في لبنان لما يمثلة هذا المخيم من ثقل ومن تأثير على أي قرار كان
هناك من يسعى بكل الحالات الى عزل مخيمات الجنوب عموما وكان هذا مطروحا سابقا لحسابات اغلاق أي باب فلسطيني قد يشكل عامل مساعد لحزب الله في حال نشوب حرب مع أسرائيل … وهذا أمر اخر ولكنة لايمنع من يريد ذلك أن يقبل بالضغط على هذا المخيم لدرجة الاغماء العملي أذا جاز التعبير لشل قدرتة عن أي تحرك ..
إضعاف القرار السياسي لهذا المخيم الذي يشكل العاصمة الفعلية للفلسطينيين ويشكل خزان قوتهم وذلك لحسابات داخلية وخارجية ولحسابات تدخل في سياق التناقضات الفلسطينية الداخلية والمطلوب أن يكون هذا المخيم بكل تفاصيله ممسوكا بقرار واحد لم يقع الخيار عليه بعد بمعنى أن الحكمة الفلسطينية بدأت تعطي مفاعليها مؤخرا أي عدم الانجرار رسميا لقتال داخلي على خلفية العروضات التي يمكن أن تقدم لاحد الاطراف الفلسطينية في أن يخوض حربا داخل المخيم لكسر القوى الاسلامية وللسيطرة على القرار … فهذا أمر لايبدو له متجاوبون في الافق القريب … لذلك يعمل القائمون على توريط المخيم في عناوين رائجة دوليا على وضع المخيم بكل تفاصيلة السياسية وغير السياسية في سلة واحدة ..
….خصوصا وأن القرار الفعلي في مخيم عين الحلوة اليوم هو للقوى الاسلامية
هذه المؤشرات تضعنا أمام سيناريو التحضير في مرحلة الفراغ بين الادارتين الاميركييتن أي المرحلة الانتقالية بين الرئاسة الحالية والمقبلة .. حتى تقدم الملفات من قبل قاطفيها للأدارة الجديدة بدون شراكات كما هو معتاد .. …
بعض المحلين تحدث عن سيناريوهات على مراحل :
الاولى والتي يمكن أن تدخل في سياق تحضير الواقع الفلسطيني تحت عنوان مخيم تحت الطلب والمقصود به عين الحلوة بما تطرقنا إليه من حجم ليصبح الحديث عن الورقة الفلسطينية وحق العودة في لبنان بالبعد الاخر للأحداث التي تبحث عن تهيئة الاجواء لتكون تحت الطلب الدولي بيد من يقوم بهذا التسويق وهي بالطبع حجة مرتبطة دوليا كما هي الإشارات الحاضرة لدينا عن الأحداث الأمنية بنوعيتها وأشكالها الأصولية وربما المقصود بالفعل أن يكون المطلوب من هذا المخيم خالصا لقرار واحد يتدرج من الاسلاميين الحاليين المتعايشين مع الواقع الفلسطيني واللبناني الى الاصوليين الذين قد يتسللوا بقوة للمخيم ويفرضوا أمرا واقعا ويكون القرار بيدهم من خلال القوة المالية والامنية دون أن يفرضوا على المخيم خريطة عسكرية مباشرة … وبدون أن يشكلوا صداما مع القوى الاسلامية المقيمة في المخيم والتي تحرص على المخيم وسكانة لانتمائة له .
الثانية :اما المرحلة التي ستلي الاولى كما يرى مطلعون هي الوصول بالمخيم لمرحلة الاهتزاز الأمني الكبير وأن كان الخطر أن تؤدي الاحداث بنوايا صانعيها او بنتيجة ما يجري الى فصل هذا المخيم بمعطياتة عن محيطة وبعده السياسي ويصبح غزة بمن فيه من أسلاميين يحكمون قبضتهم على القرار فية ولا يستفيد منهم صانعهم المدفوع بالعرض والطلب … وهذه أمور حصلت .. أما التكوين الاساسي للمشكلة العامة في لبنان هو أعادة ذخ أسلاميين من مناطق لبنانية مختلفة الى عين الحلوة وذلك بهدف تحريك المخيم من الداخل ضد المقاومة وحزب الله من خلال الطائفة الشيعية وهذا هدف يبدو ا بعض التيارات العربية مغمورا في لعبة ..
أذا فاللعبة خطرة حقا … ولا يمكن أن يضمن ا للاعبين بالاحداث نتيجة مضمونة لصالحهم في تهيئة هذا المخيم ليكون ضعيفا وهزيلا يسهل عرضه لاي مطلب دولي يريد ترويج بضاعتة المعروفة …. هذا أذا عزلنا أي احداث قد تقع بقساوة على مخيم عين الحلوة بمعزل عن تدخل المخيمات الاخرى الموزعة على الجغرافيا اللبنانية .
والمراهنة على تجربة مخيم نهر البارد خاسرة لان ما جرى في البارد وأن لم يكن مرضي عنه من الاسلامييين الفلسطينين بكل اطيافهم الا ان حالة فتح الاسلام هي حالة غريبة ودخيلة على المخيم فيما الاسلاميين المستهدفين في مخيم عين الحلوة هم من سكانة ونسيج عائلي يمتد لكل المخيمات.
* كاتب وصحفي