لمْ تهتد الإدارة الأميركية حتى الآن الى “الأسباب الحقيقية” التي تكمن وراء الاجتماعات ((عالية السرية)) التي تجري في طهران بين عناصر قيادية في القاعدة وعناصر قيادية في المخابرات الإيرانية. وفي الوقت الذي تتوقع فيه دوائر البيت الأبيض بضمنها الخارجية والمخابرات أن إيران ربما تلوح باستعدادها للمساومة على من تتفاوض معهم، وهي بحسب تأكيد مسؤول أميركي تعرف أن الجحيم ستنفتح عليها إذا ما أطلقت سراح أكثر من عشرين قيادياً يعيشون في إيران.
وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا لشبكة الأخبار ABC أن الأشهر الأخيرة شهدت (اتصالات سرية) بين الحكومة الإيرانية وبين قيادة القاعدة. وهو تطور استلفت انتباه المسؤولين الكبار في البيت الأبيض، وكذلك مسؤولي البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)، وبطبيعة الحال أجهزة وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
وطبقاً لمسؤولين أميركان لهم اطلاع وصلة بهذه القضية الاستخبارية الحساسة –يؤكد الخبير السياسي جوناثان كارل- أن الاتصالات بين الطرفين، تجري بحضور مشاركين من القاعدة على مستوى عال، بضمنهم إثنان من أبناء (أسامة بن لادن) يعيشان تحت الإقامة الجبرية في إيران منذ سنة 2003. والمسؤولون الأميركان لا يصدقون أن إيران سوف تسمح لهؤلاء الناشطين أو المشاركين بأن يغادروا إيران مطلقي السراح، ولكنْ –كما يعتقد كارل- إن المسؤولين الأميركان لا يعرفون على وجه الدقة ماهية الحافز الإيراني للمباشرة بالمفاوضات.
ويؤكد المسؤولون الأميركان قولهم: ((إن الإيرانيين يعرفون جيداً أن الجحيم ستنفتح على إيران إذا ما أطلقت سارح هؤلاء الأشخاص)). وفي لقاء آخر أجرته شبكة الأخبار مع مسؤول أميركي –فضل عدم الكشف عن اسمه- قال: ((من المحتمل أن تنظر إيران الى هؤلاء الأفراد على أنهم أوراق مساومة رئيسة)). وأضاف قوله: ((أما كيف؟ ومتى سيستخدمون هذه الأوراق، فهي قضية غير محددة حتى الآن؟. وربما سوف يحتفظون بها ضمن الرصيد المعتمد كجزء من المناقشات الاستراتيجية المستمرة على المستوى الداخلي)).
ويعتقد الخبير السياسي (جوناثان كارل) ومحللون آخرون في شبكة الأخبار ABC إن مصير المشاركين في القاعدة، واحدة من الألغاز المثيرة في الحرب على الإرهاب. وخلال وقت قصير بعد ان غزت الولايات المتحدة أفغانستان في أواخر سنة 2001، انشقت القيادة المركزية للقاعدة الى مجموعتين. وتعتقد وكالة المخابرات المركزية أن مجموعة واحدة منها –وهي التي يرأسها أسامة بن لادن وأيمن الظواهري- هربت الى الشرق لتجد لها ملاذاً آمناً في مناطق عشائرية في الباكستان.
والمجموعة الثانية –يقول المحللون – هي التي يرأسها من قبل مصري يسمى سيف العدل، حيث ذهب غرباً الى إيران. وهذه المجموعة –التي يقول محللو الاستخبارات تضم المجلس الإدارة للقاعدة، أو ((الشورى) والذي يضم نحو عشرين من أعضاء الميليشيات، وبضمنهم أقرباء، منهم إثنان –وهما سعد وحمزة- إبنا أسامة بن لادن.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الأميركيين نادراً ما تحدثون علناً حول هؤلاء، فإن رجال الميليشيات هؤلاء يعتبرون جزءا من إرهابيين خطرين جداً في العالم.
ويقول (جوناثان كارل) إن (عادل) أحد الواردة أسماؤهم على قائمة الـFBI للإرهابيين المطلوبين بشكل أساس والمشتبه بمشاركتهم في تفجيرات سنة 1988 لسفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا. ووضعت الخارجية الأميركية 5 ملايين دولار، تدفع مكافأة لمن يقدم معلومات توصل الى (عادل) بموجب برنامج العدالة: والأشخاص الذي تقدم مكافأة لمن يقبض عليهم هما (أسامة بن لادن) ونائبه (أيمن الظواهري).
وكانت السلطات الإيرانية قد احتجزت أعضاء ميليشيات القاعدة المشار إليهم منذ سنة 2003، وهم يعيشون في ما يسمّيه مسؤول أميركي ((إقامة جبرية حرة)) في إيران منذ ذلك الوقت. وأرسلت الحكومة الأميركية بشكل هادئ الى إيران من خلال الحكومة السويسرية، مطالبين بتسليم هؤلاء الأشخاص الى بلدانهم الأصلية لإغراض التحقيق والمحاكمة، لكن إيران رفضت.
وفي الماضي يقول محللو شبكة الأخبار إن الإيرانيين رفضوا محاولات بذلت من قبل القاعدة لإطلاق سراح المحتجزين. ولكن في الوقت الحاضر، هناك جهد يبذل مجدداً من قبل القاعدة لمناقشة إطلاق سراح هؤلاء وتوقع أن الإيرانيين راغبون في الأقل بالتحدث حول ذلك.
وفي السياق نفسه، تقول شبكة الأخبار إن مسؤولاً كبيراً في وزارة الدفاع الأميركية قال إن ((القاعدة تود أن يكون هؤلاء الناس صفقة، وهم يحاولون عمل صفقة)). وأضاف: ((لحد الآن هناك جهد أكبر يطبق من قبل القاعدة بحثاً عن حل)) وعلى الرغم من إيران قد ألمحت الى أنها ستناقش مثل هذه القضية، إلا أن مسؤولاً أميركياً يؤكد قوله: ((انا لا أرى الحكومة الإيرانية راغبة بإنجاز ذلك سريعاً)).
وكانت آخر التقارير الدفينة داخل وزارة الخارجية الأميركية، تقرير بشأن الإرهاب كشف عنه النقاب في شهر نيسان من هذه السنة، وكان يعتبر أحد البيانات المسجلة من قبل الحكومة في واشنطن بخصوص هذه القضية. وأشار ذلك التقرير الى أن ((إيران قاومت بشكل متكرر عدداً من المطالبات لنقل مهمة اعتقال المحتجزين التابعين الى القاعدة الى بلدانهم الأصلية أو بلدان ثالثة لأغراض التحقيقات والمحاكمة. لكن إيران أيضا استمرت في إخفاقها في السيطرة على بعض أعضاء القاعدة الذين هربوا الى إيران بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان)).