أثار قرار المملكة العربية السعودية الأخير بزيادة انتاجها من النفط الكثير من اللغط، ففي الوقت الذي قالت فيه المملكة إن قرارها يهدف إلى الحد من لهيب الاسعار الذي أصبح يورق مضاجع دول العالم المتقدم ويعصف باقتصادها، قال باحث وناشط أمريكي إن قرار الرياض يهدف إلى مواجهة الطموح الإيراني في العراق.
ونقلت (وكالة أمريكا إن أربيك) عن باحث وناشط أمريكي بارز في مجال الأمن والطاقة قوله: إن موقف الرياض وراءه رغبة سعودية في دعم موقف السيناتور جون ماكين، المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية، الراغب في البقاء بالعراق لفترة أطول .
مناشدة كي مون
جاء قرار السعودية زيادة الإنتاج في أعقاب قبول العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز مناشدة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد أن أدى تصاعد أسعار النفط الى إحتجاجات وإضطرابات في أنحاء العالم من أسبانيا الى كوريا الجنوبية.
وإجتمع بان كي مون مع الملك عبد الله في قصره بجدة مساء السبت لأكثر من ساعة طغى خلالها موضوع أزمة الطاقة على محادثاتهما. ونقلت صحيفة “ذي إنديبندينت” البريطانية على الأمين العام للأمم المتحدة قوله:” إن العاهل السعودي شاطره قلقله من أن أسعار النفط مرتفعة فوق العادة مع أنه ألقى باللوم على السياسات القومية في الغرب في إرتفاع الأسعار.
وقال مون إنه تلقى قبل مغادرته لندن مكالمة هاتفية من وزير النفط السعودي علي النعيمي أبلغه فيها إن المملكة قررت زيادة إنتاج النفط بـ 200 ألف برميل يومياً إعتباراً من الشهر المقبل ليبلغ انتاج المملكة 9.7 مليون برميل يومياً وهو ما يعتبر أعلى مستوى إنتاج في تاريخ المملكة.
وقال النعيمي إن السعودية تستجيب بذلك لطلبات ما بين 30 و60 بلداً مستهلكاً للنفط. وإنضمت مجموعة الدول الثماني الغنية أمس ممثلة بوزراء ماليتها الذين إجتمعوا في طوكيو أمس الى جوقة مناشدي السعودية زيادة الإنتاج.
وكان الرئيس جورج بوش صرح لصحيفة “ذي تايمز” اللندنية بأنه لا يمكن خفض طلب المستهلكين على النفط بين عشية وضحاها، قائلاً إن ثمة وسيلتين لخفض أسعار النفط هما إما زيادة الإنتاج أو خفض الطلب عليه.
وقال مون إنه سأل وزير النفط السعودي هل ستكون زيادة الإنتاج كافية لتحقيق إستقرار السوق؟ فأجابه بأن على المستهلكين وغيرهم أن يقوموا بدورهم أيضاً.
المرشح الجمهوري جون ماكين
وطار الأمين العام للأمم المتحدة الى مدينة جدة بعد أن اجتمع مع رئيس الوزراء البريطاني جوردن برون فيما كانت بريطانيا تشهد إحتجاجاً من سائقي صهاريج النفط وحذر مون من أنه ما لم تجر السيطرة على أسعار النفط المتصاعدة فسيكون لذلك عواقب إقتصادية وإجتماعية إضافة الى خلق عدم إستقرار سياسي.
قلق سعودي
ولكن بدا أن السعودية قلقة من أن الأسعار القياسية للنفط التي بلغت الجمعة أقل قليقلاً من 135 دولارأ اميركياً للبرميل يمكن ان تخفض النمو الإقتصادي في البلدان الصناعية الغربية ما سيؤدي بدوره الى خفض الطلب على النفط وهو ما سيلحق بدوره الضرر بالمملكة وبالدول الخرى الاعضاء في “اوبك”، ومن شأن خفض الاسعار ان يقلل العوائد المالية لهذه الدول من صادرات النفط الخام، الامر الذي من شأنه ان يبطيء عجلة نموها الاقتصادي.
يذكر أن إحتجاجات على غلاء أسعار النفط عمت كافة أنحاء العالم في الآونة الأخيرة، وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن العاهل السعودي إتفق معه في أن أسعار النفط والغذاء مرتبطين إرتباطاً وثيقاً بقضية الفياضانات والقحط الناجمة عن التغير المناخي وينبغي التعامل معه بطريقة شاملة.
ومع أن السعودية خضعت لضغوط من إدارة بوش لتزيد من إنتاجها النفطي فإن السعوديين يجادلون بأنه على رغم أن سعر النفط قد قفز الى مستوى 140 دولاراً للبرميل في الآونة الأخيرة فإنهم يكسبون عوائد أقل من حيث القيمة الحقيقية بالنظر الى هبوط قيمة الدولار.