هل سبق وفكر احدنا ما ناتج طرح الزمان من المكان؟؟. سؤال طرحته علينا زميلة ربما دون أن تدرك أنه السؤال الأهم في مثل هذه الأيام.. نعم اجبناها استنادا إلى النظرية النسبية التي اكتشفها العالم الالماني ألبرت أينشتاين وهي التى تفيد أن الجواب الامثل هو اللا شيء أو العدمية وهو ما يطلق عليه الزمكان. نعم نحن لسنا خبراء فيزيائيين، كما اننا لسنا متعمقين في النظرية النسبية أو ما يشتق منها تحت اسم ” الزمكان ” ذلك المصطلح المنحوت من كلمتي ( الزمان والمكان )، حيث اكد أينشتاين في نظريته أن الزمان هو البعد الرابع لثلاثية المكان، وهنا قد يسأل سائل ما علاقة تلك النظرية الفيزيائية بموضوعة المقال وهي حول الإصلاح هل هو ضرورة أم حتمية؟؟. العلاقة ببساطة شديدة هي علاقة نسبية تجاذبية ذات أبعاد موضوعية تؤكد أن لكل شيء أبعاده الحتمية، فإنْ كان مشروع الإصلاح في الواقع البنيوي للمؤسسة الوطنية، يفيد بضرورة التغيير، دون التوصل إلى قناعة الحتمية، ففي ذلك تكمن العدمية أو الوصول إلى اللا شيء، وهو إشكال لم تتضح بعد كيفية التعاطي معه، إذ أن معايير الإصلاح القائمة حتى الان على كشف الفساد المالي، والإداري، ومحاربة التسيب الوظيفي، لا يمكن لها أن تكتمل طبقا للوقائع والأحداث دون تواجد البعد الأهم من تلك الثلاثية وهو البعد الرابع، بًعد الحسم أو القرار، فمن دونه لا يستقيم مشروع الإصلاح، ولن تستوي العلاقة الجدلية بين الزمان والمكان، أو ما يمكن تسميته في حالتنا تلك بالعلاقة الجدلية بين الشعار والممارسة، وهي علاقة تلازمية اساسية لا يمكن فصلها، حيث لا نستطيع بأي منهما بلوغ الهدف دون الاخر. وهنا لابد من الإعتراف أن التغيير المنشود لا يمكن أن يتأتى من أرضية فاسدة وعاجزة ومترهلة، إن لم يؤسس مثل ذلك الوضع الشاذ إلى ترسيخ مفهوم تغيير الفساد كوجوه وليس كثقافة يجب إقتلاعها من جذورها، ما يُصعب علينا التكهن بمصير عملية الإصلاح برمتها، حيث يكمن ثمة قلق في صدور العامة من وجود هدف غير معلن يحوم في الافق حول إمكانية محاكمة وجوه الخطيئة وترك الخطايا، الشيء الذي يؤشر بحلول مبدأ المفاضلة العدمي بين السيء والأسوأ، محل الحزم في اتخاذ القرار. نعم لا أحد منا يقلل من الجهود المبذولة باتجاه بلوغ الإصلاح، ولكن لان النضال نضال حق ، جدير بنا أن نعلق الجرس ونعلي الصوت، سيما وأن حرب الفساد حرب مقدسة لا تراجع عنها، ليس لاننا هكذا نرى، وإنما لان طبيعة الأمور هكذا تقول: طالما هناك حق وباطل سيكون هناك صراع ونضال، وفي ذلك دور لنا جميعا.. السنا أصحاب القضية؟. ألسنا من تجرع مرارة السنين ونحن نضع اللبنة الأولى في المشروع الوطني؟. أليس الوطن لنا جميعا؟. ألم يتزوجه بعضنا زواجا كاثوليكيا من اجل رفعته؟. إن لم يعطنا كل ذلك حق النزال، فما قيمة وجودنا في هذا الوطن؟؟. وما هدف نضالنا منذ البدء؟؟ مخطىء من يعتقد أن النضال الأشرس هو ضد المحتل، فالمحتل كبرت قوته أم صغرت هو عدو بيًَن، واما الخطر الدائم فإنه في ذلك العدو المخفي بين ظهرانينا. إن بلوغ الإصلاح المأمول ممكن ومستحيل في آن واحد.. ممكن جدا بدليل انه حدث ويحدث من آن إلى آخر هنا وهناك، شرط أن نعتبره ضرورة حتمية وليس شكلية تجميلية.. ومستحيل جدا إن لم نخرجه من نظرية المؤامرة، وتصفية الحسابات وتغيير الوجوه ومراكز القوى. ما يؤكد اننا بحاجة ماسة إلى ضبط الإنفعال وعدم الانجرار وراء التكهنات، لا لشيء إلا لكون عملية الإصلاح عملية تدريجية تراكمية، لا يمكن لها أن تلغي الماضي بجرة قلم، وانما أن تجفف المحيط وتخلي الواقع من كل عقبة، وهنا يأتي الدور الفاعل للقاعدة المصنفة دون تصنيف، إذ يعرف الناس في ثلاثة اصناف، اولهم: يصنع الأحداث ويحركها، والثاني يشاهد الحركة ويمط شفتيه، والثالث يتساءل ماذا حدث ويحدث؟.
بقلم: أحمد زكارنة