محمدعبدالرحمن
في تحقيق لها عن مسيرة قناة الحرة الأمريكية الموجهة إلى الجمهور العربي خلصت
محمدعبدالرحمن
في تحقيق لها عن مسيرة قناة الحرة الأمريكية الموجهة إلى الجمهور العربي خلصت (الواشنطن بوست) إلى أن هذه القناة قد عجزت بعد أربع سنوات على إنطلاقها عن تحقيق هدفها المتمثل بتلميع صورة أمريكا في العالم العربي .الواشنطن بوست نقلت أرقاماً إحصائية عن جهات أمريكية متخصصة باستطلاعات الرأي تفيد بأنّ نسبة متدنية جداً من المشاهدين العرب الذين استطلعت آراءهم يشاهدون برامج قناة الحرة ، ففي حين استحوذت قناة الجزيرة (مثلا) واستناداً لهذا الإستطلاع الذي أجرته (مؤسسة زغبي إنترناشيونال ) على نسبة 54% من أصوات المستطلعين لتتقدم على قناة العربية التي حازت على نسبة 9% جاءت قناة الحرة قريبة من القعر بما نسبته 2% فحسب من اهتمام المشاهدين العرب.المسوحات هذه توضح أنّ جهود وعـرق وخطط ودعاية وأموال ما يزيد على الأربعة أعوام من عمر الحرة قد ضاعت أدراج الرياح ، وإذا ما عرفنا بأن أكثر من (350) مليون دولار هي التكلفة التي تم صرفها إلى الآن على قناة الحرة من جيوب دافعي الضرائب الأمريكان نكون بأزاء مشروع أمريكي استثماري أقل ما يقال عنه أنه فاشل شكلا ومضموناً وجملة وتفصيلا وبدءً وانتهاءً.أما للإجابة على السؤال : لماذا هذا الفشل المزري ؟ ، فبرامج قناة الحرة بطواقمها تتحدث عن نفسها بنفسها ، ولعل في إسم القناة ذاته ما قد يثير استفزاز المشاهد قبل أي شيء آخر ، إذ أنّ وقع مفردة (الحرة) على مسامع المشاهد له طابع المقارنة وغالباً ما يحض على التساؤل الإستنكاري عما إذا كانت بقية القنوات (عبْـدة) ، فأنت عندما عندما تقول لي : دعنا نشاهد (الحرة) الأمريكية تكون كمن يريد متقصداً وصم القنوات الإخبارية الأخرى (بالعبودية) ، وهذا بالضبط ما تكتشفه ما أن تشاهد نشرة الحرة الإخبارية ، فهي متخصصة بذر الرماد في العيون تحت يافطة (حرية نقل المعلومة) ، إذ أنّ نشرة أخبار الحرة إذا ما احتوت على عشر (معلومات) فتسع منها ستكون صحيحة ودقيقة إنما هامشية وغير ذات أهمية ولا تعلق في ذهن المتلقي العربي في مقابل معلومة واحدة مهمة إنما ملتبسة ومفبركة ومشوهة ومحرفة ومسيسة ومؤدلجة بما يخدم الدعاية الأمريكية وهذا ما لا يفوت على المشاهد العربي المعني بالأخبار لا فحسب بدليل النسبة شبه الصّـفريـّة التي استحصلتها من اهتمامه (2%) ولكن بدليل النسب العالية التي استحوذت عليها قنوات عربية إخبارية بعينها من هذا الإهتمام.على أنّ واحداً من بين أهم الأسباب التي أدت إلى إعراض المشاهد العربي عن قناة الحرة هو (ثبات) الصورة النمطية السلبية الأمريكية في مخيال المتلقي العربي ، وهذه في الواقع مشكلة المشاكل التي يواجهها القائمون على الدعاية الأمريكية في المنطقة العربية ، لا بل إنّ الأسباب التي تعزز وترسخ وتجذر من ملامح هذه الصورة السلبية النمطية الأمريكية في ذهن المواطن العربي عموماً هي أكثر بكثير من تلك الأسباب التي يمكن أن تؤسس لإنطباعات ومواقف مغايرة ، وهذا ما أضاف على كاهل الحرة عبئاً مضافاً لا قبل لها على تحمل أوزاره وتبعاته خصوصاً وأنّ الأداء السياسي الأمريكي العام تجاه القضايا العربية المزمنة كما الطارئة لا يقدّم لدعائيي قناة الحرة سوى تلك الأخبار السوداء التي لا تجدي معها نفعاً عمليات التجميل والترقيع والتلميع من فرط قبحها وحلكتها . وهنا ، ومن قبيل الأمثلة الفاقعة ، فحتى لو انطوت قناة الحرة على عبقريات وفلتات إعلامية ترويجية (غوبلزيّـة) فلن يمكـّنها ذلك من تسويق الإنحياز الأمريكي السافر للباطل الإسرائيلي في الشارع العربي وهذا أيضاً ما ينطبق على الحالة العراقية الراهنة فإنّ مليون غوبلز في قناة الحرة وغير الحرة لن يزحزحوا المتلقي العربي لا عن موقفه الراسخ من الإحتلال الأمريكي للعراق ولا عن قراءته الرافضة الهازئة لبدعة (ديمقراطية الطوائف والمذاهب) وما إلى ذلك من شعارات الفوضى الأمريكية الهدامة في الشرق الأوسط ، غير أن الحرة وكما تقول سيرتها بشهادة الواشنطن بوست بالكاد تحتوي على نفر من المهنيين الدعائيين العرب الذين لم يجدوا بـُداً أمام استحالة اختراق العقل العربي بفبركاتهم التجميلية سوى الأتجاه نحو مصالحهم الشخصية في جو يغلب عليه طابع الشللية والمحسوبية ولهاث الموظفين المستجدين في قناتهم الفاشلة وراء (الغرين كارد).هذا هو مآل الحرة بعد أربع سنوات من التطبيل والتضليل وبعثرة مئات الملايين من الدولارات : قناة مياه (غرينية) ملوثة تصب في مبزل العدم .