لعل أحزاب اللقاء المشترك توصلت إلى قناعة، أن النظام الحاكم لن يسعى بأي حال إلى إصلاح البلاد،أو حتى القبول بأقل ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية مستقبلا في العملية الانتخابية وكذا أوضاع البلاد المتفجرة في صعده والمحتقنة في الجنوب بعد حراك دام 8 أشهر ثم قمع بالقوة.
فقد بات من الواضح أن المعارضة السياسية اليمنية تلعب خارج سياقات الممكن والقدرة على المناورة والضغط وفاقدة لإمكانية الفعل المؤثر ،وممكنات خلق وسائل وطرق جديدة لإرغام النظام السياسي على الرضوخ لمطالبها العادلة التي ظلت تحاوره من أجلها فيما يمارس معها لعبة التنصل المستمر وتسريب الإشاعات المضادة لها عبر صحف مستلقة ذات مصداقية نسبية كالتفاف على الحوار واتهامها بالتنصل عنه والمساومة بقضايا الشعب .
وإذا كانت البلاد تعيش مرحلة من أسوء مراحلها حيث تتنامى المشاكل باضطراد سريع ومتواتر والموت كما يبدو هو الصفة المميزة لليمن ،ولهذه المرحلة الحرجة التي يمر بها خصوصا ،القتل الذي يحدث في صعده وبني حشيش و تململ الجنوب إذ يمكن التأكيد أنه ليس من باب التشاؤم القول أن هذا القتل سيستمر مادام السلطة عنونة لهذه المرحلة كما يبدو بالدم والرصاص والرفض للاستجابة للصوت العقل .وهو الأمر الذي يستدعي تفسير استمرار الحرب في صعده خمس سنوات ، وانتقالها إلى جوار العاصمة صنعاء..بالإضافة إلى صعوبة العيش وارتفاع الأسعار وتنامي مد البطالة ،كما أن حملات الاعتقال التي جرت مؤخراً والتي طالت قادة الحراك الجنوبي ونشطاء الرأي والصحافيين تعبر بشكل واضح عن قلق السلطة وخوفها من تداعيات الأزمات التي أنتجتها والضغوطات التي تعاني منها على الوضع الداخلي المأزوم ،إلا أن ذلك القلق لم يدفعها باتجاه جعل الحوار مع المعارضة يؤدي نتائج عملية إيجابية ،كما يدل على أن الانتخابات النيابية القادمة والخوف من نتائجها يمثل قلقا آخر، أربك النظام الحاكم وحال دون أي إصلاح جدي لآلياتها كمنظومة متكاملة تلوح المعارضة بمقاطعتها إذا لم يؤخذ بها كاملة.
فقد عكس سلوك النظام مع المعارضة وطريقة حواره معها ، هدفا مركزيا يكاد يكون وحيدا يتمثل في الحفاظ على ذاته وإعادة إنتاجها بغض النظر عن الثمن الوطني والاجتماعي الذي يمكن أن ٌيدفع في حال استمراره حاكما، أو في جعله الأوضاع كما هي دون أي إصلاح حقيقي ملموس ، وكان رئيس المجلس الأعلى للمشترك، الأمين العام لحزب الإصلاح اتهم السلطة بأنها وراء الأزمة التي تعيشها البلاد والتي قال أنها تدفع به نحو الكارثة المزلزلة حاضرا ومستقبلا، ، بسياساتها وأساليبها وممارساتها الخاطئة. وأنها عملت على تغييب أبعاد الحكم الجماعي الشوروي، وحضور المزاجية والفردية، وتهميش المؤسسات وتسخير المال العام والوظيفة العامة في خدمة المصالح الشخصية، وإطلاق يد العبث والفساد، واستحواذ حفنة من المتزلفين، والمقربين منها على الثروة، على حساب الكفاءات الوطنية، ومطالب الأغلبية من المواطنين”.
لم تفلح إذا أحزاب المشترك المعارضة أن تنجز شيئا ، الأمر الذي جعلها تبدو من الضعف بحيث لا تستطيع إثبات أنها قادرة على تحويل مسار الأحداث وإيقاف تنامي الأزمات من خلال الضغط على النظام السياسي الذي ينتجها كوسيلة فعالة لتفويت فرص تقدم المعارضة في المضي قدم على إرغامه إصلاح المنظومة الانتخابية خصوصا مع اقتراب الانتخابات النيابية القادمة .
أنسداد سياسي مخيف وأزمات متفاقمة، حرب في الشمال، واحتقان في الجنوب يحتمل خروجه عن طور الحركة السلمية المعتادة ، بعد أن وجد أنه محاصرا ربما ليخرج في شكل لا يتمنى أحدا حتى الجنوبيون أنفسهم أن يخرج به.
*صحافي يمني