بقلم/ د. رفعت سيد أحمد
إذا كانت اتفاقية كامب ديفيد (1979) بين الحكومة المصرية والكيان الإسرائيلي، نقطة تحول خطيرة في مسار الصراع العربي الصهيوني، أدت إلى سلبيات عديدة كان أبرزها إخراج الدور السياسي القيادي لمصر من عروبته، وخلع مركزيتها، وإلحاقها تدريجياً بالاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وإذا كانت اتفاقية الكويز الاقتصادية (الموقعة يوم 14/12/2004) تمثل مرحلة ثانية خطيرة في مسار التطبيع الاقتصادي المؤثر سلباً على الاقتصاد والسياسة المصرية ولعقود قادمة، فإن توقيع اتفاقية توصيل الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني الموقعة في (30/6/2005) والتي بدأ تنفيذها فعلياً في فبراير هذا العام (2008)، تمثل مؤشراً لمرحلة من الانهيار الكبير للدور العربي لمصر، اقتصادياً وسياسياً واستراتيجياً، مرحلة وصل فيها تدهور الدور المصري حداً أن تصبح الشقيقة العربية الأكبر، ذات التاريخ من النضال والتضحيات في مواجهة الغزوة الصهيونية هي الممول الأول لاستمرار حياة هذا الكيان العدواني، وهي الحارس لأمنه، والمغذي لشرايين اقتصاده: من صناعة النسيج وصولاً إلى الغاز مروراً بالسياحة وباقي مجالات التجارة والاستثمار، وبدلاً من أن يكون هذا الدعم لأشقائنا الفلسطينيين في غزة المحاصرة يذهب إلى تل أبيب في مفارقة مخجلة!!
* إن ما جرى، ولا يزال يجري بشأن هذه الاتفاقية الخطيرة، يعد في تقديرنا، مقدمة لانهيارات أخرى مقبلة لهذا الدور المصري المفترض في المنطقة، وقبل أن نناقش تفاصيل ودلالات ومستقبل هذه الاتفاقية.
فلنؤكد أولاً على جملة من البديهيات السياسية التي رغم وضوحها صار البعض يتجاهلها عمداً خاصة من إعلامي الأنظمة والحكومات.
* * * (1) * * *
أول البديهيات: أن أصل الداء الذي فتح المجال لمثل هذه الاتفاقيات هو اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام (1979) بين الحكومة المصرية والعدو الإسرائيلي، وأن ما احتوته من بنود سرية وشروط مذلة ومحجة للأمن القومي المصري، هي التي مهدت الأرض لعقد العديد من الاتفاقيات وفرضت على النظام المصري الرضوخ المستمر لها، رغم أن القانون الدولي يبيح لمصر وبعد مرور 25 عاماً من توقيع أي اتفاق دولي أن تعيد النظر فيه بل أحياناً أن ترفضه كاملاً وهذا ما لم يتم حتى اليوم.
ثاني البديهيات: من المفترض أن لمصر دوراً عروبياً وإسلامياً، وهو دور فرضته الجغرافيا والتاريخ وليس فقط المصالح، وعقد مثل هذه الاتفاقات يقلص إن لم يقض على هذا الدور، خاصة أنها تعقد وتنفذ دونما مقابل سياسي يستحق (من قبيل إعادة بعض الحقوق الفلسطينية المهدرة) بل أحياناً بلا مقابل اقتصادي فعلي كما سنرى عند مناقشة بنود اتفاقية الغاز، إننا إذن أمام انتكاسة كبيرة لهذا الدور المصري الذي يتطلب إدارة وإرادة فعالة تقوده وتوجهه، وتحدد أولوياته.
ثالث البديهيات: تنفيذ هذه الاتفاقية (بدأ في فبراير من هذا العالم 2008 كما اشرنا سلفاً) يتم في الوقت الذي يشتد فيه الحصار العربي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، وتقطع فيه الكهرباء ويمنع فيه ضخ النفط ومشتقاته إلى أهل غزة، فيتحولون إلى الحياة البدائية في أسوأ أوضاعها، إن (العار) هي الكلمة المخففة لوصف هذه الازدواجية الخطيرة في التعامل مع قضية تصدير الغاز ومن قبله النفط عن طريق نفر من رجال الأعمال وفي مقدمتهم رجل الأعمال والذي كان من قبل رجل مخابرات سابق (حسين سالم) والذي يتردد أنه صديق مقرب لشخصية رسمية كبيرة في مصر وأن ما قام به من دعم للكيان الصهيوني عبر اتفاقات للنفط في أوج حرب لبنان كان بعلم وطلب من تلك الشخصية التي كانت تظن أن هكذا دعم سوف يرضى عنها واشنطن، وهو دعم دفع إسرائيل للمطالبة بتكريمه كشخصية صديقة لإسرائيل!!
* تلك البديهيات، لم تعد كذلك، لدى البعض من نخبتنا السياسية والإعلامية بل انقلبت رأساً على عقب، ومع هذه الاتفاقية تحديداً باتت تحتاج إلى إعادة تثبيت خاصة والاتفاقية ـ كما سبق وأشرنا ـ خطيرة ومؤسفة إلى حد الإهانة لدور وتاريخ ورسالة مصر العربية. فماذا عنها؟
* * * (2) * * *
في البداية تحدثنا الأرقام والحقائق المتاحة عن احتياطي الغاز المصري وتفاصيله المهمة أن احتياطي مصر المعلن حكوميا من الغاز يساوى 1% من احتياطي الغاز العالمي(المعلن حكوميا 75 تريليون قدم مكعب بينما تقرير الخبير العالمي وود ماكينزى في يناير 2008 هو 28 تريليون قدم مكعب غاز)، وأن نصيب الفرد من الطاقة (ط.ب.م/فرد)0.83 في مصر 1.24 في الأردن 7.62 في الولايات المتحدة الأمريكية يعنى مصر مازالت بعيده جدا عن التشبع.
ومن المفيد معرفة أن مصر تشترى كل حصة الشريك الأجنبي من إنتاج الغاز الطبيعي بسعر حد أدنى 2.65 دولار لكل مليون وحده حرارية بريطانية.
·الغاز الطبيعي ملك مصر 100% إنتاج أبو ماضي وأبو قير وتم بيع أبو قير(إنتاج أبو قير حوالي 170 مليون قدم مكعب يوميا سيباع لمصر بسعر 6 دولار لكل مليون وحده حرارية بريطانية)؟؟؟وما تبقى لا يصل 0.2 % من إجمالي الإنتاج.
·يتم تصدير الغاز الطبيعي من شبكة الاستهلاك المحلى أي بعد المعالجة ومدعم إلى كل من (أسبانيا وإسرائيل والأردن) إجمالي المتعاقد عليه للتصدير هو 18 تريليون قدم مكعب غاز). ويتم التصدير الى أسبانيا بسعر 0.75 سنت لكل مليون وحده حرارية بريطانية وبسعر 1.25 دولار لكل من الأردن وإسرائيل أما (شركة رشيد) فتشترى مصر كل الغاز الطبيعي وحصة الشريك ثم تسلمه لمصنع الإسالة بنظام صافى العائد علما بأن الجانب المصري غائب عن رقابة أي خطوه.
وتؤكد الحقائق الجديدة أن زيادة استهلاك المازوت في توليد الكهرباء على حساب الغاز الطبيعي هو إهدار للمال العام ويتوجب إيقافه فورا (مليون وحده حرارية بريطانية من المازوت تساوى عشرة دولارات بينما يتم تصدير نفس الكمية مقابل 0.75 سنت أو 1.25 دولار)، وتضيف الحقائق الجديدة أيضاً أن شركة Novatic الروسية برأسمال إسرائيلي أخذت امتياز منطقة العريش التي يمر فيها خط الغاز إلى إسرائيل بينما المتعارف عليه أن كل المناطق الحدودية تمنح للشركة العامة للبترول لأسباب أمنيه وهو ما لم يتم مع الصفقة الأخيرة المر الذي سيؤدي إلى أضرار مستقبلية على الأمن القومي لمصر.
* * * (3) * * *
أما عن تفاصيل صفقة الغاز فإن الأرقام المحايدة تقول أن مصر اتفقت مع إسرائيل عام 2005 وعبر شركات خاصة على تقديم الغاز الطبيعي المصري لهذا الكيان المعادي بأسعار تبلغ نحو 43% من سعر السوق العالمية آنذاك، علماً بأن هذا السعر هو سعر وصوله إلى هذا الكيان شاملة تكاليف النقل والتأمين، ولم تشر الاتفاقية إلى تحريك السعر بما يعني أن السعر من المفترض أن يظل ثابتاً لمدة 15 عاماً قابلة للمد 5 أعوام أخرى، وإذا كان سعر تصدير الغاز المصري لإسرائيل 1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، ترفع إلى 2.65 دولار بإضافة لتكاليف النقل والتأمين، فإن السعر في السوق الدولية كان 6.2 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عند عقد الاتفاق، في حين كانت الأسعار الآجلة للغاز عند عقد الاتفاقية في منتصف عام 2005 تشير إلى أن سعر المليون وحدة حرارية بريطانية سوف يرتفع إلى 13 دولار في يناير 2006 بما يعني أن الأسعار تأخذ اتجاهاً صعودياً بالغ القوة يفرض على أي مفاوض أن يأخذ ذلك في اعتباره، وللعلم فإن سعر تصدر الغاز لإسرائيل يعني أن الغاز الطبيعي الذي يكافئ برميلاً واحداً من النفط يخرج من مصر بسعر 8.7 دولار، ويصل إسرائيل بسعر 15.4 دولار في وقت يصل سعر مكافئ برميل النفط من الغاز نحو 52.2 دولار في صفقة تصدير الغاز من روسيا لأوكرانيا، وهو سعر تغير سنوياً، بينما يصل السعر في السوق الدولية إلى 54.5 دولار.
وفي دراسة مهمة له عن (الانهيار الاقتصادي في عهد مبارك) يقول الباحث الاقتصادي بمركز الدراسات الاستراتيجية بصحيفة الأهرام المصرية الرسمية أحمد السيد النجار أن ما ترشح من معلومات بشأن هذه الصفقة يقول أنه سيتم تصدير نحو 160 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً إلى إسرائيل أي ما يوازي نحو 1.7مليار متر مكعب من الغاز في العام لمدة 15 عاماً قابلة للمد إلى 20 عاماً. كما تم الإعلان عن أن هذا التصدير سيتم من خلال خط أنابيب يمتد من الشيخ زويد إلى عسقلان.
ووفقاً لهذا الإطار الذي تم إعلانه فإنه سيتم تصدير نحو 25.5 مليار متر مكعب من الغاز إسرائيل على مدار 15 عاماً بقيمة 2.7 مليار دولار بواقع 10.6 سنت أمريكي لكل متر مكعب كأسعار ثابتة على مدار الـ15 عاماً ،أي ما يوازي 16 دولار لكميات الغاز المكافئة لبرميل واحد من النفط، حيث أن برميل النفط يكافئ 152 متر مكعب من الغاز الطبيعي. وهذا السعر يعني أن سعر المليون وحدة حرارية بريطانية (برميل النفط يساوي 5.8 مليون وحدة حرارية بريطانية)، سوف يكون نحو 2.8 دولار. وهذا السعر هو بمثابة كارثة وسطو صريح على موارد مصر، لأن السعر الآني لمليون وحدة حرارية بريطانية في سوق لندن هو 6.2 دولار، بينما تبلغ الأسعار الآجلة للشحنات التي تستلم في يناير 2006 نحو 13 دولار (راجع: النشرة الشهرية لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط “أوبك”، يوليو 2005، صـ16)، فكيف يمكن تثبيت السعر لمدة 15 عاماً عند مستوى 2.8 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية؟!
هذه الاتفاقية من وجهة نظر الخبراء تقدم نموذجاً لإهدار موارد الشعب المصري وإمداد دولة معادية بها بأبخس الأثمان على حساب مستقبل مصر وقوت أبنائها.
ومثلما تهربت الحكومة المصرية من عرض اتفاقية الكويز على مجلس الشعب فإنها تهرب هذه المرة أيضاً مستخدمة نفس الادعاء بأنها ملحق لاتفاقية التسوية السياسية المعقودة سنة 1979 بين إسرائيل وبين نظام حكم الرئيس السادات الذي قتل عام 1981، وهو ادعاء غير صحيح تم اختلاقه لتبرير العدوان الغاشم من السلطة التنفيذية على حقوق الشعب ونوابه.
وقد بررت الحكومة هذا الاتفاق بأنه يستهدف تنويع أسواق تصدير الغاز، ولكن هذا التبرير يفتقد لأي مصداقية لأن أسواق الغاز طولاً وعرضاً مفتوحة أمام صادرات مصر من الغاز كمصدر للطاقة النظيفة والغير ملوثة للبيئة، ولن يتوقف الأمر على السوق الإسرائيلية الصغيرة والمعادية للأمن القومي المصري والعربي في آن واحد.
* * * (4) * * *
في مواجهة الصفقة كانت هناك تحركات واعتراضات شعبية واسعة، انطلقت من البرلمان ووصلت إلى الشارع ومنظمات المجتمع المدني وبخاصة لدى حركة الإخوان المسلمين التي تفاعلت مع موجات الغضب الشعبي عبر المشاركة في المظاهرات، وعقد المؤتمرات في غالبية أنحاء مصر، أما في البرلمان المصري فقد تقدم 50 نائباً معارضاً بطلبات إحاطة وطالبوا بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل والذي سيصل كما قالت أوراقهم إلى 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً لمدة عشرين عاماً بأسعار تقل بكثير عن الأسعار العالمية وأنها ستظل ثابتة وغير متحركة وفي ذلك ظلم كبير للحقوق الاقتصادية للشعب المصري، وأن شركة (أي إم جي) هي المكلفة بذلك، وأن هذه الشركة مجرد غطاء وهمي للحكومة المصرية وأن الغاز قد بدأ ضخه بالفعل ليس في مارس الماضي بل فبراير/ شباط (2008). * ولعل الموقف العملي المهم الذي تم في سياق مواجهة هذه الاتفاقية هو ما قام به المحامي المعروف ( وكان سفيراً سابقاً في وزارة الخارجية المصرية) إبراهيم يسري، عندما قام برفع دعوى قضائية ضد وزير البترول المصري مطالباً إياه بإلغاء هذه الاتفاقية وإيقاف ضخ النفط والغاز إلى العدو لأن ذلك يتعارض والمصلحة المصرية المباشرة فضلاً عن المصلحة العربية ونظراً لأهمية الدعوى التي تضامن معها العديد من الهيئات الشعبية في مصر وسيبدأ تداولها في المحاكم ابتدءاً من يوم 24/6/2008من المهم إيراد أبرز ما ورد في نص عريضة التظلم أو الدعوى لأنه مهم من الناحية القانونية والسياسية والذي جاء فيه:
[اتصل بعلم المتظلم الموقع أدناه (أي المحامي إبراهيم يسري) أنه بموجب ما سمي بمذكرة تفاهم وقعت علي المستوي الوزاري بين مصر و إسرائيل و تتعهد فيه مصر بتوريد الغاز الطبيعي لإسرائيل بسعر منخفض للغاية لا يتجاوز دولارا و ربع في حين أن قيمته السوقية حاليا تزيد علي 9 دولار، و حيث أن هذه المذكرة لا ترقي إلي المعاهدة الدولية و يلحقها البطلان المطلق وفقا لأحكام المادة 151/2 من الدستور ، و بالتالي لا تصلح كأساس قانوني يستند عليه تعهد مصري يهدر الثروة البترولية المصرية بسعر بخس.
و حيث علم المتظلم في تاريخه بأن وزير البترول بصفته كان قد أصدر القرار الوزاري رقم 100 لسنة2004 ، و الذي أعتبر سريا و لم ينشر بالجريدة الرسمية حيث أفادت الجهة المختصة بالنشر بعدم ورود القرار لها للقيام بنشره و فقا للأصول المرعية.
وحيث وصل لعلم المتظلم أن القرار يشير في ديباجته إلي قرار مجلس الوزراء في اجتماعه بتاريخ سبتمبر عام 2000 والذي يمنح وزارة البترول ممثلة في الهيئة المصرية العامة للبترول إيجبك الحق في التفاوض والتعاقد مع :شركة غاز شرق المتوسط من أجل بيع 7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لإسرائيل علي مدار 15 سنة قابلة للتجديد و أنه تم توجيه خطاب الي رئيس مجلس إدارة شركة غاز شرق البحر المتوسط جاء فيه أنه قد تم توجيه خطاب إلى الجانب الإسرائيلي جاء فيه أنه من دواعي سرورنا إبلاغ سيادتكم بأن مجلس الوزراء في اجتماعه الذي عقد في 18 سبتمبر عام 2000 قد قرر تحديد أسعار بيع من الهيئة المصرية العامة للبترول في ميناء العريش وغيرها من وحدات قياس الغاز بسعر 75 سنتا وبسعر أقصي دولار وربع الدولار وقد يرتفع إلي دولار ونصف الدولار في حالة وصول سعر خام برنت إلي 35 دولارا أو أكثر. و استند ذلك الاتفاق المشترك – بالإضافة إلي مذكرة التفاهم الباطلة سالفة الذكر و التي يظل النص الكامل لنصوصها محظورا علي البرلمان و الشعب دون مقتضى ، استند أيضا للقانون رقم 20 لسنة 1976 الخاص بالهيئة العامة للبترول وعلي قرار رئيس الوزراء رقم 1009 لعام 2001 الخاص بالشركة المصرية للغاز الطبيعي (إيجاس) وحيث أنه بناء علي هذا القرار قام رئيس مجلس إدارة كل من:
1. شركة إيجبك وهي شركة مصرية مساهمة أسست وفقا للقانون الخاص للمناطق الحرة رقم 8 لعام 1997 ونصوصه التي نشرت في جريدة الاستثمار الرسمية رقم 3573 بتاريخ 31 يوليو عام 2000 وجري الإشارة إلي أهدافها في جريدة الاستثمار رقم 8029 بتاريخ 9 يوليو عام 2004.
2. والشركة المصرية للغازات الطبيعية وهي شركة قطاع عام مائة في المائة ومملوكة للحكومة المصرية وأسست وفقا لقرار رئيس الوزراء رقم 1009 لعام 2001 ويشار إليها احيانا باختصار إيجاس بتوقيع اتفاق لتوريد كميات من الغاز الطبيعي المصدر ونقله وبيعه لإسرائيل عبر شركة غاز الشرق الأوسط .
و حيث أن القرار الوزاري رقم 100 لسنة 2004باطل بطلانا مطلقا بل و منعدم حيث صدر مخالفا مخالفة صريحة وواضحة للدستور و القانون ، و تلحقه العيوب الواردة في الفقرة 14 من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة علي ما سيبينه المدعي و حيث أن الدعم الكبير لإسرائيل المعتدية على الحقوق العربية والذي يؤمنه توريد الغاز لإسرائيل بأسعار رمزية لا تصل إلي عشر السعر العالمي السائد و أن ذلك قد انعكس سلبا علي مصلحة المعلن و غيره من المواطنين المصريين و تجسد ذلك في تقليص الدعم لمحدودي الدخل بزيادة أسعار البنزين و السولار و منتجات بتروكيميائية عديدة.
لذلك أرفع تظلمي من القرار المذكور لما يلحقه من جوانب البطلان و العوار و القصور الواردة بقانون مجلس الدولة و العوار ثم طالب المدعي (إبراهيم يسري) بعدة مطالب كان أبرزها:
1. بإلغاء القرار رقم 100 لسنة 2004 سالف الذكر و توابعه من القرارات و كل ما ترتب عليه من آثار و علي الأخص تلك الاتفاقيات التي ترتبت عليه بين شركات مصرية و إسرائيلية.
2 – ولما كان من نتائج هذا القرار أنه انعكس سلبا علي مصلحة المدعي و غيره من المواطنين المصريين و تجسد ذلك بزيادة أسعار البنزين و السولار و منتجات بتروكيميائية عديدة. و من ثم يلتمس المتظلم إلغاء قرار وزير البترول الأخير برفع سعر البنزين و السولار حيث يمكن تعويضه من رصيد الدعم الذي منح لإسرائيل.
والأمل أن تنظروا في هذا التظلم وأن تتفضلوا بإلغاء هذين القرارين.
* * * * * *
وبعد… هذه الدعوى القضائية، وغيرها من ردود الفعل الشعبية مهمة ولاشك، ولكن الأكثر أهمية هو أن يدرك النظام الحاكم في مصر أن استمرار العمل بمثل هذه الاتفاقية رغماً عن الإرادة الشعبية وفي مقدمتها البرلمان والأحزاب وقوى ومنظمات المجتمع المدني، سوف يضر ضرراً بالغاً بالأمن القومي المصري، بل وبأمن النظام الحاكم ذاته، ولن يستفيد من مثل هذه الاتفاقيات، سوى العدو، الذي بمنحه (الغاز) و(الكويز) والتبادل التجاري والسياحي، نقدم له دماء جديدة لحياة رغدة مريحة في الوقت الذي يموت فيه أهلنا في غزة من الحصار والجوع وغياب الوقود والكهرباء الذي يتحكم فيها العدو، بل إن هذا الجوع والغلاء بدأ يطال أهل مصر، الذين هم أولى بغازهم وبنفطهم من الإسرائيليين مغتصبي حقوق الفلسطينيين، وتلك أبسط قواعد حماية الاستقرار والأمن القومي المصري.
والله أعلم،،،،
E-mail: [email protected]