اعتقد بان دولة الاحتلال الاسرائيلي انما تمارس الخداع في موضوع التهدئة، وهي وخلال الفترة التي سبقت الموافقة على الموضوع مارست خداعا كبيرا بحيث اعتقد البعض بان اسرائيل
مترددة في موضوع التهدئة وقبولها، وقد حاولت اسرائيل الايحاء بان ما هو معروض عليها من شروط انما هي شروط صعبة ولا يمكن قبولها، ومن هنا اخذت تبدو وكأنها مترددة في قبول الموضوع، ويمكن القول ان هذا انطلى على معظم الاطراف إن لم يكن جميع الاطراف التي لها علاقة بالتهدئة بما في ذلك “الشعب الاسرائيلي”، الذي اقتنع بان دولته ترفض الخضوع او “الخنوع” للشروط و”الاملاءات” الفلسطنينية.
الحقيقة ان اسرائيل التي تحاول اظهار نفسها على انها “تشن هجوما” سلميا باتجاه دول الجوار انما هي تفعل ذلك من اجل ذر الرماد في العيون، فلقد تعودنا على ان تكون دولة الاحتلال دولة عدوانية بكل المقاييس منذ نشاتها، وهي ومنذ ان انطلقت فكرة تاسيسها انما انطلقت على اساس من البغي والعدوان، وعليه فلا يمكن النظر الى هذه التوجهات التي تبدو سلمية الا على انها جزء من الخداع الاسرائيلي.
فاحياء المسار السوري السلمي وقبول التهدئة في قطاع غزة ودعوة اسرائيل للبنان من اجل التفاوض حول الاراضي اللبنانية المحتلة ياتي بتقديرنا من خلال نوايا عدوانية تحضر لها دولة الاحتلال باتجاه ايران، وما المناورات العسكرية التي جرت قبل ما يزيد عن شهرين وكذلك التي جرت خلال الاسبوع الماضي الا جزء من التحضير لضربة لايران في الاسابيع او الشهور القادمة، وهي تحاول من خلال الوصول “اذا افترضنا انها راغبة فعلا في الوصول” الى اتفاقية للسلام مع سوريا، ومن خلال الحصول على موافقة الفصائل الفلسطينية “كافة” لهدنة قد تطول لمدة ستة اشهر، وكذلك دعوة لبنان للبدء في محادثات “سلمية” ثنائية، الى تحييد هذه الجبهات الثلاث التي من الممكن ان تتحرك في حال اقدام اسرائيل على توجيه ضربة للمنشآت النووية الايرانية التي تجمع كل التقارير على انها منشآت من اجل الاسخدام السلمي.
وفيما يتعلق بقبول اسرائيل للتهدئة في القطاع فانه بتقديرنا ياتي بالاضافة الى ذلك ضمن حسابات داخلية لها علاقة بقضايا الفساد التي اثيرت ضد اولمرت و امكانية الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة في دولة الاحتلال، هذا عدا عن ان موضوع الحصار غير الانساني المفروض على قطاع غزة صار يشكل “بعضا” من الاحراج لدولة اسرائيل، وصار محل انتقاد الكثير من المنظمات والهيئات التي لها علاقة بحقوق الانسان، وهي عمليا “اي اسرائيل” لن تخسر شيئا فيما لو تمت التهدئة على حدودها مع قطاع غزة وخاصة انها نجحت في استبعاد الضفة الغربية التي تعمل ليل نهار على استباحتها من خلال الاجتياحات، و الاعتقالات ومصادرة الاراضي و بناء الجدار وما الى ذلك من ممارسات يومية يعلمها الجميع.
من هنا فاننا نعتقد بان المطلوب فلسطينيا على الاقل هو ان تتنبه الفصائل الى موضوع فصل الضفة عن القطاع في محاولة مكشوفة لترسيخ الانقسام وبالتالي ايجاد شرخ بين الفصائل المؤيدة للتهدئة وتلك التي تتحفظ عليها، كذلك فاننا نعتقد بان المطلوب سوريا ولبنانيا هو عدم الانجرار وراء اوهام الدعوات الاسرئيلية خاصة وان التجارب الماضية اثبتت ان لا نوايا سلمية لدى دولة العدوان وخاصة ما قيل عن وديعة رابين التي رفضت إسرائيل ولا تزال الالتزام بها، ومن هنا فاننا نعتقد بانه اذا ما تم توجيه ضربة لايران فان هذا يعني ان تبقى الجهات التي تعتبر حليفة لايران مكشوفة، وقد تعمل اسرائيل على الاستفراد بكل من هذه الاطراف كل على حدة، وعندئذ سيكون الوقت متاخرا ولن يفيد العض على الاصابع.
بيت لحم
2008-6-22