خلص باحثان أمريكيان في دراسة جديدة عن تنظيم القاعدة، الذي يتزعمه أسامة بن لادن، إلى أن التنظيم يتجه إلى تدمير نفسه بعدما تحول أكثر المؤيدين له في العالم الإسلامي إلى معارضين بشده لفكره العنيف، على حد تعبيرهما. وكتب “بيتر بيرجن” و”باول كرويشانك” الباحثان بمركز القانون والأمن بجامعة نيويورك في صحيفة الإندبندنت البريطانية اليوم الأحد: “إن جماعات جهادية مثل القاعدة تحمل بداخلها بذور دمارها الذاتي على المدى الطويل”.
وطبقا للدراسة، فإن القاعدة أصبحت عدو نفسها في السنوات الأخيرة. وقال الباحثان: “إن القاعدة التي ترى في المسلمين المعارضين لها مرتدين يستحقون الموت أصبحت ضحية لنجاحها”، مشيريْنِ إلى ما حققته من تأييد لدى الشباب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
طالع أيضا:
سيد إمام يطالب بتعويضات للمتضررين من “الجهاد”
سلمان العودة: اللهم إنا نبرأ إليك مما صنع بن لادن
واستدل الباحثان “بارتفاع موجة الغضب في العالم الإسلامي تجاه القاعدة وأتباعها بسبب فكرهم المتطرف”.
وتقول الدراسة: “إن القاعدة لا تقدم رؤية إيجابية للمستقبل، فدائما ما يكون ضحاياها مسلمين مدنيين”
وتضيف قائلة: “إنهم يواصلون توسيع قائمة أعدائهم، ومن بينهم أي مسلم لا يشاركهم نظرتهم الثابتة للعالم”.
وأعلنت القاعدة والجماعات التي تدين لها بالولاء مسئوليتها عن العديد من الهجمات الإرهابية في دول العالم العربي والإسلامي، والتي أودت بحياة مئات من المدنيين، من بينهم العديد من المسلمين، ولا سيما في العراق.
وكشف استطلاع رأى أجراه مؤخرا معهد بيو للأبحاث الأمريكي عن تراجع الثقة في “بن لادن” وتنظيمه في العالم الإسلامي.
أصدقاء الأمس.. أعداء اليوم
وزعم الباحثان أن “عدد الشخصيات التي كانت تدعم القاعدة في السابق تحولت بشكل درامي إلى التبرؤ من التنظيم”.
وقالا: “إن مجموعة كبيرة من علماء المسلمين، ومقاتلين سابقين لهم تأثير هائل على قادة القاعدة تحولوا ضد التنظيم خاصة في السنوات الأخيرة”.
وكانت أكثر الانتقادات تأثيرا قد جاءت في نهاية 2007 من سيد إمام، مؤسس “جماعة الجهاد” في مطلع الثمانينيات، وأستاذ أيمن الظواهري – الذراع اليمنى لابن لادن”، ويبقى مرجعا في الأوساط الإسلامية. ولقيت انتقاداته أصداء واسعة في العالم العربي والإسلامي.
وكتب إمام في وثيقة أصدرها من داخل سجنه: أن “الجهاد المعلن في السنوات الأخيرة من قبل جماعات مثل القاعدة تضمن تجاوزات كثيرة للشريعة الإسلامية”، مضيفًا أن: “الآن هناك من يقتلون المئات من الأشخاص، بينهم نساء وأطفال ومسلمون وغير مسلمين باسم الجهاد”.
وقال لوسائل الإعلام: إن “الظواهري وأميره “بن لادن” لا يتمتعان بالأخلاق”. وأضاف: “أريد أن أحذر الشباب من هؤلاء.. الشباب الذي فتن بهم ولا يعرفهم”.
و”إمام” ليس الشخصية الإسلامية الوحيدة التي تصدر مثل هذه الانتقادات، إذ تبرأ من القاعدة بعض الفقهاء السعوديين المرموقين الذين كانوا يعتبرون في الماضي قريبين منها.
من جانبه، هاجم الداعية السعودي الشيخ سلمان العودة زعيم القاعدة في خطاب عبر التلفزيون في سبتمبر الماضي قائلا: “كم من الأبرياء والأطفال والشيوخ والعجزة والنساء الذين قتلوا أو شردوا أو طردوا باسم القاعدة”.
وفي نوفمبر من ذات العام، عبر نعمان بن عثمان القيادي السابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، المقيم في المنفى في لندن عن مواقف مماثلة، شأنه في ذلك شأن العديد من رفاق الدرب السابقين لزعيم القاعدة.
ويدرك الباحثان الأمريكيان أن اتساع نطاق رفض أفكار القاعدة بين المسلمين العاديين والمؤيدين السابقين لها “لن يجعل القاعدة تختفي بين ليلة وضحاها”، لكنهما أوضحا أن “تبرؤ المرشدين الدينيين، والسياسيين والعسكريين من قادة القاعدة سيساعد في تسريع الانفجار داخل الجماعة الجهادية الإرهابية”، على حد قولهم.