بعد أن أصدرت الجماعة مراجعاتها الفقهية.
اتهامات قبطية
ووصفت منظمة أقباط أمريكا بيان “الجماعة الإسلامية” بأنه سقطة جديدة من سقطات “هؤلاء المتشددين”, وقالت فى بيان لها:” إنهم طوال الوقت يتحدثون باسم الإسلام وكأنهم قد أخذوا الوكالة من الله لإدارة شئون البشر، الغريب أنهم بعدما أنهوا ما يسمى بالتراجعات وليست المراجعات باتوا يلهثون خلف أقدام الدولة كل يوم، وعقب كل صلاة من أجل الحصول على وفرة من المكاسب من ولى النعم، ولكن هذه المرة الصفقة فاحت رائحتها الكريهة”.
ونقلت صحيفة “روز اليوسف” عن الأنبا يوحنا قلتة, قوله:” هؤلاء هم الذين هاجموا محلات الذهب القبطية واستحلوا أموالهم ودماءهم، فلماذا يتحدثون اليوم؟ وعن أى شىء يتحدثون؟ عن قوة الأقباط التى تجعلهم فى موقف مواز لموقف الدولة، فأين هى هذه القوة؟ هل لدى الأقباط سلاح أو مال يؤهلهم لذلك؟ كما أن هناك عدة تساؤلات أخرى تحتاج إلى إجابة، عما إذا كانت مجرد صدفة أن تشهد مصر خلال فترة وجيزة أربع حوادث مرتبطة بالأقباط، حيث شهدت القاهرة والإسكندرية والمنيا أحداث عنف وأكد قلتة أن الاحتقان موجود بين المسلمين والأقباط، بسبب ما وصفه بضعف الإجراءات التى يجب أن تتخذهها الدولة لإزالته، عبر مناهج التعليم ولغة الخطاب الإعلامى، مشيرا إلى أن الدولة تتعامل مع الاحتقان الطائفى كما تفعل النعامة، فتدفن رأسها فى الرمال وكأنها لا ترى شيئا!”.
نفي الجماعة
وفي المقابل, أكد عصام دربالة القيادى البارز فى الجماعة أن موقفا الأخيرة من الأقباط إيجابياً وليس سلبيًا، لأن جماعته لاتنظر إليهم على أنهم كتلة واحدة، يجب اتخاذ موقف موحد تجاههم، ففيهم الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والأرمن والإنجيليون، كذلك بالنسبة لأقباط المهجر، منهم المحب لبلده وللكنيسة ومنهم من يستقوى بالخارج ضد مصالح وطنه لتحقيق مكاسب شخصية، وأولئك وهؤلاء ندخل معهم فى حوار نوضح لهم حقيقية ما يجرى فى مصر وما يجهلونه من مخططات تريد النيل من وحدتها، إن كانوا يجهلون!،
وقال دربالة:” إن الحوادث الأخيرة عارضة تحدث للمسلم قبل القبطى، وبعضها لايزال قيد التحقيق ولم يستدل على فاعله، لكنها كشفت خللا هائلا فى علاقة الأقباط بالدولة وبالمجتمع، رغم كونهم جزءا منهما، عبر رد الفعل الذى يعكس استنفارا دائما وتحفزا غير مبرر من جانبهم، يشير إلى تعمدهم التصعيد لابتزاز الدولة للحصول على مكاسب ليست من حقهم”.
وأوضح القيادي بالجماعة أن المسلمين والمسيحيين فى مصر يعيشون في حالة توافق وسلام ، قد يشوبها سوء تفاهم فى بعض المواقف، يعمل على تصعيده بعض المغرضين، حتى من داخل الكنيسة، من الذين تربطهم علاقات بأقباط الخارج، للدرجة التى جعلت بعضهم يطالب بوش بالتدخل لرفع الظلم الواقع على الأقباط فى مصر، حسب زعمهم! وقال دربالة: إذا كان المسيحيون يطالبون بتنقية التيارات الإسلامية من المتطرفين، فنحن كذلك نطالب الكنيسة بتنقية الأجواء المسيحية من المتطرفين الذين علت نبرتهم فى الآونة الأخيرة، مهددين بورقة الخارج وتدويل المسألة القبطية، فى لعبة ابتزاز واضحة للدولة لتحقيق مكاسب خاصة، وهو ما يتكرر مع كل حادثة يكون أحد أطرافها مسيحى، وهو ما نشدد على خطورته، كما هو معلوم، لأن الأمريكان البروتستانت لن يكونوا أحن على المسيحيين الأرثوذكس من الدولة المصرية.
شبح القتنة
واستغرب درباله موقف بعض المسيحيين الذين يحاولون تحويل الأحداث الأخيرة إلى فتنة طائفية، مؤكدا أن هذا هو موقف الضعيف الذى وجد مسلما مقتولا، فلم يتحدث عن حقه ومن المسئول عن دمه، وراح يحول المسألة على أنها اعتداء مخطط على الرهبان، فى حين أن المسألة كلها نزاع على الأرض المحيطة بالدير وهى أرض مملوكة للدولة وشدد دربالة على خطورة طرح الكنيسة نفسها بديلا عن الدولة أو فى موقف مواز لها، وهو ما ظهر فى عدد من المواقف الأخيرة مثل موقف الكنيسة من قانون الأحوال الشخصية وفرض شروطها الستة للتصالح، الأمر الذى يشعل شعور الأقباط بأنهم خارج سلطة الدولة وقوانينها، وهو ما يعمق الشعور لديهم بأنهم أقلية تتعرض للاضطهاد.
وعلى صعيد آخر, أكد د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن الشعور الطائفى موجود ولا داعى لإنكاره بل يجب التعامل مع الأمر الواقع بشكل أكثر إيجابية، فليس الحل فى هذه المشكلة أن ننكر وجودها من الأساس، مشيرا إلى أن الدولة تتحمل قدرا كبيرا من المسئولية فى علاج هذا الشعور الطائفى، ولا مجال لإنكاره أو التسويف فى التعامل معه على أنه حقيقة حتى لا تسوء الأمور وندخل منعطفا خطيرا أشبه بأجواء الفتنة الطائفية التى لاحت فى نهاية عصر السادات.
اتهامات للكنيسة
ودخلت الصحف المصرية على خط الصراع هي الاخرى, حيث قال رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية شبه الرسمية إن تصريحات شخصيات قريبة من الكنيسة تساعد على اشعال الفتنة وتذهب إلى تقسيم المصريين إلى دولتين”,. وعقّب الكاتب على تصريحات لنجيب جبرائيل المستشار القانوني للكنيسة, قائلاً:” إنه يهدد الدولة والحكومة بأنه سيضغط عليها ليدافع عن مصالح الأقباط..وهذا الضغط لن يكون له إلا مجال واحد هو الاستعداء الخارجي والاستعانة بالدول الأجنبية والمنظمات العالمية لإنقاذ الأقباط في مصر”.
وتساءل الكاتب المعروف بقربه من دوائر صنع القرار في مصر:” لماذا بدأت الكنيسة تتصرف على أنها دولة ولها رعايا هل الأقباط رعايا الكنيسة والمسلمون رعايا الأزهر, هل الأقباط تحولوا إلى مواطنين سوبر لا يمكن أن يدخلوا في خلاف.
تفسيرات غربية
واجتذبت المواجهة بين الجماعة الإسلامية والكنيسة الإعلام الغربي, حيث قالت إذاعة “هولندا” إن الدولة هي التي أدخلت “الجماعة الإسلامية” في الصراع وتستخدمه كمخلب قط خاصة بعد أن أعلنت الجماعة توبتها ورفضت مواصلة استخدام العنف؛ وكان بالمقابل أن أفرجت الدولة عن معتقلي الجماعة بالسجون.
وأكدت أن دخول “الإسلامية” بشكل رسمي إلى الجدل الدائر ُيعتبر مؤشرا خطيرا حول خروج الجدل من الدائرة التي يتحرك فيها إلى دوائر أوسع, أي بين الدولة “باعتبارها المظلة العامة لكل مواطنيها” والكنيسة “التي تصر على تمثيل الأقباط كشعب له خصوصيته “, إلى دوائر أوسع مرتبطة بوشائج دينية إسلامية حتى لو نبذت استخدام العنف لأنها ترى في أقباط مصر “نصارى” ومواطنين من الدرجة الثانية كما تقول أدبياتهم.
انفجارات متوقعة
وقالت مصادر إخبارية إن الوضع الراهن ينذر بانفجارات غير متوقعة؛ فالبابا شنودة يعاني من أمراض تتكتم عليها الكنيسة حيث تجاوز الثمانين، وسافر مؤخرا أكثر من مرة للعلاج في أمريكا كان أخرها لوضع شريحة فوق عظمة الفخذ المكسور نتيجة انزلاقه ووقوعه .
كما أن الصراع على خلافته داخل الحلقة الضيقة من الإكليروس قد بدأ يخرج إلى العلن, خاصة انه صراع بين “متشددين ومتسامحين” كما تصفهم الجهات القبطية. وهكذا فان الصراع داخل الكنيسة نفسها بين “العلمانيين” والأكليروس المتشددين؛ بدأ يأخذ أبعادا أوسع بعد رفض الكنيسة، مشروع القانون الذي أشرنا إليه وتحبيذ “العلمانيين” له باعتبار انه سيخرج الأقباط من الانصياع للتشريع الكنسي الجامد، إلى رحابة القانون المدني، المتعلق بالطلاق وزواج المطلقين والمطلقات، الذي تتحفظ عليه الكنيسة.