قمة من النوع الفاخر، وبعد ربع طن من البرامج السياسية القومية، ونصف طن من الشعارات الفظيعة، وكذا طن من المؤلفات والكتابات والقصائد البديعة، وبعد كذا وحدة واتحاد وموحَّد مشرقي ومغربي وأوسط، وبعد الوفرة الكثيفة من الإذاعات والتلفزيونات والسجون التي ُزرب فيها الخصوم السياسيون من كل مأكل ومشرب، وبعد كثير من الحروب والانقلابات و التحالفات والمحاور، وبعد أن بقيت القيادات القومية هي ذاتها طيلة ذاك النصف.. والزعماء هم ذاتهم أو أبنائهم.. والأنظمة هي ذاتها أو بناتها..! وبعد أن سيِّر القوميون العرب مواطنيهم في آلاف المسيرات الشعبية الغاضبة والهانئة، وبعد أن اضطروهم لذرف المزيد من الدموع والدماء والحسرة والعرق والمهاجر، وبعد أن أدمنوهم على تجرع المرارة والهوان ومشاعر الخذلان، وبعد أن دبك المواطنون العرب في الساحات العامة كذا ألف دبكة اصطهاجاً بالمناسبات الجليلة والمواعيد الميلادية الجميلة والذكريات التاريخية الثمينة، وبعد أن تغيِّرت وتبدّلت قيادات الدول الاستعمارية البغيضة عشرين ثلاثين مرة، وبعد أن توحّدت هذه ( البغيضة ) التي كانت متحاربة في كيان واحد، وبعد أن تبخَّرت دول المعسكر الشيوعي وتناثرت نتفاً مزقاً في لمح البصر والبصيرة،..! بعد كل تلك الانجازات التي لا تعد ولا تحصى في هذه العجالة، وبعد خمسين بعد يمكن التلويح بها، فإن المواطنين العرب أصبحوا في بدايات هذا القرن الذي تلا ذاك النصف يسمعون أن العدو مستعد ( للتفكير ) مع حسن ( التدبير ) من أراضي دول القوميين العرب الأفاضل…!
نعم لا بد من انسحاب العدو الصهيوني في النصف الأول من هذا القرن شاء من شاء وأبى من أبى وإلا فإن القوميين العرب لن ينسحبوا أبداً أبداً فالسن بالسن.. والعين بالعين.. والبادي أظلم…!؟