غادة الكاتب
“ليست عظمة الإنسان في يده، وإنما في قلبه،
غادة الكاتب
“ليست عظمة الإنسان في يده، وإنما في قلبه، فاليد لا تستطيع أن تفعل أكثر مما يوحي به القلب”
-بلاتو
قبل أعوام أبدى عضو الكونغرس الأميركي سام جونسن البالغ من العمر 74 عاما، استعداده للقيام شخصيا برمي قنبلة نوويّة على سوريا، وقال: “المسألة كلها في ضغطة زر ثم ” بم” بعدها ليس علينا أن نقلق بشأن سوريا”. وحين أثار تعليقه استغرابا عالميا وتساؤلات، تذرع بأنه كان يمزح، وأنه قال ذلك فقط، ليزيل عن الرئيس بوش ضجرا أحس به خلال تواجدهما في الكنيسة!
وجونسن (المهرج) هذا ، هو طيار سابق في سلاح الجو الأميركي، خدم في كوريا وفيتنام وكان أسير حرب لسبعة أعوام ونصف.
ليس غريبا على الإطلاق، أن يكون مزاح رجال الرئيس الأميركي، والمشتغلين في السياسة في واشنطن على حساب أمن وسلامة دول بأكملها، كذلك ليس غريبا أن تأتي هذه التصريحات على لسان محارب قديم وجندي سابق في جيش الولايات المتحدة، الذي سبق وأن عزا أحد جنرالاته “كارثة” إسقاط طيارين أميركيين لمروحيتين من بلادهما حينما كانتا تحلقان في أجواء الجنوب العراقي في التسعينات، إلى حالة الضجر وقلة “الشغل” التي عانى منها هذان الطياران في تلك الفترة، حيث قال هذا الجنرال “كان الطيران الأميركي يحلق في الأجواء العراقية على مدى سنة كاملة وبشكل يومي دون الإمساك بأي طريدة عراقية في حالة تلبس، وتبعا لحالة الضجر تلك، لم يكد الطياران يلمحان المروحيتين حتى انطلقت أصابعهما لتضغط على أزرار التدمير في طائرتيهما و…”بم” تم تدمير المروحيتين”.
مذهل تحليل هذا الجنرال، ومذهلة أيضا الطريقة التي تناول بها أحد محاربي أميركا القدامى مصير شعب بالمزاح، حتى يبعد عن رئيسه بوش آفة الضجر!!
أما أروع ما في الأمرين فهو أنهما ألقيا الضوء على جانب من جوانب الشخصية الأميركية، وكوارثها التي تنصب على رؤوس العالم من وقت لآخر، والتي تنبع من هناك، من الأعصاب التي أتعبها الضجر، فإذا ضجر الطيار الأميركي، فإنه يبحث عن أقرب طائرة ليفجرها، وإذا ضجر المواطن الأميركي، فإنه يبحث عن أقرب ضحية ليجندلها، وإذا ضجر الكونغرس، فإنه يبحث عن أي دولة ليحاصرها، أما إذا غضب البنتاغون، فإنه يبحث عن أي دولة ليشن عليها عدوانا، وهكذا.
في ضوء هذه الحقائق، علينا أن ندعو الله أن لا يضجر أولئك الأميركيون المؤتمنون على الأزرار النووية، خاصة وأن المساكين لم يعملوا منذ قنبلة هيروشيما، ونقترح على زعماء الدول قاطبة، أن يرسلوا كافة مهرجيهم والمشرفين على أمور التسلية في بلادهم إلى الولايات المتحدة، ليعملوا على تسليتها، وإزالة ما يمكن أن يتسرب إلى قادتها ومحاربيها من ضجر، الذي إن حدث وارتفع منسوبه في عروقهم، فالويل كل الويل لهذا العالم الهش.