خيري حمدان
كلّ هذا البوح المترامي عند العتبات وتحت النوافذ،
تأتي الحياة على مهل
تكاد تلامس حدود الفناء وشيء ما يصرخ في حضوري لا تغيب!
أبحث اليوم عن لساني
أتوق للهرج دون رقيب يعدّ الكلمات ويقيّم مدى استعداد هذا الفؤاد للنبض
هذا الفؤاد!
أسلخ ثوبي وجلدي وأمضي مكرهاً نحو تخوم الشرق،
أخبروني بالله عليكم هل مضى المغول؟
هل حضر ألكسندر المقدوني بكلّ عنفوانه ونزع حالة الغرام عن
بغداد؟
هل نسينا الحارات العتيقة في القدس ونكهة القهوة الشقراء
تقدّمها الصبية بحياء في فناء البيت؟
الرصيف يجلس فوق ركبتي
يمسح عن وجهي آيات التعب والغربة
واللجوء نحو عنفوان المحيط واللآلئ تضيء في عينيّ
حفيدي
وأبكي وأبكي وأبكي دون مقدّمات
عند الرصيف الذي احتضنني أبكي
وأعانق هواجسي الليلة حين يختفي القمر.
هل تتقنين قراءة الشفاه المتشقّقة
والأرواح الحائرة في مدارات القبور المفتوحة
تنتظر زوّارها الأبديين؟
ذاب السكّر في جوفي
وضعت قميصي فوق المرايا لعلّي أنسى .. أتناسى
أبديّة الوصل وتبقى القبلة معلّقة عند لحظة الاشتعال.
هكذا ينفجر القلب راقصاً وملهوفاً
ليبارك زعانف البوح المترامي تحت أضواء الشوارع في حيّنا.
من هنا مرّ قطار الأقدار
فتارة أبدو صبيّاً أطلّ من أحد شرفاته
ثمّ أشيخ.
يبيضّ شعري وتنهار قامتي
ولا أقوى على ملامسة تعرّجات جسدك
وتضاريس اللقاء بعد غياب.
أنهمر كالمطر فوق وسادتك
أتواصل مع أحلامك قبل أن تغمضي عينيك
أسرق حبّة لوز من كرمك ..
أبلّلها برحيق ورودك اليانعة.
هذه قامتي تتطاول
والرصيف الممتدّ عبر شراييني
فاجلسي الى جواري نحصي قبائل العشّاق المنساقين
الى مصائرهم قبل أن تقفل الدكانين كنائزها والحنين.
والحنين يقصف أفرعي ..
في كلّ مكانٍ أنا
أمضغ ما تبقّى من وليمة أقامها السلطان على شرف
عذريتك.
فدعيني أتوه بين جواهرك الأخرى.
ليس للسلطان هنا سلطة
يجهل الوصول الى تلالك وحصونك المنيعة.
كنوزٌ تصعب على المفاتيح المسحورة
منذ أن انتحر التاريخ عند حدود مدائن العبّاس والرشيد.
هل تقبلين النوم معي فوق الرصيف
لعلّنا نحصي الأرواح التائهة
في خضم النهار.
والليل يدثّرني بأقمارٍ تضيء متاهات العشق.
كلّ هذا البوح يا حبيبتي يليق بالكسل المترامي عند
خدّيك والشامة والعنبر والزنجبيل
يغزو فقاعات الغياب.
لا تعذريني …
فأنا لا أرغب أن أكون متطهّراً في دفاتر
خطاياك
ولتكن فضيلتي اليوم أنّي ختمت كتبك وألواحك
بآخر خطاياك.
خيري حمدان