ما قصدته في هذا المقال هو الناحية السياسية فقط وما ينتج داخل المطبخ السياسي على أيدي طباخين سياسيين يقومون بإعداد وجبات سياسية حسب الأذواق و الأهواء والغايات منها الأساليب الرخيصة والقذرة أحيانا ً أخرى
، وقد أعد في هذا المطبخ من المؤامرات على القضية الفلسطينية على مدى عقود وما نشاهده الآن بأن نفس المطبخ يعد بمشاريع تآمرية ضد فلسطين والأردن معا ً بتهويد فلسطين وحل قضيته على حساب الأردن بتنصل إسرائيل من المعاهدات الدولية والقرارات الأممية الصادرة بهذا الخصوص “.
و تمر هذه العلاقة بمراحل الوئام و الانفصام و على الشكل التالي:
” شرعية العقد “
الأردن وفلسطين يكونان القسم الجنوبي من المنطقة التي يطلق عليها تاريخياً وجغرافيا بلاد الشام في العصر الإسلامي وبعد الحرب العالمية الأولى عرفت باسم سوريا الكبرى وبقيت البلاد وحدة واحدة بأرضها وسكانها حتى نهاية الحكم الفيصلي عام 1920 بعد عامين من إنشائه وعند انتهاء الثورة العربية الكبرى وفي 22تشرين الأول عام 1918 أصدرت بريطانيا بياناً قسمت فيه سوريا الطبيعية إلى ثلاث مناطق تنفيذاً لاتفاقية سايكس بيكو عام 1916 وقد سبق التقسيم القرار الصادر عن وزير خارجية بريطانيا بلفور عام 1917 والقاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .
رفض ممثلي الشعب هذا القرار واجتمعوا في دمشق في 6-8آذار 1920 وبما عرف بالمؤتمر السوري العام وأعلنوا وحدة البلاد بحدودها الطبيعية ، ونادوا بفيصل الأول ملكاً عليها ، غير أن بريطانيا وفرنسا لم تعترفا بإرادة الأمة وتم في مؤتمر سان ريمو في 25- نيسان – 1920 فرض الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان وفرض الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين وشرق الأردن ، ورغم المقاومة العربية الشديدة إلا أن المستعمر قد فرض أمراً واقعاً بالقوة رغم المعارك الكثيرة التي خاضها المجاهدون والتي كان آخرها معركة ميسلون في 24- تموز-1920.
وقد شهدت الساحة الفلسطينية ثورات متعددة أهمها ثورة البراق عام 1929 ثم الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.
ويحكم المسؤولية القومية المشتركة وحدة المصير المشترك وقد مد الشعب الأردني يد العون والمساعدة للشعب الفلسطيني لمساندته في الثورات المسلحة الساعية لتحرير ما اغتصب من فلسطين وإبقاء السيادة الفلسطينية عليها انضم للثوار مجموعات كبيرة من أبناء العشائر الأردنية وقامت بمهاجمة المستعمرات الصهيونية وكان أول شهيد أردني سقط على تراب فلسطين هو الشهيد ” كايد المفلح العبيدات من كفرسوم “.
وعندما صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181في 29-تشرين الثاني عام 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود والإعلان عن انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15 – أيار-1948 كانت الوكالة اليهودية تمتلك جميع مقومات الدولة في حين كان الشعب الفلسطيني منزوع السلاح ، فاستطاع اليهود احتلال ثلاثة أرباع فلسطين بالتواطىء مع بريطانيا وثم تهجير عدد كبير من الفلسطينيين تهجيراً قسرياً.
وعلى اثر اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 استطاع الجيش الأردني أن يحافظ على مدن الضفة الغربية وغور الأردن واستطاع الدفاع عن أسوار القدس وقد بلغ عدد شهداء الجيش الأردني في تلك المعارك 370 شهيد و1000 جريح إذا علمنا أن عدد الجيش في ذلك الحين لم يتجاوز ال5000 رجل بأسلحة بسيطة وبقيادة بريطانية مباشرة يضاف إلى ذلك أعداد من المتطوعين انظموا إلى جانب المناضلين من أبناء فلسطين ، وعند انتهاء العمليات العسكرية في فلسطين وقبول العرب التوقيع على الهدنة الدائمة مع إسرائيل ، وجد عد كبير من القيادات الفلسطينية أن خير ضمان للمحافظة على الأراضي الفلسطينية هو قيام وحدة ما بين الأراضي المتبقية من فلسطين مع الأردن ، وقد انعقدت عدة مؤتمرات منها مؤتمر في عمان ومؤتمر آخر في أريحا ونابلس نادت جميعها بالوحدة مع شرق الأردن ، ومبايعة الملك عبد الله بن الحسين ملكا ًعلى فلسطين والأردن وقامت الحكومة بإصدار قوانين جديدة فلسطينية مشتركة وتم تعيين ثلاثة وزراء فلسطينيين لتمثل الضفة الغربية وقد أصدر مجلس الأمة الأردني الممثل للضفتين قراره التاريخي بتأييد هذه الوحدة في 24- نيسان عام 1950وتوالت الأحداث بعدها تباعا ً و قد شهد عام1952 صدور الدستور الأردني الجديد كما نودي بالحسين ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية وتسلم في الثاني من أيار عام 1953 سلطاته الدستورية . وفي عام 1956 تم تعريب الجيش وإقصاء الضباط الإنجليز عنه وعام 1957 تم جلاء القوات البريطانية، وفي عام 1967 سقطت الضفة الغربية مع الأجزاء العربية الأخرى التي احتلت نتيجة ما يسمى حرب الخامس من حزيران .
في عام 1970 رغم أحداث أيلول المؤلمة التي أدت إلى انتقال المنظمات الفلسطينية إلى لبنان لم يتأثر تماسك الوحدة الداخلية وتجاوز المواطنون تلك الأحداث وتم تثبيت الأمن على كافة مناطق المملكة .
الإتحاد الوطني 1971 :
جاء إعلان الاتحاد الوطني محاولة للإصلاح وسد الفراغ السياسي إلا أن الإتحاد قد اقتصر على تنظيم سياسي وحيد ولم يكن مهيأ بطبيعته لاستيعاب القوى السياسية المختلفة وقد تم إيقاف العمل فيه ومن ثم إلغاءه .
المملكة المتحدة: أعلن الملك حسين في 15-3-1972 عن مشروع أقامة المملكة المتحدة يتم بتغيير اسم المملكة الأردنية الهاشمية إلى المملكة العربية المتحدة على أن تتكون من قطرين الأول فلسطين ويضم الضفة الغربية أو أي أراضي فلسطينية أخرى يتم تحريرها ويرغب أهلها بالانضمام إلى المملكة المتحدة والثاني هو الأردن ويتكون من الضفة الشرقية وتكون عمان عاصمة مركزية للقطرين والقدس عاصمة فلسطين ورئيس الدولة هو الملك وينتخب كل قطر حاكم عام من أبناء القطر نفسه وينتخب أهالي كل قطر مجلساً تشريعياً وجاء رد منظمة التحرير الفلسطينية برفض المشروع واعتبرته مؤامرة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ومحاولة سلب المنظمة أهليتها ..وقد تميزت علاقات الملك بالمنظمة بالتوتر وظلت هذه الحالة حتى عام 1974.
فك الارتباط مع الضفة :
جاء قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية الذي اتخذ يوم 29-7-1988 لكي يخفف حدة الاحتقان في العلاقات الأردنية الفلسطينية في الأراضي المحتلة وارتفاع الأصوات الفلسطينية المطالبة بإقامة كيان فلسطيني مستقل عن الأردن .
رحبت منظمة التحرير الفلسطينية بالقرار وقد انتقده فريق آخر كونه لم يمر بمراحل دستورية كما حدث في وقت وحدة الضفتين .
معاهدة السلام : شارك الأردن في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 والذي انبثق عن مفاوضات متعددة الأطراف وقد توصل الطرفان الأردني والإسرائيلي إلى اتفاقية سلام عرفت باسم اتفاقية وادي عربة عام 1994وقد اعترف الأردن بموجبها رسمياً بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وأمنية واقتصادية بينهما وصولاً لتطبيق قراري الأمم المتحدة 242و338.
” خُلـُــع “
تعد نشأت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 بمبادرة مصرية وتعد بداية التنافس بين الأردن ومنظمة التحرير على من يمثل الفلسطينيين وباتت منظمة التحرير مصدر قلق حقيقي للنظام الأردني لما يؤدي إلى تفكيك الوحدة الوطنية وتعميم الفوضى داخل الأراضي الأردنية بانطلاق عمليات عسكرية يكون الأردن غير قادر على صد الهجمات المضادة من قبل الكيان الصهيوني لتبني المنظمة نهج الكفاح المسلح عن طريق العمل الفدائي داخل الأراضي المحتلة عبر الأردن ونتيجة لهذا التنافس استبق الأردن المنظمة بإبعاد الخطرين المحتملين بإعلان أن المنظمة لا تمثل الفلسطينيين داخل الأردن باعتبارهم مواطنين أردنيين ونجح الأردن باستصدار قرار عربي وبمنع قيام أعمال عسكرية من خلال خطوط الهدنة إلا أن هذا لم يمنع العمل الفدائي من الانطلاق عبر الأراضي الأردنية بمساعدة الجيش الأردني في المشاركة في التغطية النارية لتأمين تقدم أو انسحاب المجموعات الفدائية ، ومنذ فبراير 1969أصبحت منطمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات زعيم فتح بعدما حصلت حركة التحرير الفلسطيني على 70 مقعداً من أصل 100 مجموع مقاعد المجلس الوطني الفلسطيني .
مشروع النقاط الست :
أعلن الملك الحسين مشروعاً للسلام مع إسرائيل في 10-4-1969 ،مؤيد بن عبد الناصر يدعو لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وقد رفضته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ونتيجة لذلك تم إحباطه.
مؤتمر القمة العربية الرباط 1974:
عقدت الدول العربية مؤتمر القمة العربي العادي السابع في العاصمة المغربية الرباط وقد أصدر قراراً هاماً أعتبر فيه منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني وأكد على حق العودة وتقري المصير وإقامة السلطة الفلسطينية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وفي ممارسة مسؤولياتها على الصعيدين القومي والدولي ودعت الأردن لوضع صيغة لتنظيم العلاقات بينهما وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعمل الفلسطيني وقد خلع البساط من تحت أقدام الأردن في هذا المؤتمر لصالح منظمة التحرير الفلسطينية .
معركة الكرامة :
في 21آذار 1968إجتاحت القوات الإسرائيلية وتعدادها 15ألف جندي مدعومة بالطائرات والآلات والدبابات لأول مرة الأراضي الأردنية عبر نهر الأردن نحو قرية الكرامة مستهدفة الاعتداء على القوات الأردنية ومواقع المقاومة الفلسطينية وقد هزم الإسرائيليين في هذه المعركة وكانت خسائرهم كبيرة “250 قتيل ،450جريح” وخسر الأردن 61 شهيد و108جريح وخسرت المقاومة 17شهيد ، وقد تكررت الاعتداءات
على الأراضي الأردنية وسقط مئات الجرحى والشهداء بعد هذه المعركة سخنت الجبهة وانخرط أعداد هائلة في صفوف المقاومة من الفلسطينيين والأردنيين.
1970 أيلول الأسود : اتخذت المنظمة وباقي فصائل المقاومة من المدن قواعد لها وأدى ذلك إلى فلتان امني وفوضى عارمة كان نتيجتها خوض حرب دامية مع الجيش الأردني لم تدم طويلا ً وأدت إلى خروج المقاومة من الأردن إلى لبنان .
إعلان فلسطين دولة :
أجتمع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في نوفمبر عام 1988 وأعلن عرفات قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وأعلن عن قبول قرارات مجلس الأمن 242و338 ممهدة لمباحثات المؤتمر الدولي للسلام .
وبدأت الولايات المتحدة اتصالات مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية .
حكم ذاتي : في سبتمبر 1993 بعد سلسلة من المفاوضات السرية في أوسلو بين المنظمة وإسرائيل ، وافق عرفات واسحق رابين على توقيع اتفاقية سلام تاريخية مهدت الطريق لحكم ذاتي فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة وعلى المشهد الفلسطيني قامت حركة حماس بخلع السلطة الفلسطينية من قطاع غزة بعد سيطرتها عليها نتيجة الخلاف الذي نشأ بين السلطة وحركة حماس مؤخرا ً والذي لا يزال ينتظر الحل !؟ .
” طلاق رجعي “
بعد الإعلان عن فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية والذي وافقت عليه منظمة التحرير الفلسطينية ، وبعد تعثر اتفاقيات السلام بين المنظمة وإسرائيل وانفصال قطاع غزة عن الضفة عاد طرح الخيار الأردني من جديد وأكد جلالة الملك عبد الله الثاني أن الحديث عن شكل العلاقة الأردنية الفلسطينية مستقبلاً أمر لا يمكن البحث فيه قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة . وشدد على أن أي علاقة مستقبلية بالنسبة للدولتين سيتم إقرارها بإرادة الشعبين.
وفي إجابته على سؤال عن التوطين أجاب الملك ” لا أعرف هل المقصود إحضار مزيد من الفلسطينيين للأردن ، أو المقصود الأردنيين من أصل فلسطيني فهؤلاء أردنيون يتمتعون بكامل حقوق المواطنة .
وقلت أكثر من مرة ” أن الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين وان موضوع التوطين بالنسبة لنا خط احمر لن نقبل به بأي حال من الأحوال“.
وقد رفض الأردن أي طرح لقيام اتحاد كونفيدرالي مع الضفة الغربية قبل قيام الدولة الفلسطينية وجاء على لسان فالح الطويل السفير الأردني السابق أن الملك عبد الله هدد الرئيس الأمريكي جورج بوش بإحالة ارض المنطقة إلى لهب إن هو أصر على إقامة اتحاد كونفيدرالي بين الأردن والسلطة الفلسطينية قبل إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة .
والمتابع لأمر الكونفدرالية يدرك أنها مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالصعوبات التي تواجه العملية السلمية وما يرافقها من طروحات وحلول ففي نظر إسرائيل فإن الحكم الذاتي للفلسطينيين يعني للسكان وليس للأرض وهو مرفوض فلسطينياً وأردنياً وفي نظر الأردن هو بناء دولة فلسطينية مستقلة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس ومن ثم قيام فيدرالية فلسطينية أردنية وفقاً للخيار الطوعي والحر للشعبين غير أن هذا الخيار مرفوض إسرائيلياً وأمريكياً.
وليس من السهل في الظرف الراهن وصف من يؤيد علاقة وحدة مع الأردن من الفلسطينيين كم كان عليه الحال في السابق وليس من السهل كذلك وصف من يؤيد التمسك بالهوية المنفصلة للفلسطينيين بأن يكون حريص على حق تقرير المصير الفلسطيني إذ أن الأمور باتت متداخلة بشكل معقد !!
وقد بين هاني الحسين أن عشرة آلاف فلسطيني يغادرون فلسطين في الوقت الحالي شهرياً يمرون في الأردن ويتوطن معظمهم فيه .
” قبول وممانعة “
يرفض الأردن مشروع الكنفدرالية مع أنها تبدو بالظاهر لصالحه لأن الكنفدرالية تعني للأردن مصادرة الحق الفلسطيني في إقامة دولة قابلة للحياة ويلغي حق العودة والتعويض وتكون بهذه الخطوة إذا حصلت قد ساعدت إسرائيل في التنصل من التزاماتها الدولية وتحمل الأردن عبء حل القضية الفلسطينية مما يؤدي إلى دعم فكرة الوطن البديل ناهيك عن الخلاف بين الفصائل الفلسطينية المتباين سواءاً في طبيعة العلاقة مع إسرائيل أو الأردن .
هناك اجتهادان رئيسان على الساحة الأردنية بمكونيهما الأردني والفلسطيني فيما يخص شكل العلاقة الجديد مع فلسطين :
1- الاجتهاد الأول يتمسك بمبدأ الفصل بين الأردن أرضاً ونظاماً عن القضية الفلسطينية ولكن يتفاوت هذا الاجتهاد من القوى المختلفة في إمكانية التعامل مع امتدادات القضية ووضع الفلسطينيين في الأردن وحق العودة وطبيعة العلاقة مع الفلسطينيين في الضفة الغربية .
2- الإجتهاد الثاني لا يؤمن بإمكانية الفصل بين الأردن وفلسطين ويدعو للعودة لوحدة الشعبين الأردني والفلسطيني بوحدة حقيقية وأن يكون هناك دور أردني لضبط الإيقاع الفلسطيني وهذا بدوره يؤدي إلى عودة سلبيات العلاقة الأردنية الفلسطينية إلى سابق عهدها .
” مخاض عسر “
هذا المخاض بالرؤيا تنطلق من اعتقاد إسرائيل بأن الفصل بين غزة والضفة الغربية سيؤدي إلى إلحاق القطاع إدارياً وامنياً بمصر وهو ما ترفضه مصر حتى الآن ولكن الأردن متخوف من أن فرض الإدارة المصرية على القطاع سيؤدي بالضرورة إلى فرض الإدارة الأردنية على ما تبقى من الضفة الغربية وأن الأردن سيدفع الثمن عندما يضطر للخضوع للضغوط الأمريكية لقبوله اتحادا ً فدراليا ً مع ما تبقى من أرض فلسطين أو مع الفلسطينيين بدون ارض.
وفي هذا السياق يأتي الحديث الإسرائيلي عن إمكانية طلب رئيس السلطة الفلسطينية بنشر قوات بدر في الضفة الغربية ولكن حديث بنيامين نتنياهو علانية عن الحاجة تتمثل بإدخال قوات أردنية إلى الضفة الغربية للمساعدة في فرض النظام . أما شمعون بيريس فيقول ” علينا أن نبحث عن حل مع الفلسطينيين وأنا أؤمن دائماً وطوال حياتي بأننا ملزمون بأن نستقدم الأردنيين لا يمكننا أن نصنع السلام فقط مع الفلسطينيين .
” ولادة مبكرة “
حدد هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في الزيارة الخاصة للأردن وفي محاضرته في جمعية الشؤون الدولية في عمان بتاريخ 10-4-2007 طرحه للخيار الأردني لحل القضية الفلسطينية تقوم على فكرة إتحاد بين فلسطين والأردن ويكون على شكل أقل من إتحاد فدرالي وأكثر من إتحاد كونفدرالي وتطرق على توضيح أكثر قائلا أن الملك سيكون رأس الإتحاد ويكون رئيس الوزراء فلسطينياً ويكون لكل دولة برلمانها الخاص بها وينبثق عنه برلمان مركزي مشترك ويشكل الملك مجلس الأعيان وتدمج القوات المسلحة في الجيش الأردني ، ويكون للدولة الاتحادية عاصمتان سياسية في عمان وإدارية في القدس أو رام الله ؟!!و….
وأضاف أن وحدة الضفتين قائمة حالياً وهي أمر لا يستطيع أحد إيقافه وأن ما يهمنا هو الدور الذي يجب أن نتعاون جميعاً فيه لتوليد الدولة الفلسطينية لأنها إن ولدت أميركياً أو إسرائيلياً تكون بصيغة غير عربية بينما إذا ولدنا هذه الدولة بجهودنا تكون دولة عربية وأن تعلن الفيدرالية عن ولادة الدولة الفلسطينية.
وجاء رأي الدكتور عبد السلام المجالي مطابقاً لرأي هاني الحسن فيما يخص الكنفدرالية بين الأردن وفلسطين مؤكداً على أن الإتحاد سيدعم الجهود السلمية ويقوي معسكر الضغط من أجل التسوية جاء ذلك في اجتماع المجالي مع رجال الصحافة في الضفة الغربية يوم 30-4-2007 ، ولكن يرى أن طريق السلامة عدم اقتراح صيغة قبل قيام الدولة الفلسطينية وهذا ما أكد عليه جلالة الملك عبد الله الثاني.
ونوه المجالي بأن هناك مخاوف من أن يكون هذا الطرح مدخلاً للخيار الأردني والوطن البديل أن القصد هو العكس تماما أي درء هذا الخطر الماثل ببقاء صيغة العلاقة المستقبلية غير واضحة وأنه أبدى تشاؤماً إذ يرى خطر الوطن البديل مقبلاً إذا لم تقم الدولة الفلسطينية وعلى عكس ما كنا نتكلم عن تكفين الوطن البديل بعد معاهدة وادي عربة إذ كانت الأجواء لمصلحة عملية السلام أما الآن فقد عاد كل شيء للوراء …. ويتطابق هذا الإعلان مع ما أبداه الدكتور هاني الخصاونة إذ قال ” إن معاهدة وادي عربة بين الأردن وإسرائيل لا مستقبل لها لأنها فرضت على الشعب الأردني بالإكراه”،” وأن المعاهدة لم تسهم في حل الصراع العربي –الإسرائيلي وإنما أدت إلى إضعاف الدور الأردني في القضية الفلسطينية شأنه في ذلك شأن الدور المصري .
” جنيــن مشـوه “
في مقال للكاتب الأميركي باتريك سيل في 5-4-2008 بعنوان ” سقوط حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين قال ” ما زال بعض السياسيين الغربيين ومنهم الرئيس لأميركي بوش يتملق حول فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة ، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وامن ، بيد أن أفعالهم تناقض أقوالهم ، وأضاف أن التفوه بعبارة ” دولة فلسطينية ” لغزاً قاسياً ” سواءاًً على لسان جورج بوش أو الرئيس الفرنسي أو أي زعيم آخر ، وأن ما يصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته هي تمرين فاضح في السخرية والنفاق …
أما الصحفي الأميركي من أصل يهودي توماس فريد مان قد أوضح في مقال له نشرته العرب اليوم بعنوان “مقاربة براجماتية جذرية راديكالية لحل القضية الفلسطينية “… من خلال إدخال الأردن كشريك في الضفة الغربية حسب رأيه للتغلب على وضع يتعذر فيه قيام دولة فلسطينية في ظل بناء المستوطنات والجدار وعدم الثقة بين الطرفين والنزاع الحاصل بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة .
وأن الواقعية السياسية كم يقول تستدعي الاستعانة بخدمات طرف ثالث هو الأردن لمساعدة الفلسطينيين في السيطرة على أي جزء من الضفة الغربية تتنازل إسرائيل عنه ورغم أن الأردن لا يريد أن يحكم الفلسطينيين فإنه لديه مصلحة حيوية في عدم رؤية الضفة الغربية تسقط تحت حكم حماس حسب رأيه ، طبعاً كلام فريد مان لم يأتي من فراغ فهناك التعنت الإسرائيلي في تطبيق بنود اتفاقية السلام وقرارات الأمم المتحدة وأن هناك ما مساحته 40% من أراضي الضفة الغربية تقام عليها المستوطنات والمناطق العسكرية والمحميات الطبيعية والطرقات المخصصة للإسرائيليين فقط والجدار العازل المشيد في عمق الأراضي الفلسطينية ، أما الجزء المتبقي من الضفة فمقسم بمئات الحواجز وأصبحت القدس الشرقية مفصولة بشكل كامل عن الضفة الغربية إن هذا الجزء المتبقي لا يشكل جسما ً قابلا ً للحياة وإن الوحدة مع هذا الجزء الهلامي ستنتج عنه ولادة جنين مشوه وبولادة قيصرية وإن كان العديد من النخب والمسؤولين الفلسطينيين تستهويهم الحلول بدعوة الأردن للجلوس كشريك على طاولة المفاوضات مع إسرائيل وعلى واقع الحال الذي في ظاهره وجود دولة فلسطينية من غير أرض ولا سيادة ولا قدس ولا حق عودة للاجئين وتكون ولادة هذه الدولة بمخاض عسر تحت اسم الكنفدرالية مع الأردن في الضفة الغربية مستعينة بخدمات الأردن الإدارية والأمنية .
أما عن حق العودة فهو مرفوض إسرائيلياً وبدعم أمريكيا إذ يتواجد (4) ملايين ونصف المليون لاجئ في الأردن والضفة الغربية وغزة ولبنان وسوريا.
و في الخاتمة إن هذا الطرح المقترح و الذي يسوق له على كافة الصعد متجاهلاً رغبات و حقوق و أهداف و تطلعات المواطنين بكل مكوناتهم يعد بمثابة زواج متعة للنخب المتنفذة و المرتبطة بالقوى الخارجية الضاغطة و الذي يحرم طرفاً من كافة حقوقه ويسلب الطرف الآخر إرادته و استقلاله فيكون هذا المقترح لهذه النخب بمثابة زواج متعة أو زواج مسيار .