د. محمد إسماعيل الطائي
نص للأطفال كتبه الكاتب المسرحي قاسم مطرود، وهو أول نص له في هذا الميدان الخطير، فمسرح الأطفال يحتاج إلى كاتب متمرس يجيد فن ألكتابه وابتكار الشخصيات وبلورتها وخلق الصراع بينها ويتجسد هذا الوصف في الكاتب المسرحي قاسم مطرود ذلك لخبرته في ألكتابة والنقد فضلا عن ان هذا الكلام يكون أكثر وضوحا وعمقا في مسرح الأطفال بجوانبه التربوية والتعليمية والأخلاقية التي يتضمنها أي نص يتوجه إلى مثل هذه الشريحة ( الأشد ضعفا ) ورقة ألا وهم الأطفال، وهذا ما أكده مطرود في نصه ( أوهام الغابة)الذي تلقفناه ما أن نشر في مسرحيون، يتناول النص موضوعة ( الخداع )الذي يمارسه الثعلب مع حيوانات الغابة ذلك بجعلهم يصدقون انه ( امهر خياط في الغابة) ويعمي بصرهم بكلامه المعسول عندما يخيط ستره للثعلب وهي ستره غير مرئية ويدعوهم لمشاهدتها والتصديق بان الدب يرتدي ستره رغم تحذيرات ( ابن الكنغر والفيل )بأنهم لم يشاهدوا أي ستره وإنما الثعلب كان يخيط في الهواء مع هذا تنطلي الحيلة على الدب والحيوانات الأخرى ويقبض الثعلب ( جرار العسل )ثمن خياطته ولكنها فارغة لان الدب كان يأكل العسل كل يوم ويسلمها فارغة له بعد ان يكتشف انه لا يرتدي أي شيء ( جلده فقط)وتساعده بكشف الحقيقة العجوز في أثناء مرورها في الغابة، النص فيه إسقاط خفي على ما يمارس اليوم في العالم من سياسات على الشعوب والدول تحت مسميات مختلفة وتضليل المجتمعات والسيطرة عليها وتمرير مخططاتها وعمي بصيرتها فهي بحاجه إلى من يوقظها من غفلتها كما فعلت العجوز مع حيوانات الغابة البريئة.
ان مسرح الأطفال كما هو معروف يتطلب تقنيات وأزياء وديكور خاصة تسهم بإثراء النص وقد حقق العرض بعض هذه التقنيات رغم صغر ألقاعه الواضح هذا من جانب ومن جانب آخر فان مسرح الأطفال بحاجه إلى ممثلين أساتذة كما تقول مخرجة مسرح موسكو الفني ( أنا بوبوفا ) وحسنا فعل المخرج ( عمر جنداري )ذلك بتقليص عدد الشخصيات وقام بإعداد النص وتكثيفه، وساهم تدريسيو قسم التربية الفنية( عمر، ملاذ، أمامه ) بتنفيذ الأزياء والأقنعة التي جاءت معبره وجميله وحققت الجانب الجمالي والتعبيري الذي ينسجم مع الشخصيات، أما الموسيقى والمؤثرات الصوتية ( للفنان حسنين) فقد رقص وصفق معها الكبار والصغار في أثناء العرض ذلك لروعتها وانسجامها واختيارها الملائم والدقيق، أما ممثلوا هذا العرض فهم طلبة قسم التربية الفنية المرحلة الثانية ( اثار، علا، عمار، رشا، نجوان، صهباء، إيمان ) فقد أجادوا تجسيد أدوارهم وابتكار شخصياتهم بملامحها وأبعادها رغم ان الأقنعة كانت عائقا واضحا في دفع صوت الممثل.
لقد غصت الكلية بأطفال بعمر الزهور مع عوائلهم لمشاهدة العرض الذي حرموا منه لسنوات طويلة في العراق، لقد تسلق الأطفال حافة المسرح الأمامية وانسجموا مع شخصيات العرض وموسيقاه ومؤثراته الأخرى كما لو أنهم زجوا في عالم ملئهُ الإثارة والتشويق.