المتفقين والمختلفين سياسياً مع الرئيس الشهيد الراحل أبو عمار كانوا متفقين على نقطة واحده وهي رغم الخلاف السياسي إلا أنه كان نقطة الالتقاء للجميع، هذا كان للصفات القيادية الحقيقية التي تمتع بها الرئيس الراحل أبو عمار، ولتاريخه النضالي الطويل.
وعندما كان الرئيس الراحل يبذل جهود باتجاه تحقيق تهدئة مع الاحتلال كانت حركة المقاومة الإسلامية حماس تقف بكل قوتها ضد هذه الطروحات وتدخلها في خانة الخيانة للقضية والمقاومة، لا بل كانت تفشلها على الأرض عبر عمليات استشهادية امتازت بقوتها وشدة إيلامها للاحتلال، حتى كانت الحركة تنفذ أكثر من عملية استشهادية في اليوم الواحد، حتى وصل الأمر ببعض الساسة والعسكر الإسرائيليين بالاعتراف بأنه لا يمكن هزيمة شعب لديه من “الانتحاريين” على حد تعبيرهم أكثر مما لديهم أحزمة ناسفة.
فكانت زيارة أي مسئول أمريكي للمنطقة في تلك المرحلة بمثابة الكابوس على الإسرائيليين وأجهزتهم الأمنية كون العمليات الاستشهادية كانت ترافق زيارة هذا المسئول في مراسيم الاستقبال والوداع التي يلاقيها في دولة الاحتلال، مع عدم نسيان دور فصائل المقاومة الأخرى في تلك الفترة، ولكن جهود حماس وإمكانياتها أعطتها التأثير الأكبر في هذا المجال.
ولكن موضوع التهدئة وضرورتها باتت تحمل معاني مختلفة ومبررات عديدة منذ اللحظة التي قررت فيها حماس الدخول لمؤسسات السلطة وخوض الانتخابات التشريعية في العام 2006، وكانت اجتماعات القاهرة في آذار 2005 بداية دخول حماس على خط التهدئة مع الاحتلال، بمعنى آخر كان موضوع التهدئة مرهون بقرار حماس السياسي بالدخول للسلطة من عدمه، ولم يكن المحرك والدافع هو الوضع الداخلي الفلسطيني، وموضوع ميزان القوى والأوضاع السياسية الدولية والإقليمية.
ونحن على مشارف تحقيق الهدنة بين الاحتلال وحركة حماس نريد من حركة حماس أن توضح لنا نحن عامة الناس بعض الأمور وبشكل بعيد عن اللغة الإعلامية المنمقة، وأساليب السياسيين الخادعة، وأول هذه التساؤلات لماذا التهدئة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية في الأعوام السابقة كانت تعتبر خيانة، واليوم باتت بمثابة نصرٌ مبين على الاحتلال؟، وثاني هذه التساؤلات لماذا اعتبرت حماس في السابق طرح التهدئة بالتجزئة (على أن تكون بالضفة أولاً ومن تمتد إلى غزة) بمثابة رخصة للاحتلال للقتل في غزة، وهي توافق على تهدئة في غزة دون الضفة الغربية ؟، وهل إطلاق فصائل المقاومة للصواريخ من قطاع غزة من صباح الخميس سيعتبر مس بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني؟، أم مس بمصالح حماس التنظيمية؟، وهل سنرى من سيطلق الصواريخ على الاحتلال قابع في سجن المشتل أو سجن السرايا؟.
وبغض النظر عن التبريرات التي ستسوقها حماس للشارع الفلسطيني حول قبولها التهدئة مع الاحتلال عليها طلب الاعتذار من روح الشهيد القائد أبو عمار على مواقفهم تجاهه أيام مطالبته الفصائل بتحقيق تهدئة مع الاحتلال.