كما يقال في الدين ليس بعد الكفر ذنب،وكذلك الحال في السياسة،فالخيانة للوطن هي أعلى درجات الخسة والنذالة،وهي لا تقبل فيها شفاعة لا في دنيا ولا آخرة،ففي الاتفاقية المعنونة بما يسمى تعاون وصداقة طويلة بين الحكومة
العراقية المنصبة أمريكيا،وبين الحكومة الأمريكية والتي تحتل قواتها العراق،خدمة لأهدافها ومصالحها وأطماعها،في تعد واضح على حقوق وسيادة الدول وخرق سافر ووقح لكل الأعراف والمواثيق الدولية في احترام سيادة الدول وحق شعوبها في تقرير مصيرها،نجد ونكتشف زيف كل الدعاية الأمريكية حول الديمقراطية المزعومة،ومحاربة ما يسمى “بالإرهاب”،حيث صاغت هذه الحكومة،مع أدواتها المأجورة والمنصبة بحرابها”حكومة المالكي” اتفاقية،ذات ملاحق سرية تتيح لها القيام بكل أنواع وأشكال العربدة والزعرنة في العراق،واستباحة أرضه وشعبه وعرضه،دون أي حسيب أو رقيب أو محاسبة، فمهما ارتكبت قواتها من مجازر وقتل بحق الشعب العراقي،فهي محصنة وفوق القانون،ولا يجري محاسبتها أو حتى اعتقال ليس فقط أحد أفراد قواتها،بل وكل عصابات الأجرام من القتلة واللصوص وقطاع الطرق من شركات أمنية ومدنية متعاقدة معهم القوات الأمريكية،هذه العصابات التي لها باع طويل في الإجرام والقتل الذي مارسته بحق شعب وأهل العراق،وإمعانا في الإذلال وامتهان كرامة الشعب العراقي،نجد أن دعاة الديمقراطية ومنظريها،وكذلك دعاة حق الأمم والشعوب في الاستقلال وتقرير المصير،تجبر حكومة العراق الذليلة واللا شرعية،حتى في علاقاتها ومعاهداتها الإقليمية والدولية والخارجية،أن تكون مرجعيتها السفارة الأمريكية في بغداد،ناهيك عن أن القوات الأمريكية لها حق مطلق في إقامة معسكرات وقواعد وسجون على الأرض العراقية،وهي في تحركها وعملياتها ضد المقاومة العراقية،أو حتى شن عمليات عسكرية خارج العراق ضد ما يسمى بالتهديدات الخارجية “والإرهابية” على قواتها في العراق،لا تتلقى تعليماتها من الحكومة العراقية،وليس هذا فقط،بل وتسيطر القوات الأمريكية على وزارات الدفاع والداخلية والاستخبارات والأمن العراقية لمدة لا تقل عن عشر سنوات قابلة للتجديد لمدة غير محددة.
ورغم كل هذه الشروط المذلة والمجحفة،والتي تشرع الاحتلال،فإن القوى المأجورة والعميلة وعلى رأسها حكومة المالكي،لا تكف الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعراق الجديد،”عراق الحرية والاستقلال”،وأي حرية واستقلال تحت حراب وبساطير جيوش الغزاة الأطلسية وعلى رأسها قوات الاحتلال الأمريكي؟،وأدوات منصبة ومأجورة على شكل حكومة دمى،تتلقى تعليماتها وأوامرها من السفارة الأمريكية مباشرة،كما أنها جزء من عصابات الإجرام والقتلة،والتي تدعم وتمول وتسلح وتقود مليشيات وعصابات طائفية،تعمل على إغراق العراق في حروب طائفية ومذهبية،هدفها ضرب وحدة العراق وتفتيته وتجزئته وتذريره،هذه الحكومة المأجورة والمنصبة بالقوة فوق رقاب العراقيين،والتي أعدمت الرئيس القائد الشهيد صدام حسين،لا يمكن لها أن تجلب لا حرية ولا استقلال للعراق،فهي لا تمتلك أية رؤى أو برامج وحدوية أو عروبية،بل ما تمتلكه هو مشاريع طائفية مقيتة،تبقي العراق في دوامة الاقتتال والاحتراب الداخلي،خدمة لأهدافها وأهداف قوى الاحتلال الأمريكي، ففي عهد هذه العصابات المجرمة،أصبح العراق مرتعاً خصباً لكل عصابات الأجرام واللصوص وقطاع الطرق،ودمر الاقتصاد العراقي،وتراجع بمعدلات قياسية،كما ارتفعت معدلات الفقر والبطالة بأرقام فلكية وخيالية،وأصبحت تنتهك ويتاجر بأعراض العراقيات الماجدات في الطرق والشوارع العامة،وانعدم الأمن والأمان،ونهبت خيرات وثروات العراق،وطورد واعتقل واغتيل الكثير من علمائه ومفكريه ومثقفيه،وفقد النفط في بلد النفط،والأخطر من كل هذا وذاك،أن هذه القوى الفئوية والطائفية،تحاول سلخ العراق عن محيطه وفضاءه العربي،والقضاء على كل رموز سيادته الوطنية واستقلاله،وبث روح ومفاهيم الهزيمة والانكسار بين صفوف أبناءه.
إننا على قناعة تامة بأن العراق العروبي،والذي كان دائماً رائد الفكر القومي،والذي وقف دائماً الى جانب كل القضايا العربية في وجه القوى المعادية لأمتنا وقضايانا العربية، وفي قلبها ومقدمتها القضية الفلسطينية، فنحن كفلسطينيين لا ننسى،أنه في عهد الرئيس الشهيد القائد صدام حسين،رغم الحصار الذي كان مفروضاً على العراق،فأنه لم يتوانى عن تقديم الدعم لشعبنا وثورتنا الفلسطينية بكافة أشكاله وأنواعه،فهذا الشعب الذي تربى على الكفاح والنضال والمقاومة،على ثقة وقناعة تامتين،بأنه بفضل مقاومته وفي مقدمتها القوى البعثية،سيكون قادراً على دحر كل القوى المعادية والمحتلة،فالمقاومة العراقية تزداد ضراوة وشراسة،وتتطور وتتقدم كماً ونوعاً،وتعمق من أزمة وهزيمة المشروع الأمريكي في العراق بشكل متصاعد،وبما يكشف ويزيل القناع عن حقيقة وطبيعة الأهداف،التي من أجلها جرى احتلال العراق ونهبت وتنهب خيراته وثرواته،وضرب وتخريب اقتصاده،واحتجاز تطوره وتقدمه وتفكيك وتفتيت وحدته ونسيجه المجتمعي والتعددي.
وكثير من الحكومات التي نصبها الاستعمار والاحتلال،كان مصيرها الزوال والإسقاط ومزابل التاريخ،بقوة الشعب وجرأة وشجاعة أبناءه وصلابة ومبدئية ووحدة قوى مقاومته،فهكذا كان مصير حكومة نور السعيد،أيام حلف بغداد،واليوم وقي ظل انكشاف حقيقة أهداف الغزو والاحتلال،وطبيعة القوى الحاكمة والمنصبة بقوة الحراب الأمريكية،والتي تشارك قوى الاحتلال جرائمها في قتل وذبح الشعب العراقي،وتشكيل وقيادة ميليشيات وعصابات من القتلة والمجرمين،لن تكون يوماً من الأيام مؤهلة لقيادة الشعب العراقي،فهي جزء من الأزمة وليس جزء من الحل،وكيف ستكون هذه الحكومة أمينة على الشعب العراقي وأهدافه وحقوقه ومصيره؟،وهي تسمى الاحتلال الأمريكي للعراق بالضيافة والصداقة،وتعقد معه الاتفاقيات التي ترسم وتشرعن هذا الاحتلال،وتسمح وتجيز له القيام بكل الأعمال الخارجة عن القانون على أرض العراق،بما فيها إقامة قواعد عسكرية ومعسكرات وسجون،وتوفير الحصانة والحماية لجنودها ومرتزقتها وزعرانها،بل وشن هجمات خارجية من أرض العراق.
فهل حكومة بهذه المواصفات مؤهلة لقيادة شعب تربى على الثورة والنضال والحرية؟فكل الحكومات التي خانت أو تآمرت على مصالح شعبها على مر التاريخ والعصور،أسقطتها ولفظتها الشعوب،وأنا على قناعة تامة بأن شعبنا العربي العراقي بهمة وعزة أبناءه،وشجاعة وصلابة قوى مقاومته،سيلفظ هذه الأدوات والحكومات المنصبة بقوة حراب الاحتلال الأمريكي،ولن يسمح لاتفاقيات ومعاهدات الذل والعار والخيانة أن تمر.
راسم عبيدات
القدس – فلسطين
18/6/2008