وهكذا دوليك لمن يقرأ التاريخ فقد انشغل العالم كل العالم بلبنان الصغير.. وبأشجار أرزه منذ فجر تاريخ بلاد الشام..! فكيف بعرب البوادي والحواضر لا ينسون واحاتهم، وإسطبلاتهم، ومواخيرهم، فيتراكضون إليه سباقاً نفاقاً..؟ وكيف لا يحفظون من دون أيها ذكاء وعن ظهر قلب أسماء الطوائف وملوكها.. وأسماء الأحزاب وديوكها، وأسماء النواب، والمفتين، والبطاركة، والأقضية، والحارات، والزواريب اللبنانية..؟ لقد صار من النادر أن تجد بين العرب أولئك وهؤلاء، من لا يعرف بعبدا، وقريطم، وعين التينة، والمختارة، والرابية، ومعراب، وعرق توما، والتبولة..! هل يوجد عربي لا يعرف جعجع إخوان وأسعد حردان وفتفت كمان..؟ لقد تلبننت ذاكرة عربان البوادي يوماً بعد يوم.. وحرباً بعد حرب.. واتفاقاً بعد اتفاق.. وهكذا إلى أن نسوا حاراتهم، و أشواكهم، وبراغيثهم، وملوكهم، وانهمكوا جميعاً في الدبكة اللبنانية فصارت نكهة أوهام هزائمهم، وخياناتهم، وصفقاتهم، ومشروباتهم، ومازواتهم، لبنانية بامتياز..! ولم لا..؟ ألم تكن مراكب الفينيقيين، و (الفرعونيين )، واليونانيين، ومعابدهم، وبيوتهم، وتوابيتهم، وكلكات تقطيرهم، تصنع من أرز الله اللبناني وهم الذين كانوا من أهل الحضارة حينذاك..!؟ فكيف بالعرب لا يعيشون السياسة في لبنان ولوعن بعد.!؟ أليست الكياسة، و السياسة، والأحزاب، والمنظمات، وكل ما قل ودل من هذه وتلك أليست من المحرمات في بلدانهم.؟
هل عندهم فيروز..؟
ولأن أرز الله موجود في لبنان وحده لا غير فإنه سيظل هكذا إلى أبد الآبدين يعني بمثابة سوق الجمعة لعرب الصحارى الأشقاء.. مرتعاً لأحلامهم.. وفندقاً لغلمانهم.. وبازاراً مفتوحاً طيلة الوقت لادعاء الإخوة لكن كيف يكون بدوي صغير من آبٍ صحراوي كبير شقيقاً للبنانيين..؟ وكيف تكون الليرة اللبناية شقيقة للريال والدرهم..؟ أو وليد شقيقاً لبندر أوغبطة البطرك شقيقاً لابن باز أوحزب الله شقيقاً لهيئة الأمر بقصف الرقاب أو غير ذلك من موانع الحمل، والإنجاب، والأنسال، والأنساب..!؟
لا يا أشقائي..! لبنان لا صحراء فيه ولا آباء صحروايين ولا دشداشات ولا عكالات ولا صنادل ولا جمال ولا نفط ولا حتى مياه زمزم.؟ لبنان ليس فيه غير الطوائف والزواحف وأرز الله هل ينمو شجر الأرز في صحراء الحجاز أو بوادي الخليج وجزره العائمة حتى تنطلي حيلة الأخوة على الذقون..!؟
هل تبقون مساطيل يا أشقائي فنضحك عليكم كل حين لنذهب فنشرب كأسنا في دياركم ونعود بخفي حنين…!؟