تصاعدت اللهجة الحادة للمسئولين الفرس في الآونة الأخيرة حول رفضهم لاتفاقية بوش – المالكي الأمنية المزمع توقيعها بين الطرفين , وإذا كان الافتراض إن العراق دولة مستقلة ذات سيادة على قراراته كما هي سيادته على أراضيه ومواطنيه فما معنى الرفض الفارسي وما هي أسبابه ومبرراته إذا كانت الاتفاقية شأن عراقي داخلي ؟
من حيث المبدأ فان العراق يخضع للاحتلال حسب قرارات المنظمة الدولية بعد العدوان الوحشي الأمريكي فهذا أمر مفروغ منه ولا جدال عليه بين شخصين ونتيجة للضغط الدولي على الولايات المتحدة الأمريكية ولضغط الشارع المحلي الأمريكي وتماشيا مع ما معلن من سياساتها في رعايتها لحقوق الإنسان والشرعية الدولية وحريات الشعوب لابد لأمريكا من الانسحاب من العراق , وحقيقة الأمور التي يلاحظها المتتبع لمسيرة الاحتلال خلال الخمس سنوات وربع من عمر الاحتلال البغيض لقطرنا العزيز تشي بغير ذلك , فاذا سلمنا فرضا أو واقعا لرغبة المواطن الأمريكي بانسحاب جيوش بلاده الغازية من العراق وان حكومته انصاعت لتلك الرغبة خصوصا بعد التبديل في إدارتها المقبل نتيجة لانتخابات الرئاسة وما يطرح في الدعايات الانتخابية من مشاريع بخصوص ذلك وفي أحسن الأحوال بالنسبة لها لا يمكن أن تقر قيادات جيوشها بالهزيمة العسكرية المنكرة بالشكل الذي نراه اليوم بفعل الضربات العنيفة للمقاومة المسلحة الباسلة العراقية , رغم التطور الكبير للآلة العدوانية التي تمتلكها وما تدعيه من سيادتها الكونية كأكبر قوة ضاربة وهذا يعني في أحسن أحواله تقديم رئيسهم بوش الصغير الى المحاكم العسكرية على اعتبار انه المتسبب في إهانة إمكانياتهم القتالية وهيبة بلادهم كونه القائد السياسي والعسكري الأعلى لبلادهم .
إذن هل تنسحب أمريكا دون أن تحقق أغراض عدوانها ؟
بالتأكيد إن الرئيس الأمريكي بوش الصغير لا يأمر بسحب جيوش بلاده المعتدية فذلك ما أعلنه في أكثر من مناسبة وترك ذلك الأمر للرئيس الذي سيخلفه على كرسي البيت الأسود التعيس وفي اغلب الضن كما تشير كل المعطيات على انه سيكون مرشح الحزب الديمقراطي باراك اوباما الذل عزف كثيرا على وتر الانسحاب الحساس بالنسبة لشعبه , ولكن بوش ليتجنب كما يضن محاكمة شعبه له على الخسائر المادية والبشرية الرهيبة التي تكبدتها بلاده في عدوانها على العراق وتجاوزاته وانتهاكاته لحقوق الإنسان , ولكي لا يخرج بخفي حنين , يحاول فرض اتفاقية تدخل حيز التنفيذ مع بداية العام القادم حيث تنتهي فترة ولايته وتبدأ ولاية الرئيس المنتخب الجديد , وتنتهي فترة دعم وتغطية الكونغرس الأمريكي المالية للوجود العسكري لبلادهم , ورغم انه نجح في تمديد فترة بقاء قواتهم في العراق الى منتصف العام القادم , فهذه الاتفاقية تعتبر منفذ قانوني لبقاء قواتهم والتخلص من تكلفة ذلك المادية.
إذا كان الأمر بالصورة أعلاه متعلقا بالعراقيين والأمريكان فما شأن الفرس ليرفضوا الاتفاقية بشكل يصل الى إهانة رئيس حكومة المليشيات المالكي بخصوصها ؟
تشير اغلب أحداث المنطقة خلال العقود الماضية التي تلت استيلاء الملالي على الحكم الفارسي الى تحالف غير معلن بين الامريكان والصهاينة والفرس بشأنها ولذلك دلائل وشواهد كثيرة دائما كان فيها الفرس مطايا اليهود الذين يعملون على تلبية مصالحهم لالتقائها في الأهداف والنتائج , فهل يمكن أن تتبدل المواقف الآن ؟
من الطبيعي إن يرفض كل مواطن يحمل ولو ذرة من الولاء للعراق تلك الاتفاقية التي تشرعن الاحتلال الأمريكي للبلاد وتعطيه صفة الديمومة والبقاء طويل الأمد وحسب الرؤيا الفارسية إن العراقي مغلوب على أمره وبحاجة الى من ينصره ولاستقطابه والالتفاف عليه تبنت القيادات الفارسية هذا الرفض لتصيب عصفورين بحجر واحد على تعبير المثل العراقي , يكمن الأول في ما ورد أعلاه والثاني إيصال رسالة الى القيادة الأمريكية بان تأثير الفرس ونفوذهم هو الأكبر في الشارع العراقي وليظهروا رياءا كم هو حرصهم على العراق وأهله , فهل فعلا إن الفرس يرفضون الاتفاقية بين بوش وعميله المالكي رئيس حكومته الذي نصبته كوندا ليزا رايز؟
قطعا إن الفرس لا يرغبون برحيل القوات الأمريكية من العراق فلولاها لما استطاع أي فارسي أن يعبر من الحدود سنتمترا واحدا , فهذا حلمهم الذي حطمه لهم جند القائد الشهيد ” صدام حسين ” رحمه الله ورحم كل الشهداء خلال معارك صد العدوان الفارسي في ملاحم القادسية الثانية , قادسية صدام المجيدة التي لم تنتهي حتى تجرع دجالهم الأكبر خميني السم الزعاف بينما قدمت أمريكا لهم العراق على طبق من ذهب فجعلتهم يسرحون ويمرحون في ربوعه يعبثون بمقدراته ويعتدون على أهله وينهبون خيراته في الوقت الذي توفر قواتهم الحماية وتقف حائلا بينهم وبين أن تطولهم أسلحة رجال المقاومة البواسل وكل الأطراف تعرف حق المعرفة إن الوجود الفارسي مرتبط بالوجود الأمريكي في مقابل ذلك تنفذ قوات الفرس البرنامج الأمريكي الهادف الى إضعاف قدرة العراق القتالية بعد أن حل سيء الذكر بريمر مؤسسته العسكرية الوطنية وملاحقة وتصفية قياداتها البطلة , والعمل على تقسيم القطر من خلال الفدرالية التي اقرها دستورهم الذي يرفضه الشعب ويروج لها الفارسي عزيز طباطبائي وابنه عمار والأحزاب والتكتلات العميلة التي أنجبها الاحتلال وتطبيق نتائج مباحثات ” عزيز طباطبائي – كيسنجر ” التي جرت في العام الماضي أثناء زيارته لأمريكا والعمل على إثارة الفتنة الطائفية بين أبناء شعبنا ومن خلال سرقات الثروات الوطنية العراقية إضافة الى إغراق القطر بالبضائع الفارسية غير الصالحة للاستهلاك.
بعد هذا كله عن أي رفض للاتفاقية يتحدث الفرس ؟