رغم اعتبار أفغانستان أحد أكثر الدول المتشددة والمحافظة إلا أن تجارة الجنس فيها تشهد ازدهاراً غير مسبوق، حيث يباع الجنس بشكل واضح في بيوت دعارة مكتظة بنساء من الصين، يخدمن زبائن أفغان وأجانب، أما فتيات الهوى الأفغانيات فيعملن سراً في مجتمع يتظاهر بأنهن غير موجودات.
ففي أفغانستان يمكن أن تسمع روايات لفتيات هن ضحايا هذه التجارة منها لصغيرات تحت سن البلوغ مثل تحرش بالغ مبتور الرجلين بطفلة في الحادية عشر وشراءه إياها من أبويها مقابل خمسة دولارات، لينتهي بها المطاف لاحقاً بالتحول إلى مومسٍ.
وتقول وكالة أسوشيتد برس إن التقاليد التي تشدد على “طهارة” المرأة لم تفلح في منع الدعارة. وفي أفغانستان حيث تعتبر العذرية مسألة مقدسة للفتاة حتى ليلة زواجها، يدفع الأمر بفتيات الهوى الأفغانيات إلى ممارسة الجنس الفموي مع زبائنهن لضمان زوج في المستقبل.
من جهته قال كبير المحققين في قسم جرائم الجنس في وزارة الداخلية الأفغانية ضياء الحق إن الشرطة تقوم أسبوعياً باعتقال عاهرتين أو ثلاثة، هن في أكثر الأحيان ضحايا ثلاثة عقود من الحرب الطاحنة والفقر المدقع الذي يجبر معظم الشعب الأفغاني للعيش بأقل من دولار واحد في اليوم.
بدورها أكدت الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة الأفغانية أورزالا أشرف أن الدعارة موجودة في كل دولة تعاني من الفقر وهي موجودة في أفغانستان، معلنة أن المجتمع يتجاهل هذه المشاكل “لأن التقاليد مرتبطة بالشرف..وإذا تحدثنا في هذه المحرمات فإننا نحطّم هذه التقاليد.”
وتشمل تجارة الجنس في أفغانستان أعداداً كبيرة من الصينيات اللواتي تلبين رغبات زبائن غربيين يعملون في شركات أمنية ومنظمات إغاثة. وتقول العديدات منهن إن وسطاء خدعنهن وجررنهن إلى هذه المهنة بعد وعود بتأمين وظائف محترمة لهن.
غير أن الجنرال علي شاه باكتياوال، رئيس قسم التحقيقات الجنائية ينفي هذه الأقوال مشدداً “أنهن تأتين إلى هنا بمحض إرادتهن.”
بدورها تشرح ثريا سوبهرانغ من قسم شؤون المرأة في اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان “في ثقافتنا ذلك سيء جداً جداً” قائلة إن الدعارة وممارستها وفق قوانين البلاد تعتبر زنى ويعاقب عليه بين خمس و15 سنة سجناً.
أما وفق أحكام الشريعة الإسلامية فإن الزانية المتزوجة يمكن رميها بالحجارة حتى الموت.
وفي المقابل تقول منظمة “أورا” الإنسانية الألمانية إن بعض العاهرات يجبرن على دخول هذه الصناعة من قبل أسرهن، وتقول المنظمة في تقرير إن 39 في المائة من النساء اللاتي تعملن بتجارة الجنس وجدنا زبائن عبر أفراد من أسرهن، منهن 17 في المائة وجدن زبائن عبر أمهاتهن و15 في المائة عبر أزواجهن.
ومن القصص الكثيرة والمحزنة حول قاصرات انتهين في بيوت دعارة وضيعة أو ممن نجين والتحقن بمؤسسات إنسانية لمساعدتهن، قصة فتاة في الثالثة عشر بدأت براعم جمالها تتفتح وتتحدث أربع لغات، ثلاثة محلية والإنجليزية، لغة الأوردو تعلمتها في مخيم للاجئين في باكستان والإنجليزية تعلمتها عبر اشتراكها في صف في العاصمة كابول مقابل 2.40 دولاراً في الشهر، دون أن نغفل ذكر أنها المعيل الوحيد لأسرة مؤلفة من 10 أفراد.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس أنها على مدار أربعة أشهر من متابعة قصة الفتاة عبر مقابلات وعبر تقارير الشرطة وموظفي إغاثة، علمت أنها ( الصغيرة) لا تعرف ماذا يعني الواقي الذكري كما لم تسمع في حياتها القصيرة عن مرض “الايدز”.
وبقيت لأشهر وهي تصر بأنها فتاة “صالحة” وعذراء، غير أنها وفي مارس/آذار الماضي اعترفت بأنها تمارس الجنس الشرجي مع رجال منذ سنوات بدأتها مع الرجل المقعد الذي دفع لشرائها خمسة دولارات.
وخلال سرد قصتها وهي حانية الرأس خجلاً دأبت على إخفاء شعرها تحت حجابها فيما بدأت يديها متسختان من عوادم السيارات التي بدأت بغسلها لسنين مقابل أموال لإطعام أسرتها التي كانت لاجئة في بداية التسعينات في مخيم بباكستان.
وبعد عودتها مع أسرتها والعديد من الأفغان إلى بلادها قبل خمس سنوات في أعقاب الإطاحة بنظام “طالبان” عادت الصغيرة لبيع الصحف وغسل السيارات في شوارع كابول، مقابل ثلاثة دولارات في اليوم خاصة وأن دخل والدها الذي يبلغ 40 دولاراً في الشهر لا يكفي لسد جوع الأسرة.
ومن شوارع كابول التقت بالمقعد الذي كانت تدعو العم “لانغ” أي العم مبتور الساقين وهو أحد ضحايا الألغام، الذي تحرش لاحقاً بها خلال تعاطفها مع وضعه وتقديمها الشاي له مع رفيقة لها، وفق رواية الشرطة.
ومن هناك بدأت حياتها في تجارة الجنس، قائلة “لم أكن أعرف أي شيء عن الجنس.. لكن هذا ما حدث.”
وبسبب طبيعة البلاد يصعب جداً الإطلاع على العدد الحقيقي للأفغانيات اللواتي يعملن في هذه الصنعة.
غير أن تقريرا لجامعة محلية قدر في سبتمبر/أيلول الماضي وجود قرابة 900 عاهرة أفغانية في كابول.