بدأتْ آثار الحرب على العراق وتحديداً العمليات العسكرية التي دارت في الفلوجة تطفو على السطح وخصوصاً بين صفوف الأطفال حديثي الولادة، حيث طالبت العوائل في المدينة بإجراء تحقيق مستقل بشأن زيادة عدد الأطفال حديثي الولادة الذين يعانون من تشوهات خلقية.
هذه الآثار البيئية التي استفحلت بالشكل الذي جعلها تنعكس على الأطفال حديثي الولادة لم تكن بحاجة الى انتظار اجتماعات مجلس الأمن وتقارير المفتشين لكشف أسلحة التدمير البيئي الشامل المستخدمة في الحرب على العراق، فقد أعلنت عنها وزارة الدفاع الأميركية، بصراحة وتفصيل كاملين، قبل أسابيع من فتحها أبواب الجحيم في العراق، فـ(أم القنابل) وهي أحدى أسلحة الدمار الشامل تم اختبارها لأول مرة على حقل رماية في ولاية فلوريدا الأميركية بداية شهر آذار عام 2002 ، وزنها عشرة آلاف كيلوغرام، وهي تزيد في قوتها التدميرية بنسبة 40 في المئة عن أقوى قنبلة تقليدية، أما تجربتها الفعلية على البشر والحجر والطبيعة، فتُركت للعراق، حيث أوضح رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز في تصريحات حينها (أن كل الأسلحة في الترسانة أو في أي مرحلة من مراحل التطوير يمكن أن تستخدم، لقد حان الوقت لتجربة أسلحة الدمار الجديدة.
واوردت وكالة سكاي نيوز تقريرا من الفلوجة عن عوائل في المدينة اشتكوا فيه من طبيعة الاسلحة التي استخدمتها القوات الاميركية عام 2004 اثناء الحرب في العراق والتي تثير التساؤلات حول ما إذا كان لها علاقة بالتشوهات الخلقية لدى الاطفال الآن.
وعرضت احدى المؤسسات البريطانية من جانبها عن منح وجوائز للاطباء الاجانب الذين يجرون دراسات في الفلوجة للتوصل الى طبيعة التشوهات الخلقية التي ظهرت هناك، بدءاً من مرحلة حمل النساء وتطور الحمل والانجاب مع التدريب واجهزة لمتابعة علاج هذه التشوهات قبل ولادتها.
ويعتقد الان (ان الفلوجة تعاني من معدلات تثير القلق من حالات التشوهات الخلقية عند الاطفال ، منذ اعنف العمليات العسكرية ضدها في شهري نيسان وتشرين الثاني عام 2004 التي شهدت واحدة من اعنف حملات القصف بالقنابل في الحرب على العراق .
وحول مدى أخطار اليورانيوم والتشكيك بتأثيراتها نذكر حادثة حصلت مع مراسل شبكة سي.إن.إن (وولتر رودجرز)، الذي كان يرافق الجنود الأميركيين خلال الحملة العسكرية على بغداد، ففي رسالة مباشرة بعد ظهر الخامس من نيسان قال حرفياً: (لم يُسمح لنا بالذهاب الى مواقع المصفحات العراقية المدمّرة، لأن المكان كان مليئاً بالاشعاعات الخطيرة من قذائف اليورانيوم المستنفد التي ضربتها). فهل تريدوننا أن نصدّق أن خطر اليورانيوم المستنفد محصور بالاجانب ولا يصيب العرب؟ .
ويرى نائب رئيس مجموعة حقوق الانسان في الفلوجة حكمت توفيق ان هنالك 200 حالة من التشوهات الخلقية سجلت من قبل جمعية حقوق الانسان، ومعظم هذه التشوهات نشأت بعد الحرب على العراق ، والادلة – بحسب التقرير – نادرة – ليس هناك سجلات من حقبة صدام حسين يمكن مقارنتها مع الحالات الحالية – لكنهم يعتقدون بان نتائج البحث مثيرة للقلق.
وأوضح التقرير الذي قدمه ان المسؤولين كانوا مترددين في الحديث عن العراق، ولكن في مستشفى الفلوجة للاطفال اخبرت احدى الطبيبات بانها شهدث خلال الشهر الماضي حالتين من الولادات المشوهة خلقيا كل يوم.
وأشار احد اطباء العيون إلى (انه يتعامل مع اربع او خمس حالات لاطفال حديثي الولادة في كل اسبوع يعانون من نوع من تشوهات في العين). مؤكداً(ان ذلك زاد خلال السنتين الماضيتين).
وقال احد الذين يدفنون الموتى في المقابر في الفلوجة (انه عادة ما يدفن اربعة او خمسة اطفال حديثي الولادة كل يوم ومعظمهم مصاب بتشوهات خلقية) .
من جانبه قال البرفيسور نيكولا دياس(لقد عانيت من الاضطراب بسبب هذا التقرير في ظل غياب سجلات محددة للتعريف بمدى المشكلة، ولهذا السبب اشعر انه من المهم محاولة العمل لمساعدة العوائل التي لديها اطفال مصابون بهذه المشاكل لتشخيصهم قبل ولادتهم ولتوثيق الحجم الحقيقي للمشكلة).
وشدد على ضرورة (ان يكون هناك اطباء مدربون على استخدام اجهزة التحسس الحديثة بالموجات في حالات الكشف عن وجود حمل لكي يتم التعرف على النساء الحوامل اللواتي يعانين من حمل اطفال مشوهي الخلقة.