بقلم: صالح صلاح شبانة
بما فُطرنا عليه من مادية مفرطة وعدم وفاء للأحبة الذين تقاسمنا وإياهم المأكل والمشرب والملبس والمسكن ، وعاركنا الحياة حتى فصلت بيننا ، ونسينا الحمير وفوائدها التي لا تعد ولا تحصى …..!!
نعم أيتها الحمير الغالية ، يا رمز الأيام الخالية ، أيام البركة ، يوم كنا نكتفي برغيف خبز الشعير ، وان كان مخلوطا بحفنة قمح ، كانت تلك الأكلة أكلة برجوازية يستحق رب الأسرة عليها البخور والتحويطة لتحفظه بإذن الله من العين الفارغة (إللي تنطش فيها رصاصه مذوبه و مسمارمحّمى بنار) حتى لا تحسد ذلك الذئب (اللي غاب وجاب ) ووفر لأسرته رغيفاً من الخبز مع (شمّة طحين قمح ، مأكول الأسياد والأفنديه ) !!
او كردوش من الذرة البيضاء التي كانت مع أو دون الشعير طعامك الخاص ، فاعتدينا بصلافة على ما قسم الله لك من رزق ، فأكلنا ذراك وشعيرك ، بل اعتدينا على حصتك من التبن فأخذنا القصل لنزبل طوابيننا ، ونخبز عجيننا ، وانت صابر على ظلمنا ومكرنا ، على طمعنا وأنانيتنا ، نعيش على المصطبة ، أعلى البيت ، وتعيش في الزريبة ، قاع البيت ، والشيء الوحيد المشترك بيننا هو الأوكسجين الذي نتنفسه ، لأن الله حفظ حقك فيه مثلنا ، ولو كان الأمر بيدنا لحرمناك نصيبك منه !!! فهذه عاداتنا وأوابدنا ، خيانة فضلكم وفضائلكم يا معشر الحمير الفضلاء !!!!!
وعندما خنّا الأرض وهربنا عنها ولم نعد نزرعها ، بل تركناها حتى ماتت ، وزرعنا مكان الشجر عمارات وقصور ، وصرنا نركب السيارات والطائرات ، وصار أقل نعت ننعت معشر الحمير فيه هو : البهيم ، الغبي ، الواطي والوِطا ، ونطرده شر طردة ونأنف رائحتها ، وبعد أن كان (ابوالعيله)،صار تسلية لأغرارنا يتسلون بضربه والتنكيل به ، فهو غير ذا فائدة ، لا يحرث
ولايرجد ولاينقل ولا يُركَب ، وصار شباب الأجيال اللاحقة يفتخر ويتباها أنه ينظف مراحيض الحمامات في الفنادق ، ويعربد على أبيه أو جده إن طلب منه ان يسوق الحمار ويذهب ليحرث ساعة زمن في أرض الأباء والأجداد ، حتى لايرافق الحمار ، والذي لديه شرف وانتماء أكثر بكثير من أولئك المتفندقين ، حيث لا يخجل احدهم من مد يده ليقبض دولارا ينفحه له أحد السياح ، ويخجل من يده لو أمسكت كابوسة المحراث !!!!
لقد انسحبت من حياتنا بهدوء مفرط ، وبصمت كصوت القبور ، وحتى النور الذين حافظوا عليك لفترة أطول لحمل أمتعتهم في رحيلهم المتواصل ، تركوك الأخرين ، واستبدلوا تاريخك الوضاء بالسيارات ( البكمات ) ، فدخلت المتحف ومعارض التاريخ عند قلة قليلة لا زالت تستذكر زمان ، تكاد تنقرض هي الأخرى .
ولكن الزبد يزول والأصل يبقى ، فهذا هو النفط الملعون الذي جلب الشر والمنكر ، ورفع البعض الى الشمس ، ورمى الأخرين في اسفل سافلين ، فأغنى البعض غناء فاحشا وأفقر الأخرين فقرا مدقعا ، أبناء الغرب يسيطرون عليه مع فئة ضئيلة من أهله ، وباقي الأمة هم اللذين يتلقون الطعنات الغدرة والنزف والموت والعر والأستعمار ، ويصب في شرايين الحياة الغربية ، قتلة الأنسانية ، يدورون مع الشر أينما دار ، ويقتلون أحلامنا حيث ثقفوها !!!!!
لا نتنول طعاما الا فتات موائدهم ، ولا نحمل سلاحنا إلا إذا قبلنا شروطهم ، وهي أن لا يُجه إلا ألى صدور أبناء جلدتنا ، إخواننا وأحبتنا وأبناء عمومتنا ، وأن لاتعلو لنا قامة وأن نبق أقزاما وهم العمالقة !!!
النفط الملعون أيتها الحمير ألفاضلة معضوض الأن من الكلاب المسعورة ، ولم يعد الآن بمتناول أيدينا ، ولم نعد قادرين على استعمال أي وسيلة لها علاقة بمشتقاته ، ولم تعد المكابرة تجدي ، فبحثنا عنك وعن نسلك الكريم لنجدد عهد الأباء والجدود لبعيش معا وناكل معا (يوم عنا ويوم عندك والحال واحد ) ولنطبخ ونستدفيء ونخبز على مخلفاتك ، فأنت الأصل والفصل ، ولنعتذر لك أيها الحمار الفاضل عن تقصيرنا ، ولتسامحنا ، واجفاء والحقد ليس من صفة الأهل ولأقارب و الأحبه ، وفي الف داهية النفط وأهل النفط.
بقلم:الداعي بالخير صالح صلاح شبانة