لم أجد أي تعبير لائق لوصف الحال المزري الذي نعيشه ،من خلال الإنتكاسات الكثيرة والمتكررة ،إلاّ هذا الشبه الذي عنوت به مقالي، بعدما توجّه أحد الفلسطينيين يستنجدُ ويصرخْ ،عبرأحد المواقع في الأنترنت، طالباً من بعض الجزائريين الذين مازالات عروقهم تنبض، كسر الحصار على غزة ومدّ يد العون لهم. لست أدري هل سأجد من ينصفني في مقالي هذا؟ أم تتوال الإتهامات المُعلّبة والمعهودة من طرف ضعاف النفوس وعديمي الحجة؟. إن السجين الذي نقصده في هذا المقال ،هوذلك الفلسطيني في غزة أو في أي شبر من أرض فلسطين العزيزة ،وهو المُحاط بجدران إسمنيتة، وأسلاك كهربائية، ولايستطيع التحرك خارجها إلا تحت رحمة سجانيه . أما الغريق، فهو ذلك الجزائري أو غيره في بعض البلاد العربية ،ينتظر المعارضة التي بالخارج أن تفك عليه الحصار الذي يعيشه، وتفك عليه الطوق، وتكسرسياسة التكميم المسلطة والمُمارسة عليه ،وأن تنطق بلسانه، بل يتمنى أن تخرجه من هذا الوحل الذي دخل فيه ولو بأضعف الإيمان. مع الأسف، أن هذه المعارضة التي تنعم ببعض الإمتيازات حتى ولو كانت بسيطية ،هي نفسها تائهة ،تنتظر من الشعب أن ينتفض ،لتجد المبرر الذي يعطيها لها والهامش الأكبر للتحرك ولو إعلاميا ،لكن الحقيقة المرة،أن هذه المعارضة غير موجودة أصلا،وإذا وُجدت، فهي محصورة في أشخاص بعينهم، يعملون بمفردهم وبإمكانياتهم وفي بعض الأحيان، من دون تواصل فيما بينهم نتيجة عدم الثقة والأحكام المسبقة، وربما قد يكون حتى هؤلاء الأشخاص الذين أومأنا إليهم لايستطيعون الحركة كما يتطلب الأمرلعدة اعتبارات. كيف لمعارض لاجئ لايملك حريته الكاملة يستطيع أن يحرر شعبا؟ وكيف لشعب مُحتل ينتظر شعبا غارقا في أوحال الإستبداد والظلم أن يقوم بتحريره أو كسر الحصار عليه وهو بنفسه يعيش الحصاربمختلف أشكاله؟ إن الشعب الفلسطيني أو أي شعب آخروقع تحت الإحتلال أو هو تحت رحمة الطغاة والمستبدين من الحكام الظلمة ، الذين قتلوا فيه الإبداع وحُبَّ المبادرة من كثرة التهميش والحقرة والقهر، وأوصلوه إلى درجات من الإنحطاط، وصنعوا منه أجيالاً لا تحسن إلا التطبيل ،بل وصل الأمر إلى التخنث والإنحلال. إن أي شعب أراد التحرر عليه أن يعتمد على نفسه بالدرجة الأولى ،لأن العامل الخارجي هو كالمغناطيس الذي يريد صاحبه أن يخرج به شيئا ،سقط منه، وكلما حاول إخراجه سقط ثانية وثالثة ،لأنه يحتاج إلى قوة كامنة تدفعه إلى الخروج، لكن هذه القوة مع الأسف مفقودة، ومهما بلغت درجة قوة العامل الخارجي التي ذكرنا فإنها لاتستطيع أن تحُل َّ محل من في الداخل، ويبقى طلب الإغاثة غير مجدي ،فالكل منا مُطالب بأن يبذل قصارى جهده حتى نخرج سويا من هذا النفق الذي نحن فيه إلى بطحاء من نور يتحرر فيها الشعب ويسترجع سيادته المغتصبة ،وهو الذي يصنع في النهاية الحدث لاأن ينتظر من يصنعه مكانه. لابد من ذكر أمر مهم في الأخيروهو…. أن هناك هوة كبيرة بين المعارضة في الخارج وبين من هم في الداخل وفي بعض الأحيان تقع بين الطرفين تشاحنات ومزايدات وحتى تبادل الإتهامات بسبب البعد عن الواقع وعدم التواصل فيجب العمل سويا لتدراك الموقف وعدم ترك هذه التناقضات مسرحا للسلطة تتحكم في لعب حلقاتها وأوراقها ،تستغلها وتوظفها لصالحها . لايصلح في النهاية أن يستنجد سجين بغريق إلا إذا عرفا وعملا على الخروج من هذا المأزق الذي هم فيه ،ولن يتم ذلك في غياب فحص دقيق وتقديم دواء من طبيب ناجع ،يبقى السؤال من هو هذا الطبيب؟؟؟.