لحسن عيساني*
قالت صحيفة “الخبر” الجزائرية قبل أيام أن إدارة قناة “العربية” ذات رأس المال السعودي
لحسن عيساني*
قالت صحيفة “الخبر” الجزائرية قبل أيام أن إدارة قناة “العربية” ذات رأس المال السعودي والتي تبث انطلاقا من دبي قد اضطرت لنقل حلقة برنامج ” حوار العرب” إلى مصر إثر عدم تلقيها ردا على طلب ترخيص رفعته إلى وزارة الاتصال الجزائرية لإجرائه في الجزائر، بمشاركة مفكرين وباحثين عرب بارزين..
وكان البرنامج ينوي التنقل إلى الجزائر لإجراء نقاش سياسي معمق حول “دور وسائل إعلام عربية وأجنبية في تأجيج العنف السياسي” واستفادة الجماعات الجهادية منها كمنبر دعائي..
والغريب أن تختار “العربية” الجزائر نموذجا للنقاش ثم تعبر عن أسفها لعدم حصولها على الترخيص وتقول إنها كانت تتوقع ترحيبا من السلطات الجزائرية، لأن البرنامج يخدم خطابها الرسمي الذي يحمل بعض وسائل الإعلام مسؤولية جزء من العنف الذي عصف بالبلاد… وهو ما قد يفهم على انه تلميح غير صريح لقناة “الجزيرة” القطرية على خلفية الاستبيان “الخطيئة” الذي كان قد أجراه موقعها الجزيرة.نت والذي يدور حول سؤال: هل تؤيد قتل المدنيين في الجزائر؟ وأثار زوبعة في الجزائر قبل أن يسحب وتعتذر عنه الفضائية الأولى في العالم العربي.
لن ندافع عن موقف السلطات الجزائرية فحرية التعبير والرأي مسالة غير قابلة للنقاش ولا المزايدة، وما أحوج الجزائر إلى تسليط الضوء على قضاياها الحساسة من خلال منابر جزائرية حتى لا تضطر إلى الاعتراض على الكيفية التي تطرح بها قضاياها من خلال وسائل الإعلام الأجنبية أو وصد الأبواب في وجه هذه القنوات وقصر تلفزيونها الرسمي على تغطية ما يحدث في الجزائر الرسمية من الرئاسة إلى الحكومة إلى نشاطات الوزراء..وتجاهل جزائر المواطن الجزائري الذي يرزح تحت تهديد الإرهاب والغلاء والبطالة وانعدام السكن…وغير ذلك من مشكلات..
ومصدر الغرابة أن يأتي ذلك من فضائية “العربية” المنبثقة عن القناة الأم “إم بي سي” السعودية والتي كانت أول منبر ظهر عبره عباسي مدني وعلى بلحاج ومدني مزراق ورابح كبير وأنور هدام وكثير من الشيوخ والمفتين ومن خلالها مرروا أفكارهم ودعواتهم التي تعتبرها السلطة الجزائرية مصدر العنف والتطرف، وكان ذلك قبل أن تظهر أي فضائية أخرى..ولكن المشكلة على ما يبدو في ذاكرة “العربية”..
وهناك سبب آخر للغرابة وهو اختيار”العربية” الحديث عن وسائل الإعلام والعنف السياسي في الجزائر مع أن المملكة العربية السعودية مالكة القناة مناسبة جدا لاحتضان مثل هذه البرامج لأنها ببساطة تملك من ناحية معظم وسائل الإعلام وهي من ناحية أخرى منبت الجماعات الجهادية والتكفيرية والفتاوى النارية والكتيبات الصفراء وكل ما يجعل الحلقة ناجحة للغاية.. ومنها كانت ولا تزال تصدر فتاوى الغلو والتشدد من “شيوخ” مازالوا حتى يومنا هذا يحرمون وجه المرأة وقيادتها السيارة في بلدهم، ويكفر بعضهم من لا يقصر ثوبه ولا يطلق لحيته ويدعون في كل صلاة لولي الأمر بطول العمر فيما يحرضون على الإرهاب والخروج على الحاكم في البلدان الأخرى!!
والأغرب أن يثار هذا الموضوع في وقت كانت فيه هذه “العربية” تتنقل في أحياء بيروت وتستميت في تأجيج العنف و زرع الفتنة بين الشيعة والسنة خلال أحداث لبنان الأخيرة والتي فضلت العربية تسميتها “انقلاب حزب الله”…
* كاتب صحفي ومترجم