بقلم/ د. رفعت سيد أحمد
لا يخفي على العقلاء من ساسي وإعلامي الأمة الحاجة الإسرائيلية التاريخية للتطبيع الإعلامي والثقافي مع مؤسسات الإعلام والثقافة في بلادنا، وأن العدو الصهيوني (بالمناسبة لا يزال عدواً رغم ميوعة البعض وتزييفه لطبيعة الصراع) ولا يزال يحاول وبدأب يومي اختراق إعلامنا إما مباشرة أو عبر وسائط بهدف تطويعه، ونزع قيم الصمود والمقاومة من داخله وإحلال قيم الاستسلام والهزل مكانها، مناسبة هذا القول ما نشرته الكاتبة إيمان النقشبندي قبل أيام وقرأناه على موقع صحيفة (المدار)، من حقائق خطيرة عن علاقات مشبوهة لشركة روتانا الفنية التي يملكها الأمير الوليد بن طلال، مع إسرائيل، وكيف أصبحت بوابة للتطبيع الفني مع هذا العدو، وهو الأمر الذي يهدد ثقافتنا وأدبنا وفننا العربي، في البداية تذكر الدراسة أن أصحاب شركة إسرائيلية اسمها (نيوساوند إنتراكتيف م.ض) أن شركة (روتانا) كلفتهم بتمثيلها في إسرائيل لترويج وبيع إنتاجها الفني داخل إسرائيل.
ورفع أصحاب شركة (نيوساوند) وهما الإسرائيليان داهود امسيس ويوسف خلف، دعوة قضائية أمام قاضي المحكمة المركزية في تل أبيب، طالبا فيها بوقف بث الشركات الإسرائيلية للأغاني التي تنتجها (روتانا) إلا بعد الحصول على إذن من شركتهم (أي بعد بيع الشركة الإسرائيلية الأغاني للجهة العارضة)، بعد أن كانت شركات البث الإسرائيلية تبث هذه الأغاني مجاناً لعدم وجود وكيل حصري لـ(روتانا) في إسرائيل. كما شملت الدعوة التي رفعها أصحاب الشركة الممثلة لـ(روتانا) فرض غرامات على جميع مواقع الإنترنت التي بثت أغاني (روتانا)، بعد زمن توقيع عقد الشراكة بين (روتانا) و(نيوساوند).
وقدمت شركة المحاماة الشهيرة في إسرائيل (شيبوليت) بصفتها ممثلة لشركة (نيوساوند إنتراكتيف)، قدمت للمحكمة وثائق ومستندات صادرة عن شركة (روتانا) السعودية تكلف بموجبها الشركة الإسرائيلية بتمثيلها في إسرائيل، وذلك عن طريق أحد فروع (روتانا) في مصر.
محامي شركة (شيبوليت) من تل أبيب طلب من المحكمة استصدار أمر يوقف استعمال أغاني محسوبة لشركة (روتانا) فوراً، وأن يتم دفع مبالغ معينة من المال لمبعوثي شركة (روتانا) وهم أصحاب شركة (نيوساوند إنتراكاتيف م.ض) الإسرائيلية. واستند المحامون إلى مستندات ووثائق مأخوذة من إدارة شركة (روتانا).
صحيفة (آيس) الإسرائيلية نقلت عن محامي شركة (نيوساوند انتراكتيف) قوله (إذا لزم إحضار توكيل من شركة “روتانا” لإبرازه أمام المحكمة الإسرائيلية فإننا سنحضر التوكيل من “روتانا”).
أخطر ما في القضية أن القانون الإسرائيلي ينص على أن أصحاب الإنتاج الفني نفسه، أي (المطرب أو المطربة)، هم الوحيدون الذين يمتلكون حق طلب ثمن إنتاجهم من الإسرائيليين، وهذا معناه أن (روتانا) (وفقاً للقانون الإسرائيلي) قد وقعت على العقد نيابة عن عدد كبير من المغنين العرب، وإن أصحاب الإنتاج (المطربون العرب أنفسهم) هم الذين وكَّلوا شركة (نيوساوند) بتمثيلهم أمام المحاكم الإسرائيلية.
* ماذا تعني هذه الحقائق الخطيرة، إنها تعني من وجهة نظرنا الآتي:
1- أن شركة روتانا تفتح باب التطبيع الفني مع إسرائيل، لأهداف سياسية، وليس لأهداف مالية فهي لا تهمها هذه المئات أو الألوف من الدولارات فصاحب روتانا (الوليد بن طلال) حسب علمنا هو من أغنى مائة شخصية في العالم والأمر بالنسبة إليه ليس أمر مال، الأمر أمر سياسة، ويعتقد كثير من المتابعين لعلاقات دولته السرية بإسرائيل أن أعمامه وأخوته وعائلته الحاكمة في أرض الحجاز تعلم ذلك، وتباركه بل وربما هي التي طلبت منه ذلك.
2- نسأل وببساطة شديدة، أين نقابات مصر الفنية من هذا العبث بحقوق مطربينا وبالدور الوطني لفننا وثقافتنا، وهي النقابات الرافضة لتطبيع وفقاً لقرارات وتوصيات جمعياتها العمومية، وما هو موقف المطربين والمطربات العرب مما يتم بأسمائهم في إسرائيل، وهل سيصمتون أم سيرفضون؟ وإذا رفضوا، كيف يحولون هذا الرفض إلى فعل جاد حقيقي يجبر (روتانا) على التراجع؟
3- أخيراً ما رأي علماء الإسلام في هذا السؤال الأكثر بساطة ومباشرة: هل يجوز شرعاً أن من يتولى حماية مقدسات المسلمين والادعاء برعايتها ويشرف على غسل الكعبة وعلى موسمي الحج والعمرة؛ يمارس التطبيع السياسي والثقافي والفني مع قتلة المسلمين من الصهاينة والأمريكيين؟
أفتونا… أفادكم الله
E-mail: [email protected]