اذكر مقولة للمرحوم الوالد ( إذا دخل الجمل زقاق ضيق لا يستطيع الرجوع للخلف – إما أن يتوقف عن السير ويستسلم لقدره المحتوم أو يستمر في السير ليواجه مصيره المجهول )
هذا ما حدث للرئيس الراحل عرفات – دخل نفق أوسلو بتشجيع من ملك المغرب الراحل الحسن الثاني ودعم من الرئيس التونسي زين الصبايا ومباركة أبا جهل المصري .
وقد اعتبر الروائي الإسرائيلي المشهور ( عاموس أوز ) اتفاقية أوسلو أنها ثاني أكبر نصر في تاريخ الصهيونية – أما أحمد قريع فقد اعتبر الاتفاقية بعد توقيعه عليها أفضل هدية إلى ( بيريز ) في عيد ميلاده السبعين – وكل ما حصلنا عليه بساط احمر للرئيس عرفات و بصله للشعب الفلسطيني وانفتحت الأبواب لهرولة الأنظمة العربية نحو أبناء عمومتهم اليهود وزالت المعوقات أمام إسرائيل ونجحت في إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين والهند والدول الإفريقية .
كان الرئيس عرفات يفخر بأنة مصري الهوى وملك المغرب ( رئيس لجنة القدس ) بأنة يهودي الهوى أما الرئيس التونسي و المصري فان القدس بالنسبة لهما ليست أغلى من زجاجة صبغة الشعر السوداء .
نحن الآن على أبواب أوسلو عربية يسوق لها ساركوزي تحت عنوان الاتحاد من أجل المتوسط تتيح لإسرائيل السباحة بحرية في فضاء الوطن العربي بدون مقابل والدليل على الهدف الحقيقي للاتحاد إشراك كل من الأردن وموريتانيا رغم أنهما لا تطلان على ساحل البحر المتوسط – مشروع صفقت له كل من مصر وتونس والمغرب – كما أن السلطة الفلسطينية رغم أنها ليست دولة فهي مرشحة للمشاركة في المشروع وقد يجعل من الرئيس عباس ( مهندس أوسلو الفلسطينية ) نجم حفل افتتاح المؤتمر التأسيسي لهذا المشروع و إظهار ذلك بأنه انجاز وطني تاريخي على الصعيد العالمي .
هذا التأهيل يتطلب حل عقدة حماس وإدخالها في الزقاق الضيق المؤدي إلى الحفرة الساركوزية – لذلك بادر الرئيس عباس فجأة باستعداده للحوار مع حماس لاستعادة الوحدة الوطنية وعودة حماس إلى حضن الشرعية الفلسطينية – الشرعية الممثلة في رجل واحد لم يحصل على أكثر من 22% من الأصوات الفعلية في الانتخابات الرئاسية – رجل ارتباطه بالقدس ليس أكثر من ارتباطه بدار العدل الأعظم في حيفا – رجل لا يزال يشارك في الحصار المفروض على غزة و التنسيق الأمني مع الاحتلال وضرب المقاومة و اعتبارها عملا إرهابيا .
ليس لإسرائيل اعتراض جدي على مبادرة عباس – أما صالة الحوار الوطني فهي جاهزة تحت مظلة الشقيقة الكبرى مصر وليس تحت مظلة الجامعة العربية – مصر مبارك الواقفة موقف العداء الصارخ لحماس وجميع حركات المقاومة سواء في لبنان أو العراق وحتى الصومال – مصر الفاقدة للسيادة على أرضها في سيناء – مصر المستمرة في حصار الشعب الفلسطيني و إذلاله لعشرات الأعوام في المعابر و المطارات – مصر مبارك شريكة خادم الحرمين الشرفيين الحائز على شهادة محو الأمية بتقدير مقبول و شريكة الفرخ الأردني سليل أسرة أبي لهب – وما الاعتداءات الدموية اليومية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني واستمرار الحصار و التهديد بعملية عسكرية واسعة على قطاع غزة إلا لدفع حماس نحو الاحتماء بما يسمى الشرعية الفلسطينية والعربية بأي ثمن – تلك الشرعية العاجزة عن توفير الحماية لأهلنا في الضفة ليوم واحد .
نحن مع المصالحة الوطنية والوحدة الجادة و برنامج عمل وطني مشترك لكن ليس بالقيادة المفلسة والمستهلكة لمجموعة أوسلو – نحن مع قيادة وطنية تعيد فتح إلى أصالتها ومنطقاتها كحركة تحرر وطني تنتشلها من مستنقع أوهام السلطة .
بقلم : أسعد جوبير
2008-06-14