هُناك وهُنا مازال صدى الصوت والخِوار العربي يَترَدد على اوتار ألم أبدي يبدو فيها عالمنا بأنه مأكول ومَشروب مُنذ دهر أن لم يكن فعلا قد اكل الدهر وشرب على العرب, ويبدو ان زمان العرب زمان مُحَنَّط وقد توقفت عجلته عن الدوران مُنذ أن دخل العرب في غيبوبه لم يُحدَّد مكانها وزمانها لابل أنها غيبوبه تؤكد كَينونتها في أنماط واشكال تُوحِي بأن العربي والغيبوبه وَلِدا لِيبقيان توأم من المهد الى اللَحِد مُباشره, ويبدوأن العرب قد سقطوا في أتون الوَأد الذاتي والطَوعي مُنذ فقدوا الصِلَه بالزمان والمكان, وهُم اليوم يشبهون شجره مَسدوحَه على وجه الارض نَمت وتَنمُو على عكس أبناء جلدتها ومن ثُم دخلت في طَور خريفها الأبدي وفي طور انتظار الحَطَّاب والقَصَّاب….لا أدري كم هي عجائب الدنيا ولا ادري إذا كان العرب من ضمن قائمة العجائب أم هُم عجيبة العجائب, ومن العجائب أن شعوب هذه الدُنيا تسبح وتطوف في ميادين حاضرها ومستقبلها وتتجاوب مع الاحداث وتتالم لالام اوطانها وتسعى الى كُل مايدفَع بالأوطان الى الامام وتذود عنها المخاطر والمأسي وتسعى الى وَضع لبنة لبناء مجدها ورخاءها, بينما ما يفعلهُ العرب هو على عكس هذا إذ يذود العرب عن الاستعمار وعن الجلاد وعن الجهل والهزائم ويضعون لبنه وكينونه للخراب والدمار الوطني ويُظهرون قُدره فائقه على الاجرام بحق تاريخهُم وواقعهُم, و قدره فائقه عاى صياغة الهزيمه وتبريرها وإخراجها ومن ثُم حَشوَّها وتَلقيمها لافواه أجيال تَلوك الهزائم وكأنها تَلوك عِلكة إدمان لا حول ولا قوة للعرب للتخلص منها ولا من لَوكَها ولا حتى القُدرَّه على بَزقَّها في وجه صانِعها ومُسوِقها!!
ظل العربي وَفيا أبيا لِحُبه السادي لمصطلح “المؤامره” وجمالها[بشاعتها] السحري اللذي سلبهُ حق التأمل في حاله وأحواله وحَوَّلَهُ الى حاله كاريكاتوريه تَهرُب من واقعها وتَتَخلص من مَسؤوليتها بِإلقاء اللَوم على الأخرين وعلى “المؤامره” الى حَد ان تصبح المؤامره عباره عن كنز ينضح العرب منُه متى شاءو مِلح هزائمهُم لِيلعقُوها بطعم مَقبول يُخفي عَنهُم طعم مَرارة الهزائم ومرارة العيش تحت سطوة السَوط ورَحمة رَغيف خُبز يُعجَّن ويُطهى بين فَكَّي تَنِين يَغرُس أنيابِه ومَخالبه في لحم وشحم الوطن العربي ويلعَق في دماءِه ليلا نهارا منذ أمد الأمدين!
يبدو الاداء العربي لابل الحال العربي كأوتار مُقطعه ومقطوعه عن أصلها وواقعها المُهَشّم في هِيشَة هَشيم هائل ومُروِع بروع هذه الصوره اللتي تَنصَهِِرُ فيها أشكال وأبعاد الضياع العربي وابعاد تَقطيع الوطن والانسان العربي الى إربا إرباً تتقاذفها أفواه الاعداء كِرارا ومرارا وعلى مدى عقود من الزمن, لكن في الوقت نفسه لا يُحاول العرب حتى ستر الحد الادنى من عَوراتَهُم ولا المحاوله بِلَملمة لحم ودم جعله العرب أنفسهُم سُلعه رخيصه لكل من هَب ودَب وفريسه سهله لكل طامع, . ولكن شَر البليه هنا ليس مايُضحك لا بل يُبكي وللمثال ماجرىويجري للعراق الذي شارك العرب انفسهُم في تَسهيل وترسيخ الاحتلال الامريكي لَهُ وما جرى ويجري هو ليس احتلال فقط لا بل يتعدى هذا الى طَمَع الاف المُرتزقه الأجانب القادمون من كل بقاع الدنيا والمُقتنعون برخص الدم العربي بهدف الربح من خلال العمل في ذبح الشعب العراقي والتجاره بلحم ودم العربي اللذي سعى الحاكم العربي وحلفاءه في واشنطن مُنذ عُقود الى ذبحه وسلخه وتَجزيره عمليا وسياسيا ,وقد تعدى الامر عمليا وموضوعيا منذ زمن قضية سلب النفط العربي ليَصل الى جسد وروح العربي!!
يتخبط العالم العربي في فراغ وطني وسياسي ويَسير مُنذ عقود ليس على درب التيه فحسب لابل أنهُ غارق في تِيه لم يسبق لأمه في هذا العالم أن مَرّت به على هذه الشاكله المأساويه اللتي تَصِل الى حَد ان العرب قَلبوا كل المفاهيم والأعراف التاريخيه والانسانيه اللتي تتعلق بوجود وكرامة الانسان, وهُم يضربون اليوم أسوأ الامثال في الخنوع والاستسلام وأسوأ الامثال في القُبول والاستسلام للذبح والسلخ بهذه الطريقه المُشينه والمُخزيه اللتي توحي بإمكانية أن يَقبَّل العربي موضوعيا وعمليا أن يكون حقل تجارب لكل اصناف وادوات القتل الفعلي والموضوعي سواء كانت هذه الادوات “عربيه” او أجنبيه, بمعنى قابلية النفسيه العربيه لكل اشكال الارهاب الداخلي والخارجي دون أن يُشكل هذا حرَجا او حتى خَدشا في واقع وكرامة العر بي, والقضيه هُنا تَمِس في حَدها الادنى على الأقل إنسانية هذا العربي وهَدرُها بهذا الشكل المفضوح!!
يقف الحاكم العربي وبكل وضوح لجانب أعداء الأمه, وهذا مايعني ان هذا الحاكم ليس وحده مسؤولا ومُشرِفا عن وعلى هزيمة الشعوب العربيه والحفاظ على ديمومة هذه الهزيمه من خلال ترسيخ الاستعمار والقمع الداخلي والخارج, ولكن المسؤول الرئيسي ايضا عن بقاء الهزيمه كَتُراث وكواقع هُم الشعوب العربيه اللتي فقدت روح التَحَدِي والنضال وتركت للحُكام والامريكان الحُريه الكامله بذبحها ونهب ثرواتها وإذلالَها بكل الاشكال, لابل هنالك مسؤول أخر وهُم عَرَّابي الهزائم من كُتاب بلاط ومُثقفين اللذين يستغلون الاعلام وخاصة الفضائي في تبرير الهزائم ودعم سياسة أشنَّع وأهمَّج حُكام عرفتها البشريه وبالتالي مانراه اليوم هو غابه تَملأها ثُلل مُجرمه من حُكام ومثُقفي بلاط وامريكان ينهشون جميعا في لحم شعوب عربيه صارت عباره عن قطيع بلا راعي ولا حارس يحرسها من هذا الذبح الفردي والجماعي ليس في فلسطين والعراق كما هو ظاهر للعين فحسب لا بل هذا الذبح الجاري موضوعيا في القاهره والرياض ودمشق وعمان وفي كل الوطن العربي و للشعوب العربيه اللتي صمتت على مايجري في فلسطين والعراق,. ولم تَحسب الشعوب في الواقع ان ذَبحُهَها المعنوي والسياسي والاقتصادي من قبل حُكامها ومُشتقاتهُم أشنع بكثير مما تظن هذه الشعوب اللتي تَحوَّلت الىمُجرد مُشاهدين يُشاهدون بصمت ابشع الجرائم التاريخيه الحاصله للعالم العربي!!
سنين طويله تَفرج ويتفرج العرب على مُعاناة الفلسطينيون وذلك بالرغم من صمودهُم الاسطوري في ماعانوه ويعانوه من حصار ومجازر يوميه وتقطيع اوصال جُغرافي وديموغرافي وجرائم اغتيالات اسرائيليه, وتجويع وحصار, وبناء سُور عنصري التهِم اراضي الضفه الفلسطينيه ويَسجِن سكانها ويقطع اوصالها, ولكن ماجرى في غابة النَذاله والسقوط العربي هو ليس موقف المُتـفرج فقط لابل مُشاركة الحكام العرب اسرائيل وامريكا في حصار الشعب الفلسطيني سياسيا وجُغرافيا واقتصاديا!..واخيرا وليس أخرا لايبدو في الأفق العربي بأن هُنالك على الأقَل نِيَّه بالخروج من هذا الواقع المر لابل ان الواضح هو بقاء هذا الواقع الى رغم اننا نتمنى حال افضل!!
*الكاتب : باحث علم إجتماع ورئيس تحرير صحيفة ديار النقب الالكترونيه