ضحى عبد الرحمن
رئيس الوزراء المالكي يوم بعد يوم تتكشف عيوبه وإخفاقاته أمام الشعب العراقي ويتبين ولائه الحقيقي
رئيس الوزراء المالكي يوم بعد يوم تتكشف عيوبه وإخفاقاته أمام الشعب العراقي ويتبين ولائه الحقيقي
ضحى عبد الرحمن
رئيس الوزراء المالكي يوم بعد يوم تتكشف عيوبه وإخفاقاته أمام الشعب العراقي ويتبين ولائه الحقيقي لأسياده من قوات الاحتلال والفرس, ورغم انه لحد هذه اللحظة تمكن من اجتياز امتحان الولاء للسيدين بوش وخامنئي لكن اتفاقية الخزي والعار جعلته على المحك هذه المرة فتأريخ العبيد لا يتضمن سوى الولاء لسيد واحد وتأريخ العمالة يرفض الازدواجية فلا يجوز أن تكون عميل لجهتين في نفس الوقت مهما كانت طبيعة العلاقات بينهما.
قبل أن يقوم المالكي بزيارته إلى طهران خرج علينا الناطق باسم الحكومة علي الدباغ كما يخرج الفأر رأسه من البالوعة ليهذي كعادته ويقدم لنا كما عهدناه معلومات مغلوطة عن اسباب زيارة المالكي إلى طهران, فقد صوره لنا كأنه أحد فرسان الدائرة المستديرة ستكون بعهدته كل الوثائق التي تثبت تدخل إيران في الشأن العراقي, وسيحرج القيادة الإيرانية ويخرسها بأدلته الدامغة, وربما يربكها في موقفها الحرج سيما أن الاتفاقية العراقية الأمريكية يجري التفاوض عليها حاليا بمعنى أن إيران في موقف صعب يمكن أن يستثمره المالكي لصالح زيارته ويزيد من ضغطه سيما أن الرئيس بوش صرح خلال الزيارة لتلفزيون فرنسا القناة الثالثة بأن “على الإيرانيين أن يفهموا أن كل الاحتمالات مطروحة بما فيها الرد العسكري”.
هذا هو الانطباع الذي خرجنا به من تصريح الدباغ, بالرغم من كوننا دهشنا من توجيه المالكي لصابر العيساوي بإزالة نصب أم المعارك الذي أقيم عام 1991 وهو يمثل دبابة من البرونز موجه مدفعها نحو الشرق وعلم عراقي يرفرف شامخا فوق رؤوس الجنود العراقيين الأبطال الذين جرعوا الفرس كأس السم والنصب قرب وزارة الدفاع العراقية في منطقة باب المعظم, وسبقه إزالة نصب الشهيد العراقي الذي كان شامخا مقابل الجامعة المستنصرية لتضيع آخر المآثر الذي تذكرنا بانتصارات جيشنا المغوار على الريح الصفوية التي تهب من الشرق دائما!
كنا نترقب الزيارة ونحمد الله إنها المرة الأولى التي سيقف فيها مسئول عراقي يقول بجرأة هذه دلائل تدخلكم السافر في الشأن العراقي أنظروا بأنفسكم ونحن ننتظر جوابكم! وما ساعدنا على إستيعاب هذه الفكرة الطائشة إن وكالات الأنباء الفارسية أعلنت عن رفض مرشد الثورة على الخامنئي اللقاء بالمالكي, ربما بعد أن عرف الغرض من الزيارة.
ولكن الصدمات انهالت علينا من كل صوب لتعيدنا إلى نقطة البداية نعاني من الدوار والغثيان السياسي فالمالكي وهو في المطار صرح بأن العراق يهتم بأمن إيران وانه سوف لا يكون قاعدة لانطلاق أعمال عدوانية ضدها, فقلنا مع أنفسنا أنها جملة تستخدم لأغراض المجاملة والبروتوكول ليس أكثر.
وفي لقائه مع الرئيس نجادي ذهلنا ونحن نرى رئيس الوزراء وهو يقف في حضرة نجادي كأنما هو يؤدي الصلاة خنوعا وتذللا, وكانت الصورة معبرة ولو كانت بيد نجادي عصا فأنها ستكون معبرة أكثر, ولا أعتقد أنه في تأريخ العراق ومنذ اخترعت الكاميرات شوهد رئيس حكومة عراقية في صورة له بمستوى هذا الذل والانصياع والتخاذل!
قلنا مع أنفسنا إن الرجل ربما نسى نفسه كرئيس وزراء وتذكر عمله السابق كصاحب مطعم في منطقة السيدة زينب مما جعله يرتبك ويظهر مثل طفل أرتكب معصية أمام والده. والحقيقة أن الرئيس نجادي كما يبدو أنتبه لارتجاف وقشعريرة المالكي وتصبب عرقه فهدئه وطلب منه أن يأخذ نفسا طويلا وأن يجلس على الأريكة ليستعيد رباط جأشه قائلا مع نفسه لا حول ولا قوة إلا بالله!
المشهد الثالث كان في حضرة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي فقد ظهر المالكي بالزى الإيراني بعد أن خلع ربطة عنقه التي سبق أن ربطها خلال لقائه مع نجادي, وهرولنا إلى مواقع الفتاوى لمعظم المذاهب لنعرف فيما إذا كان ارتدائها يتنافى مع الرؤية الإسلامية ولكننا لم نعثر عن فتوى تمنعها فزدنا حيرة على حيرتنا, وقلنا مع أنفسنا ربما هي من أبجديات طقوس الطاعة والولاء التي يقدمها العبد لسيده, وربما نسى المالكي وضعه واستذكر أيامه الماضية وهو يقف بطابور الحسينيات في طهران لتسلم حصته من الحساء ورغيف الخبز. ولكن هذا لا يبرر نزعه الربطة فرؤساء الدول يفتخرون بلباسهم الوطني ورؤساء الهند ونيجيريا والباكستان وأفغانستان وبقية الدول خير نموذج على ذلك, فهم لا يمثلون أنفسهم بل يمثلون شعوبهم ويحترمون أعرافه وتقاليده, وحتى في الأعياد الوطنية لدول العام فأنهم يطالبون الضيوف بلبس البدلات الغامقة مع الربطة ويستثنون اللباس الوطني فقط باعتباره زي مقبول اجتماعيا لأنه له دلالات اعتبارية.
ومع هذا كننا ننتظر أن يطرح موضوع التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي لأنه الغرض من الزيارة كما صرح الدباغ ولكن الخيبة لازمتنا أيضا.
حصيلتنا كانت جملة من الخامنئي أشار فيها إلى أن الوجود الأمريكي في العراق هو العقبة الكبرى أمام وحدته وأن أحلام الأمريكان لن تتحقق؟ ولا نعرف لماذا يدعوه وجود وليس احتلال؟ هل بسبب مساهمة بلاده فيه أم لغاية أخرى! وما هي هذه الأحلام التي لم يفصح عنها الخامنئي هل تتعلق بالعراق أم إيران؟ ! فقلنا مع أنفسنا ربما يجد المالكي نفسه قزما أمام الخامنئي ونجادي لذا قرر أن يطرح الموضوع على مستوى نائب وزير مثلما طرح سابقا مقترحات على نائب وزير الخارجية الأمريكي نيكولاس بيرنز ورفضت!
وكانت الصدمة الأخرى عندما قرر المالكي الاستهانة بمشاعر ملايين العراقيين بزيارة المقبور مجرم الحرب وروح الشيطان الخميني, ويبادر بنزع حذائه قبل الدخول إلى الضريح والذي لم ينزعه في حضرة الأمام الحسين(ع), كانت تلك الصدمة الأشد قعا علينا والتي لا يمكن أن يغفرها أو ينساها الشعب العراقي فقد قدم العراق مئات الألوف من الشهداء والمعوقين والأسرى خلال حربه مع إيران, وتستدعي الحكمة والأخلاق والضمير احترام مشاعر عوائلهم وأحزانهم ودموعهم التي لم تجف بعد. لم يتوقع أحد بأن يكون مستوى النذالة والعمالة بهذه الضحالة, ولو كان أي عراقي شريف في موضع المالكي لنأى بنفسه عن القيام بهذه الزيارة تحت شتى التبريرات, ولكن أراد الله إن يمد بطغيانه ويفضحه أكثر ويعريه من رقة التوت الأخيرة.
وكما يقول المثل العراقي” زوجت بنتي من عناها راحت وجابت لي وراها” فلما تتحق نبوة الدباغ حيث لم يطرح موضوع التدخلات الإيرانية خلال الزيارة, وإنما عاد الوفد بكل رعونة موقعا على اتفاقية جديدة مع إيران تسمى” اتفاقية الدفاع المشترك” و لا نعرف كيف سيبرر الدباغ هذه الاتفاقية الدفاعية وعلى أي أساس وقعت وما هو الغرض منها وهل لدى العراق من أسلحة الدفاع للوقوف ضد ميليشيا وليس جيش نظامي؟ لقد صدمت وزارة الدفاع ومجلس النواب من هذه الاتفاقية المباغتة والتي يفترض وفقا للدستور أن تحظى بموافقة مجلس النواب قبل أن تعلن وتوقع, ولم تعرض تفاصيل الاتفاقية لحد الآن أو يعلن موقف إدارة الاحتلال منها.
ونقول للملكي كانت زيارتك لإيران تشبه رحلة السادات إلى إسرائيل زيارة عار بكل ما للكلمة من خز, وننصح الدباغ بأن يبتعد في تصريحاته عن قاعدة” عرب وين وطنبورة وين” فكفاكم كذبا ودجلا مثل دجالكم الأكبر, فالمالكي وحكومته هما أصلا نموذج للتدخل الإيراني في العراق, وتصريح الخامنئي هو تدخل في الشأن العراقي فعلام نطلب منه المستحيل.
الحصيلة التي خرجنا بها من الزيارة هي أمر واحد فقط, فقد تبين لنا أن للرئاسة رجالها الذين يليقون بها وتليق بهم, علاقتهم نسبة وتناسب تعطيهم دفع ويعطوها هيبة, تزيدهم رفعة ويزيدونها منزلة تمدهم بالكبرياء ويمدوها بالوقار, تزهو بهم ويفتخروا بها.
ولكن في العراق الجديد شتان بين الثرى والثريا فلم يثبت لحد الآن أي من الرؤساء منذ مجلس الحكم المقبور ولغاية العهد المالكي المظلم بأنه يليق بمنصبه أو يليق به منصبه, المشكلة أن المنصب عندما يكون أكبر وأسمى وأوسع ممن يشغله فأن المنظر يكون أشبه بمن يرتدي جلباب أكبر من قياسه بأضعاف, فتكون صورته مثيرة للسخرية والضحك.. وكان الله في عون العراقيين.
ضحى عبد الرحمن