محمدعبدالرحمن
عندما قرأت الخبرعلى موقع السي أنْ أنْ قلت لأتأكد قبل أن أتنكد ، فذهبت إلى اليوتوب ونقرت على الشاشة فرأيت بالفعل بطل الفلم جندي المارينز (ديفيد موتاري) وهو من أعلى التل يقذف بأقصى قوته بالجرو العراقي في المنحدر الصخري ، القناة قالت إنّ الجيش الأمريكي قرر طرد هذا الجندي من الخدمة كعقوبة له على خلفية جريمته بحق الكلب العراقي المعني ، إلى هنا لم ينته الخبر ، فإنّ السي أنْ أنْ أضافت ما نصه : (.. وجاء قرار البحرية الأمريكية بمعاقبة عنصر المارينز بعد نحو أسبوع من قرار إحدى المحاكم العسكرية بتبرئة أحد عناصر المارينز من تهمة التستر على جريمة قتل 24 مدنياً عراقياً، بينهم أطفال، في بلدة “حديثة” العراقية عام 2005 ) .
الكلب العراقي المغدور هذا حتى وإنْ كانت حظوظه في هذه الدنيا لا تقارن بحظوظ الكلب البوليسي الأمريكي المسؤول عن تفتيش أعضاء حكومة وبرلمانيي المنطقة الخضراء إلا أنه على الأقل وجد من ينتصر له سريعاً بخلاف المواطن العراقي القتيل . إن كان ذلك هو ما أرادت السي أن أن من موقعها الإعلامي في جنة الديمقراطية الأمريكية أن توصله للمتلقي فقد فعلت ووفت وكفت بل وزادت وفاضت بأن وضعتنا في قلب مقارنة موضوعية ثنائية دقيقة بين كلب وكلب وإنسان وكلب .
وبالتطبيق العملي المختبري وفق نظرية ( كلاب الحضارات) فإنّ تشريح الخبر من شأنه بالملموس أن يذكرنا بالكلب الأمريكي صاحب الفضل الأكبر على زعماء العراق الجديد ، فهو ينقلنا من فورنا إلى إحدى بوابات المنطقة الخضراء لنرى إلى الدور المحوري الذي يمارسه هذا الكلب الأمريكي الشــّمام في إشاعة الأمن والإستقرار ومحاربة الإرهاب وتثبيت دعائم الشرق الأوسط الجديد حين يخضع جميع السادة الدالفين إلى المنطقة الخضراء إلى سلطة أنفه لكي يبرئوا ذممهم قبل أن يسمح لهم بالعبور واحداً بعد الآخر، وبالطبع فإن كلباً في موقع قيادي أمني ستراتيجي حساس كهذا ما من شك بأنه يتمتع بجملة إمتيازات معنوية ومادية لا يمكن أن يحظى بها كلب عراقي عطال بطال سائب وغالباً مجروب كذاك الذي ألقاه (ديفيد موتاري) في الهاوية الصخرية . غير أنّ العدالة الأمريكية العمياء ولأنها لا تميز بين كلب عراقي بطال وكلب أمريكي بطل فقد انحازت للحق وليس غير الحق عندما حكمت على (ديفيد موتاري) بإنهاء خدماته في الجيش الأمريكي عقاباً له على فعلته النكراء ضد الكلب العراقي المسكين ولو كان كانت هذه الجريمة قد بدرت من أي برلماني أو مسؤول حكومي عراقي بحق الكلب الأمريكي الشـّمام لما كانت العدالة الأمريكية قد ترددت في طرده من وظيفته كإجراء عقابي مماثل لما تلقاه (ديفيد موتاري) ، ففي قاموس العدالة الأمريكية وقدر تعلق الأمر بالحقوق المدنية الإنسانية والحيوانية سواء الإعتبارية منها أو الأخلاقية أو المادية فلا فرق بين كلب عراقي وكلب أمريكي مثلما لا فرق بين مارينز أمريكي وكلب عراقي ولا بين برلماني عراقي وكلب أمريكي ولا بين كلب عراقي وبرلماني عراقي فإنما الجميع سواسية تحت أسنان المشط القانوني لا بادعاء واحد مثلي بل كما يتجلى الخطاب الأمريكي .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى (بفتح الألف لا بضمها) فإنّ طريقة عرض السي أن أن للخبر ترمي إلى فتح عيوننا المرمودة بسخام واقعنا الأسود على شرعة حرية نقل المعلومة بالمعنى الأمريكي ، أي تحت شعار (على عينك يا كلب) ، فهي عندما تستطرد وتصرعلى تذكيرنا حرفياً بأنّ قرار البحرية الأمريكية بمعاقبة (ديفيد موتاري) يأتي بعد نحو أسبوع فحسب من قرار إحدى المحاكم العسكرية الأمريكية بتبرئة أحد عناصر المارينز من تهمة التستر على جريمة قتل 24 مدنياً عراقياً بينهم أطفال في بلدة حديثة العراقية في عام 2005 فبالضبط تريد منا قصداً وعمداً أن ننفجر من موقعنا العربي في صورته العراقية كمداً على حالنا الكلبي إبن الإثنين وعشرين كلباً ترمز إلى مجموع القطعان الكلبية العربية لا بمنظار واحد مثلي ولكن بمنظار العدالة الأمريكية حسب نظرية (كلاب الحضارات) إياها.
وللحق فقد وصلت إلينا هذه المعلومة شكلاً ومضموناً وها أنذا كواحد من أبناء أحد هذه القطعان أجد نفسي بكامل إرادتي وشامل وعيي أداوم على العواء حتى أكون منسجماً وحركة التاريخ ولا أفوت على نفسي فرصة اللحاق بركب حضارتي وهي تصعد إلى قمة التل الأمريكي لكي تقف هناك على حافة الهاوية بانتظار أن تفوز بركلة تاريخية تحقيقاً لنبوءة (كلاب الحضارات).
عو عو عو … عووووووووووو ……