«انتصار». هكذا وصفت الشبكة الدولية لمعلومات حقوق الطفل موافقة مجلس الشعب المصري على قانون الطفل بعد حملة عنيفة من نواب «الإخوان المسلمين»، رأوا خلالها القانون «تنفيذاً لشروط المعونات الأجنبية».
يُختصر القانون في السجالات المحلية بـ«قانون الختان»، لأنه الأوّل من نوعه الذي يجرّم العادة الاجتماعية الخطرة «الختان»، وهو ما كان يرفضه نواب «الإخوان» وبعض نواب الحزب الوطني الحاكم بحجة أن الختان «أمر إسلامي». لكن السجال الفقهي كشف أنها عادة أفريقية انتشرت في مصر منذ عصور الفراعنة. ورغم ضمان الحكومة للغالبية، استجابت لضغوط «الإخوان»، ولم تجرّم الختان بشكل مطلق، تاركة ثغرة في القانون بإدخال تعديل مهم على المادة التي تجرِّم الختان، فتجعله جائزاً أو مباحاً في حالة الضرورة، وهو الاقتراح الذي وافقت عليه كتلة «الإخوان» ونواب المعارضة. وأشار رئيس مجلس الشعب فتحي سرور، إلى أن التعديل سوف ينصّ على إجراء هذه العملية في حالة الحاجة الضرورية لإزالة ضرر عن الفتاة.
ورغم الثغرة، تمكّن القانون من تصنيف العادة المنتشرة في مصر باعتبارها «جريمة»، ما يمكن اعتباره انتصاراً يأتي بعد حملات طويلة ضد الختان اشتعلت بعد وفاة فتيات أثناء العملية التي تجري عادة بأساليب بدائية.
إلاّ أن الشبكة الدولية رأت أن الانتصار كامن في المادة المتعلقة بإثبات نسب الطفل لأمه في حال رفض الأب الاعتراف به. ووافق مجلس الشعب على المادة في صيغة معدّلة تمنح الأم الحق في الإبلاغ عن طفلها وتسجيله في سجلّات المواليد واستخراج شهادة ميلاد له يدوّن فيها اسمه، على ألّا يعتدّ بهذه الشهادة في غير إثبات واقعة الميلاد. والانتصار الثاني هو تخصيص مقار احتجاز للأحداث داخل أقسام الشرطة.
ورغم الخطوة القانونية الإيجابية، إلاّ أن هذا يعدّ دليلاً جديداً على اقتسام السلطة بين الحزب الحاكم و«الإخوان المسلمين»، التي تبدو هنا سلطة اجتماعية تضغط من أجل صياغة القوانين الاجتماعية لمصلحة نظرتها المحافظة. فبعد نجاحها في «تمييع» تجريم الختان، نجحت في منع مادة ترفع سن زواج الفتيات إلى ١٨ سنة. إذ أثار نواب «الإخوان» مخاوفهم من أن تسبّب المادة انتشار الزواج العرفي. وهنا كانت خبرة رئيس مجلس الشعب في حذف المادة من قانون الطفل ونقلها كاملة إلى قانون الأحوال المدنية، وهو حل وسط. وعلى أي حال، عُدّ صدور القانون بصيغته الوسطية «نصف خطوة إلى الأمام».