يا عذرائي الجميلة أنا لن أعود ،عصفورك البريّ يا سيدتي، سيرحل ، سيهجر هذا القفص الذهبي .
أعترف يا سيدتي الجميلة بأنك داعبت جناحيّ بكثير من الحنان ولقمتني بأناملك كل الحُب ، ولكني يا سيدتي عصفور يعشق الطيران .
أعترف يا سيدتي الحسناء أن سحر أنوارك المتسللة من شرفة نافذتك أسرني يوما ً ما ، فحططت رحالي على مشارفها وألقيت بنفسي أسيراً مكبلا ً بين ذراعيك .
وأعترف أنك المرأة التي قلمت أظافري وهذبت مشاعري وروضت برقتها وحسنها وشوشاتي وهمساتي ولكنني اليوم سأطير خارج هذا القفص.
أنا يا سيدتي عصفور بريّ يعشق الحرّية ، يهوى الطيران في الخمائل الجميلة وعلى ضفاف الأنهار ، يلتقط الحُب من أفواه العذارى ويقبّلُ نسائم المساء.
أعشق فصول السنة بصيفها وشتائها وأتوق لمصافحة وجه الشمس في إشراقها ،وحين خلودها للنوم هاجعة خلف التلال .
لم أعد أرغب باختلاس نظرات محمومة من خلال عينيك الكحيلة إلى زرقة السماء ، وأتلهف بشوق لمغازلة القمر مجاهرة وليس من وراء حجاب .
قوس قزح ألوانه البراقة تناديني وهبات الريح المزمجرة في الخارج تستصرخني ، للحرية مذاق آخر يا سيدتي أجمل من طلاء أظافرك المخملي وأعذب من نسائم أنفاسك الربيعية .
العصافير يا سيدتي لن تغرد إن قصت أذيال أجنحتها ، ولن تنعم بدفء الشمس من ظلال القضبان ، العصافير يا سيدتي لا تهجع للكرى على ضوء المصابيح الخافتة وأنوار الشموع الحالمة والألحان الشاردة من فم القيثارة.
العصافير يا سيدتي لن تبقى سجينة للعشق وإن رويت شرايينها الظمأى بدماء المحب الصافية وبللت أجنحتها المتيبسة بندى الدموع ونسائم الآهات الحائرة .
إن شئت عذرائي مرافقتي فطيري معي وحلّقي
، داعبي بجيدك المتموج صفحات الجداول ولامسي بأهداب رمشك الناعم براعم الورود والزنابق ، اغتسلي بندى الفجر ورفرفي على أغصان الخمائل ، التحفي معي غيوم السماء في المساء ونامي في حضن القمر ، وعند كل صباح تسلقي خيوط الشمس وغردي ألحانا ً أبهى من عزف أوتار القيثارة ، وهذا القفص اهجريه ، حطميه ، لن يسكنه بعدي عصفور يغرد للحرية ويعشق الحياة .