أثارت رواية يوسف زيدان عزازيل الصادرة مؤخرا عن دار الشروق في مصر جدلا بين عدد من رجال الكنيسة المصرية، وألمح بعضهم إلى اللجوء للقضاء ضد الرواية. وانتشر مؤخرا أن الرواية مرشحة للمصادرة بعد أن احتجت مصادر كنسية لدى بعض الجهات الرسمية في مصر على ما تضمنته الرواية من أحداث تاريخية يرون أنها غير حقيقية، فيما قال مدير دار الشروق إبراهيم المعلم انه لم يتلق حتى الآن أي شيء رسمي بخصوص الرواية.
عزازيل رواية بطلها راهب مصري اسمه هيبا ولد بأخميم بصعيد مصر، في ذروة الصراع بين الديانة المصرية القديمة والمسيحية…
وعزازيل رواية بطلها راهب مصري اسمه هيبا ولد بأخميم بصعيد مصر، في ذروة الصراع بين الديانة المصرية القديمة والمسيحية التي كانت تتهيأ لدخول مصر وكان والده صياد سمك، وذهب ذات يوم الى معبد مصري، كان به بعض الكهنة، التابعين للديانة المصرية القديمة، وهربوا داخل معبدهم من اضطهاد المسيحيين، وكان الصياد يحمل إليهم الطعام سراً، ورآه بعض المسيحيين يقترب من المعبد، فانهالوا عليه ضربا.
ووفق قراءة الناقد حلمي النمنم بصحيفة “الإتحاد” الإماراتية ، يدخل ” هيبا” الدير ويتعلم الطب ثم يهرب الى الاسكندرية، فيرى اضطهاد المسيحيين بالمدينة لليهود ولأتباع الديانة المصرية القديمة، حيث اعتبروهم وثنيين ، ورأى هيبا بعينيه مصرع فيلسوفة الاسكندرية هيباتيا. وكانت هيباتيا فيلسوفة العالم القديم، واستوعبت الفلسفة اليونانية القديمة وفلسفة الاسكندرية ايضا، وكانت خطيبة مفوهة، فاتهمها رجال الكنيسة بالهرطقة، وذات مرة وهي تلقي احدى خطبها، تم الاعتداء عليها، وقُتلت بطريقة بشعة.
وعزازيل هو الشيطان أو إبليس الذي يغري هيبا بأن يحكي مذكراته وسيرته، وفيها علاقة نسائية – وفق الرواية – مع احدى سيدات الاسكندرية لا تليق براهب والسيدة هي اوكتافيا قتل المسيحيون زوجها أيضا، وكانت علاقتها بالراهب قائمة على الغواية ، واستسلم هو لغوايتها تماما. ومن خلال الرواية نعرف كيف كان حال الاسكندرية من حيث الثراء والنهوض العمراني والتألق الثقافي والفكري فضلا عن المستوى الاجتماعي الراقي لأهلها، حتى هاجمها رجال الكنيسة متهمين أهلها بالوثنية، فهدموا المعابد فيها وبيوت السادة ، وأوكتافيا هي صوت الاسكندرية القديمة داخل الرواية ورمز انهيارها.ويرحل هيبا من مصر عبر سيناء الى فلسطين، ويبقى في القدس فترة ثم ينطلق منها الى سوريا، ليقيم في حلب ومن هناك يكتب سيرته وذكرياته.
تركز الرواية على ثلاثة أمور تثير غضب بعض رجال الدين المسيحيين في مصر، الأول ان رحلة المسيحية في مصر، كان فيها عصر سمي بـ”الاستشهاد” في البداية، لكن حين غلبت المسيحية فإن رجالها مارسوا عملية اضطهاد وإبادة واسعة لرجال ومصادر الديانة المصرية القديمة ، وهدم عدد كبير من المعابد والتماثيل الفرعونية باعتبارها أوثانا .والثاني ان هيبا في رحلته من جنوب مصر، حتى شمالها يمر بعدد من الأماكن التي لها قدسية خاصة لدى المسيحيين، والتي مرت بها العائلة المقدسة في رحلة الهروب بمصر، وتفند الرواية القول مثلا ب ” ان احدى الكنائس بأسيوط دشنها السيد المسيح نفسه” ، وتتساءل الرواية كيف حدث هذا والسيد المسيح كان طفلاً ولم يكن قد صار نبيا مرسلاً بعد؟
والثالث يتعلق بالصراع حول العقيدة المسيحية بين الآباء الأوائل، بخصوص الأناجيل، وطبقاً للرواية فقد كانت هناك سبعة أناجيل، أُحرقت منها ثلاثة الى الأبد وبقيت أربعة فقط ، ومما تثيره الرواية كذلك قصة التوحيد والتثليث في الديانة المسيحية، والرواية ترجح وتنحاز الى التوحيد.والدكتور يوسف زيدان أستاذ للفلسفة والتصوف الاسلامي، وحقق عددا من المخطوطات الاسلامية، خاصة اعمال ابن النفيس، وهو مسؤول مركز المخطوطات الاسلامية والعربية بمكتبة الاسكندرية، واتجه مؤخرا الى عالم الروايات، فأصدر من قبل روايته، ظل الأفعى وهي رواية اجتماعية ويكتب حاليا رواية جديدة بعنوان إل أي الاله في الديانات الشرقية القديمة.