طارق ديلواني
لن تسفر المعارك الدائرة بين التيار اللبرالي والتيار الاسلامي في الكويت الا عن مزيد من السطوة والانتشار والحضور للاسلاميين بدليل نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي عزز فيها الاسلاميون مواقعهم فيما تراجع اللبراليون بشكل ملفت .
مشكلة اللبراليين الكويتيين انهم يخوضون معارك خاسرة نتائجها شبه محسومة لصالح خصوهم وهي معارك تستند الى محاولة تغيير الموروث الديني والعقائدي والشعبي.
آخر هذه المعارك الخاسرة ما غصت به وسائل الاعلام من هجوم منظم على لجنة برلمانية انجزت في سنتين ما لم تنجزه حكومات وتيارات اسلامية وحركات دينية لها حضورها الجماهيري ومؤسساتها الفاعلة وادواتها النافذة .
“لجنة دراسة الظواهر السلبية” فكرة تنادى لتطبيقها مجموعة من النواب الكويتيين قبل سنتين واغلبهم من التيار السلفي الذي عزز حضوره في المجلس الحالي بشكل ملفت ، وهذه اللجنة قامت باحداث ما يمكن تسميته بانتفاضة ضد كل الظواهر السلبية والدخيلة والغريبة على المجتمع الكويتي الذي يراد له ان ينساق ضمن موجة التغريب والعولمة التي تأخذ في طريقها كثيرا مما تبقى من عادات وتقاليد وعقائد هذا المجتمع الذي كان الى عهد قريب مغرقا في المحافظة .
وتهمة نواب السلف في الكويت انهم حاربوا مظاهر كالشذوذ والانفتاح وحفلات المجون وتهريب الخمور والاختلاط وغيرها من ظواهرلا يمكن لعاقل ومخلص ومنتمي ان يسمح بها في بلاده .
الا ان التيار اللبرالي الذي استفاق فجاة على وقع هزيمة مدوية في الانتخابات الاخيرة وجد في عمل هذه اللجنة فرصة مواتية لتصفية الحسابات مع خصمه التقليدي وعدوه اللدود ممثلا بالتيار الاسلامي الكويتي عموما بشقيه السني والشيعي .
على ان نجاح ” ظاهرة” اللجنة هذه ادانة مباشرة ومعلنة للتيار الاخواني الذي تراجع بشكل ملحوظ في مجلس الامة الى 3 مقاعد فقط ودرس جيد في كيفية الانجاز وتحقيق النتائج على الارض دون التمترس خلف حزب او جماعة او الاسلام السياسي .
التيار السلفي الكويتي يحقق اليوم نجاحا باهرا وحضورا لامعا ويقطف منذ اللحظة ثمار عمل رموزه الدؤوبة خلال عقد من الزمن بل ويحجز منذ الآن اغلبية برلمانية مقبلة في مجلس الامة المقبل.
سبب الهجمة اللبرالية هذه الايام ي الكويت هو الخوف من النفوذ السلفي الذي اخذ يتجلى في كل مناحي الحياة اذ ان الاغلبية السلفية في مجلس الامة كفيلة بتمرير اي قانون يراه اللبراليون ” محافظا” او متشددا .
هي لعبة الديمقراطية التي يتشدق بها اللبراليون كل يوم وعليهم ان يقبلو بافرازتها واستحقاقاتها الا ان الانزعاج الحقيقي للتيار اللبرالي هو تغلغل الفكر السلفي في كل مفاصل الحياة تقريبا مقابل تراجع الفكر الاخواني” المعتدل” بحسب التصنيفات .
المراقبون يرون ان نتيجة اي انتخابات برلمانية مقبلة حتى لو كانت قريبة محكومة بفوز ساحق مجددا للتيار السلفي على وقع الهجوم المباغت الذي قام به نواب هذا التيار مع اول جلسة للبرلمان في محاولة لتحقيق انجازات على الارض وفرض امر واقع واقناع الناخب الكويتي بان اختياره كان في مكانه .
فلم تكد تنطفيء جذوة الصراع للوصول الى مجلس الامة حتى فرض تيار السلف على الحكومة حظر برنامج ستار اكاديمي المثير للجدل في الكويت ومعاقبة المعنيين ولم تكد تنقضي ايام حتى انتفض نواب السلف ضد حفل راقص وصف بالماجن نظمته ادارة احدى المستشفيات الاهلية لموظفيها ونشرت صوره في صحف يومية .
الاهم من كل ذلك هي المواقف الشعبوية التي تبناها السلف في ملفات هامة بالنسبة للكويتين مثل الاصرار على زيادة الخمسين دينارا وفرض جدول زمني لمعالجة اثار ارتفاع الاسعار.
ما يحصل على الارض هو ان ثمة تمدد سلفي مقابل تقهقر اخواني وليبرالي فالمجلس النيابي الحالي فرصة اكثر من مواتية للترويج للفكر السلفي في الكويت كبرنامج انتخابي اسلامي سياسي خدماتي .
ولسنا معنيين بتقديم النصح والارشاد للتيار الليبرالي فنحن من الداعين لسقوطه وزواله لكننا معنيين بحفاظ التيار الاخواني العريق على مكتسباته ومنجزاته خاصة في الساحة الكويتية.