((مابين السطور))
مظلة نووية للكيان الإسرائيلي.
دفاعات أرضية اعتراضية متقدمة.
ربط استراتيجي ببرنامج الإنذار المبكر الأمريكي.
وقبل أن أجمل هذه الدلالات الثلاث في ثلاثة سطور, لابد من وضع الأمور في سياقها, وتسليط الكشاف التحليلي من أعلى ليشمل كامل المشهد, ومن ثم استكشاف خارطة المسوغات السياسية والعسكرية, وماذا يعني ضرب إيران؟ وما الدواعي الحقيقية لضربها؟ وماهي تداعيات ضرب أهداف عسكرية واقتصادية ونووية في عمقها؟ وان كانت الضربة المحتملة تكتيكية؟ فما هي الأهداف الإستراتيجية لتلك الضربة؟ وما حقيقة ادعاء الخطر الإيراني على الكيان الإسرائيلي؟ وهل تلك التهديدات الإيرانية بزوال الكيان الإسرائيلي تقصد الزوال السياسي؟أم الزوال الجغرافي؟ وما علاقة تلك التهديدات بالأيدلوجية الإسلامية, أو بمخاض المشروع الشرق الأوسطي؟
بل وقبل تناول تلك النقاط بشكل جاف بمعزل عن البيئة السياسية المحيطة , دون ربط أجزاءه وتركه عرضة للممكن والمستحيل, لابد لنا من تناول السياق أو خلفية المشهد إن جاز التعبير, فإيران الثورة, إيران خامينائي,إيران صاحبة شعار الشيطان الأكبر, إيران المصنفة مع دول محور الشر, ليست إلا جزء أو عنصر من عناصر النظام الإقليمي الاستراتيجي, بل كيان يسعى للإفلات من اعتباره دولة مثل باقي دول المنطقة, والتفرد بامتلاك عناصر القوة للارتقاء صوب منزلة اللاعبين الرئيسيين للنظام الدولي الجديد, وذلك بالتميز النفوذي, حيث قمة النظام الشرق الأوسطي, والذي يظم إلى جانب الدول العربية حسب المخطط الذي يشهد مخاضا حقيقيا, كل من إيران والكيان الإسرائيلي وتركيا, كنظام سياسي اقتصادي قبل أن يكون تحالف عسكري يمتلك الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية مفاتيح تفعيله وتشغيله, وحتى برامج تفكيكه وتعطيله حسب المصالح الإستراتيجية الغربية.
إذن هنا لابد لنا من نظرة معمقة على حال أجزاء وعناصر ذلك الشرق الأوسط , بنظرة تركيز شديد على تفعيل أسلحة الإعداد والتهيئة والإجراءات الغربية, لإعادة صياغة عوامل التوازن مابين القوميات الأغلبية وكينونة الأقليات العرقية, نجد أن أهم تلك الأسلحة فتكا والتي تم تفعيلها من قبل الغرب داخل كيانات الشرق الأوسط, هي أسلحة الطائفية ذات اللون الأيدلوجي الواحد, والطائفية متعددة الألوان, وسلاح الثقافات مابين تصنيف التخلف والتقدم, وسلاح الإعلام الوافد المتغلغل الخطير, وسلاح الاقتصاد الأشد فتكا لتهيئة أرضية خصبة, لبرامج التنمية للعالم الثالث وتحديدا منطقة الشرق الأوسط لتيسير التدخلات وبرامج الإصلاح الاستخبارية والسيطرة عليها, فلا تكاد تخلو منطقة من دولنا أو كياناتنا الشرق أوسطية إلا وتخضع حاليا إلى ذروة تفعيل تلك الأنظمة الاقترانية الفتاكة, فعلى سبيل المثال لا الحصر دولنا العربية وبعد الترحم على مشروعها الوحدوي القومي الذي وافته المنية حسب المخطط منذ زمن, وتم القضاء على آخر جيوبه التي استعصت على برمجة الخطة المعدة لإعادة صياغة دويلات عربية يفرقها أكثر مما يجمعها, فتم إسقاطه عسكريا, وبعض من دويلاتنا العربية تحارب بسلاح الفقر وبالتالي الجهل, وذلك بشلل قدرتها على انجاز برامج التنمية البشرية والعلمية, وعدم تمكينها من استخدام إمكانياتها ومواردها البشرية والاقتصادية, وذلك لاحتكار أدوات التكنولوجيا العلمية والصناعية, واعتبارها مكن المحرمات وبمسوغات تظليلية مثل حرمة استخدام تكنولوجيا الطاقة النووية السلمية, وكثير من الأنظمة إن لم يكن معظمها أو حتى جميعها, لا تقوى ولا تملك الإرادة للتحدي أو التمرد على تلك الحدود الإستراتيجية الاستعمارية, فالعلم يوجد له سقف لايجوز تجاوزه حتى لا يعرض نفسه لخطر عقوبات سيد الكون السياسي الغربي”أمريكيا وحلفها الأوروبي” وباختصار هو التنازل عن السيادة والإرادة في العديد من صورها, وزيادة في تفعيل تلك الأسلحة الإجرائية الفتاكة, نجد أن الغرب وعن طريق وسطاء من بين ظهرانية الكينونة العربية, تعمل ليل نهار لإثارة الحركات الانفصالية, والتمرد على النظام بشعارات “حق يقصد بها باطل, ففي بعض الدول تتم عملية الجراحة القيصرية, بواسطة تحريك النعرات الطائفية والعرقية الأيدلوجية, من اجل تقسيم البلد الواحد , مابين جزء موالي للغرب, والجزء المستأصل يكون الغرب نفسه تحت مسميات النظام الإسلامي والأقليات المسيحية وادعاء اضطهادها رغم مرور العديد من القرون في حال انسجام النسيج الوطني الواحد, لكن تلك الأسلحة الشرق أوسطية, ماجائت إلا لتهتك خلايا ذلك النسيج وتعايشه وانسجامه الثقافي الأيدلوجي, بل تجاوزت تلك الأسلحة الشرق أوسطية الغربية, اختلاف ألوان الطائفية المتعددة, وبخطوات متقدمة لتحدث تصدعات تعتمد على التعصب الأحمق داخل الطيف الأيدلوجي الواحد, فمثلا في الثقافة الإسلامية وتعدد الطوائف والمعتقدات, رغم وحدة الثوابت الرئيسية الدينية, ليتم تصنيف المسلم السني العربي, عن المسلم السني الغير عربي, عن المسلم الشيعي العربي عن المسلم الشيعي الغير عربي وهكذا, وإلقاء كرة الحقد والصدام بواسطة الأيدي الخفية العابثة والدموية بواسطة أجهزة مخابرات الغرب واذرعته من العملاء من بين تلك الطوائف والأطياف والتي يجمعها أكثر مما يفرقها, لكنها صراع الإرادات, مابين إرادة علنية وخفية للغرب ذات قوة سياسية واقتصادية وعسكرية متحفزة لتدمير كل أوراق التوازن وتعريضها لبراكين دموية, ومن ثم من حرك تلك البراكين ببرامج شريرة معدة مسبقة, لهو القادر على إحداث هدوء لتلك العواصف والبراكين, بشروطه وفق مصالحه, فيكون القاتل والشيطان هو المنقذ باسم الأمن والسلم وحقوق الإنسان, ولن اطرح أمثلة يعلمها صغار الساسة والمراقبين, لن نتحدث عن السودان ولا عن فلسطين ولبنان, ولا عن مصر والخليج وليبيا والدول العربية في القارتين الإفريقية والأسيوية, لايوجد بها نظام واحد مستقر, إلا بقدر انسجامه مع خارطة الشرق الأوسط وانقياده مع تيار الهيمنة, ومن يستعرض أي عضلات تسلط عليه أسلحة الهيمنة الشريرة, ليصبح طائعا, وإلا يتم ابتزازه وسحب كل أبسطة الاستقرار السياسي والاقتصادي من تحت أقدامه, لذلك نجد أن بعض الدول في منطقتنا العربية واو الشرق أوسطية, تحاول الالتفاف والابتعاد عن خطر مواجهة الغرب, وذلك باللعب على أوتار بعض نتوءات الثورة وجماعات التحدي الصارخة للنظام الشرق الأوسطي وللولايات المتحدة خاصة, وذلك بتهديد مصالحها النفطية والسياسية في المنطقة الشرق أوسطية, خاصة المناكفات الصدامية مع الكيان الإسرائيلي, الذي يعتقد البعض أو ربما هو تمني اعتقادي غير مبني على بعد نظر سياسي لجذور العلاقات الإستراتيجية الغربية الصهيونية عامة والأمريكية الصهيونية خاصة, وذلك بتوجيه التهديدات للغرب من خلال تهديد كينونة ذلك الكيان الصهيوني السرطاني المسخ, حتى ذهب البعض بعيدا إلى الحديث عن موعد اقتراب زوال ذلك الكيان المسخ, دون أي إرهاصات عملية أو تهديدات حقيقية تجعل من التمني دلالة حقيقية.
إنما هي اللعب في الأوراق الصغيرة, من اجل الحصول على مكانة كبيرة في مشروع شرق أوسطي بات مخاضه ملموسا, ولن يؤثر على ذلك المخاض تبدل أنظمة رئاسية أوروبية غربية ولا إدارات أمريكية , فهو حلم جورج واشنطن نفسه كمشروع شرق أوسطي سياسي اقتصادي بعيدا عن تسميات الكشافة البحرية للتسمية الجغرافية بشرق أدنى وأوسط وأعلى, لعب في الأوراق الصغيرة من خلف حجاب وأحيانا مغازلات علنية راديكالية, كل الهدف منها مكانة مميزة سواء لإيران صاحبة شعار الزوال في الغد القريب, أو تركيا التي تعطي الولاء تلو الولاء للغرب ولامريكيا, من اجل دخول النادي الأوروبي بعيد المنال كدولة إسلامية علم أن طابعها اقرب مايكون للعلمانية وابعد مايكون عن الإسلامية, واضعف الإيمان السعي لمنزلة مرموقة في شرق أوسط سياسي واقتصادي جديد, لذلك ومثل غيرها من الأنظمة العربية التي تسابق البرق إلى علاقات رسمية مع الكيان الإسرائيلي, ونجدهم يرفلون ثوب الوساطة بين ذلك الكيان المسخ بوابة الغرب للشرق الأوسط الجديد, ومستودع الرضا والغضب الأمريكي الذي يقاس بناء على مدى حميمية من عدوانية العلاقة بين عناصر النظام الشرق أوسطي وبين نظام الكيان الصهيوني,فلا أجد حتى تاريخنا هذا نظاما واحدا من دول المشهد الشرق أوسطي لايسعى سرا وعلانية إلى إرضاء الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة, والعديد من تلك الدول المتلهفة لبركات الر1ضى الأمريكي, تأخذ التزكية أو تأشيرة مرور إلى فضاء الرضا, من تل أبيب, بل كثير منهم لايمانع من اخذ تلك التأشيرة من القدس”كعاصمة موحدة للكيان الصهيوني” لولا الحياء البغيض من باقي أجزاء النظام, فعالمنا العربي القريب وحاضنته من الأنظمة الإسلامية من حيث إرادتها السياسية والاقتصادية والعسكرية, ليست مدعاة لأي خير فأصبح بفعل تلك الأسلحة الفتاكة والاقتراب تحت العديد من المظلات الغربية, أصبح مايفرقها عشرات أضعاف ما يجمعها, أصبحت دول تناحر وبغضاء, أصبحت دول دموية وصدام, ويأتي من يستخف بواقعنا العربي الإسلامي المنهار, ليلعب في أوراق ثورية صغيرة متناثرة لا أمل منها لمواجهة إخطبوط الزحف الأوسطي والمتوسطي الأوروبي الغربي, لينبئنا بان النظام “الغربي” ينهار وقد أضاف نقطة للنظام”العربي” المنهار, ولا يستطيع أن يعطينا دلالة واحدة بغير الغيبيات لأننا امة غيبيات, علما أن ديننا الإسلامي الحنيف يحث على العمل وامتلاك كل أدوات القوة, العلمية والاقتصادية والبشرية, فابتعدنا في رحلة التيه والتشظي والشتات عن كل معالم العلو والانتصار الحقيقي, فان قلنا الغرب ينحدر أخلاقيا, فان الغرب صدر لنا ذلك الانحدار حتى عم جميع أقطارنا العربية والإسلامية , صدر لنا التقدم في شكل حريات سرطانية فتجرعناها بغباء, صدر لنا الأمراض الفتاكة وامتلك أمصال الشفاء, صدر لنا أورام الفتنة الطائفية وما زلنا نتعصب لها, صدر لنا ثقافاته التسويقية والاستهلاكية , وحتى موسيقاه ومسلسلاته التلفزيونية والفضائية على أنها البطولة والرقي الأخلاقي في حين أنها عامل الانحدار بعينه.
وما زلنا ننساق خلف ذلك الغرب لينقذنا من الأوبئة السياسية الداخلية, والآفات الاقتصادية رغم كثرة الثروات, ومازال من يسعون لمنزلة شرق أوسطية يعزفون على وتر آلامنا وطموحاتنا ويزورون الحقيقة دون أي مقومات لها وشعوبنا المسكينة العاطفية تطبل وتهلل لكل من انتقد ولعن الشيطان الغربي والأمريكي واتهم غيره بالولاء والعمالة لامريكيا, في حين أن رصيده التاريخي صفر وسلوكه الحالي لايدلل على أن تلك اللعنات اكبر من مغازلة من اجل نيل مكانة الحليف أو الابن المدلل, ومن ثم تجني الشعوب حصاد الإحباط الذي هو أهم أهداف تلك الأسلحة الفتاكة والتي تمكن من إجراء العمليات الإستراتيجية القيصرية, دون مخدر ودون حراك الضحية.
وبالمحصلة انغمست أنظمتنا العربية كجزء رئيس من الاستهداف الشرق أوسطي, في علاقات صلح مباشر وغير مباشر, مع الكيان الصهيوني الذي يتوقع له الزوال ككيان أيدلوجي, وبالمعطيات الموجودة يترجم ذلك الزوال إلى ارتقاء يصل إلى قمة الهرم الشرق الأوسطي الجديد, بامتلاك المقومات التكنولوجية , ومقومات القوة العسكرية المحرمة على سواه, إضافة إلى اعتباره والتأكيد على ذلك عمليا, كامتداد للثقافة الغربية, وامتداد للأمن القومي الأمريكي, هذا الكيان المتوقع زواله أصبح حقيقة غازية لمعظم العواصم العربية والشرق أوسطية, سواء بشكل علني أو بشكل سري, ومازال وسيبقى هذا الكيان هو العهدة والعهد للغرب الاستعماري والغرب التوراتي, بموجب الامتداد الحضاري والثقافي والسياسي, ومهما لهث الغافلون لتقديم الولاء تلو الولاء فسيبقى الكيان الصهيوني المعقل والقاعدة الإستراتيجية, لضمان اللمسات الأخيرة لشرق أوسط بل لمشروع متوسطي غربي يختم المشهد بهيمنة تحالف غربي على مقدرات وإرادات المنطقة الشرق أوسطية بأسرها.
في ظل هذا السياق وسقوط الركائز القومية, وانهيار الدعامات العربية, حيث أصبحت الحروب لطرد الصهيوني, من حكايات وأساطير الماضي, وأصبح السلام خيار أوحد استراتيجي, وأصبحت الثنائية العربية الصهيونية هي عنوان العلاقات بعيدا عن إستراتيجية القومية البائدة, فقد برز للوجود السياسي الخطر الإيراني كما يدعون وانه ليس خطرا على الكيان الإسرائيلي فحسب, بل اشد خطرا على الأنظمة العربية عامة, ومنطقة الخليج خاصة, وبالمقابل يتم بكثافة محاولات تطبيع وتطويع ذلك النظام الإيراني ليس كما يدعون كخطر إسلامي, لان وجوده كخطر إسلامي وحيد, دون المنظومة الإسلامية المليارية, ليس خطرا, بل حاولوا جعله كخطر إسلامي شيعي على الأنظمة الإسلامية السنية, من اجل استخدام نفس الأسلحة الطائفية الفتاكة, ودللوا على ذلك بأنه أي النظام الإيراني يسعى إلى تصدير الثورة على الأنظمة العربية والإسلامية في منطقة الشرق الأوسط, وما نجحت حتى الآن “الدبلوماسية الإيرانية الجافة” من استعادة ثقة الأنظمة العربية عامة والأنظمة الخليجية خاصة, بل ربما تسعى الدول الخليجية بموجب مجلس التعاون الخليجي إلى امتلاك مظلة نووية إستراتيجية بترخيص غربي لمواجهة الخطر الإيراني الجديد,وتتوالى أسلحة التطويع والتطبيع للنظام الإيراني, بتفعيل ادعاء السعي لامتلاك السلاح النووي, واعتبار إيران إذا ما امتلكت هذا السلاح, تشكل خطرا حقيقيا على الأمن والسلم الدوليين, وعند هذا المنعطف النووي, وتزامنه مع شعارات زوال أو إزالة الكيان الإسرائيلي, واللعب بالوراق والنتوءات الثورية الصغيرة, فإنما يكون ذلك لإدراك إيراني بحقيقة المشروع الشرق أوسطي, والسعي في ذروة مخاضه إلى حجز مقعد في كابينة الهرم الشرق أوسطي, لكن الكيان الإسرائيلي وبعد تطويع وتطبيع وصمت عناصر النظام العربي القريب والعربي الإسلامي في الدوائر المحيطة, وأمام التهديدات الإيرانية بإزالة كيانه المسخ, ومحاولة إيران الحقيقية لامتلاك عاصر القوة السياسية بالتدخل في ترتيبات وصياغات حدثت حسب المخطط, وامتلاك عناصر القوة وأهمها سلاح الردع الاستراتيجي, بل سلاح التقدم العلمي, يبقى الكيان الإسرائيلي هو الذراع الغربي في حال تقرر توجيه لكمة للطموحات الإيرانية, بمسوغات خطر إيران المعلن على الكيان الإسرائيلي, وربما ذهبت تجاذبات الأرصاد السياسية مابين استبعاد أو ترجيح ضربة قريبة أو مؤجلة لطهران ومنشاتها النووية والاقتصادية والعسكرية, والبديل هو التخلي عن الطموح النووي والانخراط في برنامج التأهيل الشرق أوسطي الذي بات يلامس العتبات, بعد اجراءت الصياغة بموجب مشاريع التسوية والسلام لعناصر النظام الرئيسية في المنطقة, ودون ذلك يمكن توقع مخطط دولي غربي للتفرد بإيران, بعد عزلها عن المحيط العربي والإسلامي بموجب خطرها عليهم, وعدم سعيها بخطوات عملية أو عدم نجاحها بتبديد الاستشعار بذلك الخطر, فيمكن عندها توقع هجوم على إيران بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي, وتأييد ودعم أوروبي بل بتأييد ودعم عربي, وهذا لن يتحقق إلا إذا توفرت ثلاث دلالات إستراتيجية رئيسية, أولها كخطوة استباقية مظلة نووية للكيان الإسرائيلي, فربما تكون إرهاصات الضربة, بتسريبات أوروبية أن صواريخ باليستية صهيونية ذات رؤوس نووية تحركت داخل الكيان الإسرائيلي وأصبحت معدة للاستخدام, وكذلك بموجب القواعد الأمريكية المتقدمة في منطقتنا العربية أو منطقة الشرق الأوسط,أو المناطق المحيطة بإيران يتم تحفيز مضادات الاعتراض الإستراتيجية الأرضية, فيما لو تحركت أي صواريخ باليستية إيرانية صوب الكيان الإسرائيلي, الذي لايحتمل ضربات داخله, لافتقاره للعمق الاستراتيجي, والخطوة الأهم هو ربط نظام الإنذار الصهيوني المبكر, بنظام الإنذار الاستراتيجي الأمريكي الأوروبي, والذي يضمن رصد الإطلاق الأرضي واعتراضه جوا, حسب الأنظمة الفضائية للأقمار الصناعية الإستراتيجية المتطورة, فدون هذه المقومات الإستراتيجية الثلاث لن يتم مهاجمة إيران, لكن الذي لاشك فيه أن المنشات النووية الإيرانية, هي هدف ليس ببعيد عن الضربة الأمريكية الإسرائيلية المدمرة, مع توقع أسوء إمكانيات المصداقية والرد الإيراني, وتفعيل أدوات الردع النووي الحقيقي ضدها إذا ما تمكنت من تسديد ضربة إستراتيجية للكيان الصهيوني, أو لمناطق النفوذ الإستراتيجية الغربية في الخليج العربي.
منذ عام ونصف تقريبا كتبت مقالة بعنوان”ماذا لو تم احتواء إيران؟!” والحقيقة أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية , مازال يحاول احتواء إيران,دون الحاجة لمهاجمتها وثنيها عن طموحاتها النووية التي لاتكاد أن تتجاوز أدوات الضغط من اجل تحسين المكانة السياسية, وببساطة فان السماح لإيران بامتلاك برنامج نووي عسكري سيشكل خطرا كبيرا على المصالح الغربية في منطقة الشرق الأوسط, وأنا على قناعة بان البرنامج النووي العسكري الإيراني مازال في طوره وخطواته الأولى, لذا استبعد أي ضربة على المستوى القريب لإيران, أما في حال تجاوز ذلك البرنامج النووي العسكري الخطوط الحمراء, وتزامنها مع تهديد كينونة الربيبة الصهيونية, وتهديد دول النفوذ المحيطة, فان ضربة وهجوم مباغت حتمي سوف يكون اقرب مما يتصوره البعض, وان كان هناك فعلا تخطيط حقيقي لتلك المباغتة,فاعتقد أن كل القواعد المحيطة بإيران مستنفرة, وان المقومات الثلاث التي جاءت بمقدمة المقال لاتحتاج إلى وقت لتفعيلها, فقط ربما يتم إبلاغ بعض اللاعبين الرئيسيين في مجلس الأمن باحتمالية المباغتة أو الهجوم, ولا اعتقد أن أي اعتراض أو تحفظ دولي سيحول دون تنفيذها إن كان الخطر حقيقي, أو كان لإيران دور ذات اثر في تعطيل ميلاد المشروع الاستراتيجي الأوسطي المتوسطي, والذي نشهد مخاضه, رغم أن بعض المراقبين ممن يضعون كل بيضهم في سلة واحدة تكون هي السلة المثقوبة, عندما يرجعون الأمر بما يتعلق بإدارة أمريكية دون غيرها, لان كل الإدارات المتعاقبة تتنافس استراتيجيا, في مدى إسهامها لدفع ذلك الحلم الاستراتيجي إلى حيز الوجود, وتطمح كل إدارة أن يكون الميلاد في زمانها, فحتى الآن لم يتغير نهج أي إدارة أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية بما يتعلق بالعلاقة الإستراتيجية والتعهد برعاية المصالح الصهيونية وتوفير سقف الحماية الدولية لذلك الكيان, وإخراجه من تحت أي سقف أو مظلة للقانون الدولي كاستثناء عن القواعد والمواثيق والنظريات السياسية الكونية, لذلك كله ووفق كل المعطيات في منطقة الشرق الأوسط عامة, وفي منطقتنا العربية خاصة, وحسب المشهد الذي يفيد عزل إيران عمليا عن محيطها الإسلامي, وعن عدم لإمكانية بناء قواعد سياسية مع أي نظام عربي, وانتفاء أي حلف إيراني دولي ذات اثر استراتيجي, فتصبح إمكانية ضرب طهران واردة رغم التهديدات الإيرانية ومدى مصداقية التهديد, والواضح أن وتيرة العزل تزداد عمليا, لذا فان عملية محدودة ومركزة ضد إيران ليست مستبعدة على الإطلاق,ولن يكون لها تداعيات لابحرب عالمية ثالثة ولا خامسة,فكل المعطيات البرجماتية تفيد أن إيران ستكون بمفردها في مواجهة التحالف الغربي الذي يمتلك قوة إستراتيجية مخيفة , سواء قواعد إستراتيجية ثابتة في المحيط الإيراني من دول الخليج أو دول المنظومة الاشتراكية السابقة, أو قواعد الأسطول الحربي والغواصات النووية الرابضة في حدود المنطقة, وتلك التي تجوب البحار طولا وعرضا لفرض الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.