كتب السيد جهاد الخازن بعيد انتخاب السيد جورج بوش رئيسا للولايات المتحدة في فترته الأولى انه كان لدى إعلان النبأ ضيفا في مكتب السيد عمر موسى والذي كان يومها وزيرا لخارجية مصر. السيد عمر موسى تلقى النبأ من أحد مساعديه, ووفقا للخازن, لم يملك أن يكتم ابتسامته.السيد الخازن قال انه يتوقع ربيعا مع القضية الفلسطينية من قبل الأميركيين كون السيد موسى وزير خارجية اكبر دولة عربية وهكذا كان رد فعله. مع أن السيد الخازن يطالع الصحف الأميركية, بل إن فحوى مقالاته هو تناول ما يجري في تلك الصحف. هو استسلم لحسه الصحفي, فالصحفي لا يأخذ الحقائق من كلمات الساسة, تلك ينقلها كما هي, ولكنه يأخذها من إشارات أخرى . زلات فرويدية يقتنصها من الساسة تقول له ما لم تقله الكلمات. زلات كابتسامة السيد موسى. هو بحسه الصحفي قال إنه يتوقع موسما طيبا للفلسطينيين. أن يخطأ السيد الخازن تلك قضية مفهومة , فليس للرجل مديرية استخبارات ولا مكاتب معلومات ولا مراكز دراسات ولا سفارات تأتيه بالأنباء من حيث لم يزود. السيد موسى الذي لم يعلق على النقل, وشخصيا قرأت له أكثر من مرة في الحياة, موضحا ومعلقا على مقالات تناولته في تلك الجريدة, ما عذره؟. تقرير منظمة الثقافة العربية قال إن ثلث العرب أميون, لا استغرب, بل أني اعتبره تقريرا غير واقعي إن انتقلنا بالأمية من فك الخط إلى التفكير وأدواته. لأننا بهذا الانتقال, الذي صار معيار الشعوب المتحضرة, لن يسلم من واقعنا سوى قلة, قلة قليلة اغلبها خلف القضبان أو محاصرة الأفواه.
الجديد اليوم الذي أريد أن ارفع صوتي به هو أن أكثر واشد من تلك الأمية منتشرة بين سياسي العرب. ليس خاف عليكم أن بعض الرؤساء العرب لا يعرفون القراءة والكتابة, وتغلب عليهم التأتأة حين يخطبون فينا, وقد سمعناهم في القمم العربية فشهدت عيوننا وعلمت أسماعنا ولم يأتنا بالنبأ فاجر كفور. كل هذا تعرفونه, ولكن الجديد الذي أريد أن أرفع صوتي به هو أميتهم السياسية. إن خرجنا من أمية القراءة والكتابة إلى أبجدية التفكير فليس بين الساسة العرب غير أمي إلا من رحم ربي. جورج بوش تلميذ المحافظين الجدد, هو واجهة, كومبارص بلغة السينما المصرية, وهناك منظرين أصدروا كتبا بعد أن كانت مقالات وفي مرحلة من عمر تطورها عرضت كدراسات. تحدثوا صراحة عن أفكارهم, وعن نظرياتهم في تقديم عقيدة للشعب الأميركي كي لا تذوب الأمة الأميركية وتلين وتنتهي كما تنتهي عادة الإمبراطوريات. هم بحاجة إلى عدو, عدو غير منظم, عدو يسمح بالتسلح لقتاله. ليس على طريقة الاتحاد السوفيتي حيث يمكن للعدو أن ينشر أفكاره ويصل إلى القمر ويحرج كيندي فتضطر الولايات المتحدة إلى كذبة أخرى ككذبة الوصول إلى القمر لمجارات السوفيتي. لأنه مع تطور العصر لم يعد بالإمكان الكذب كثيرا, أو على الأقل الاستمرار به بعيدا, وكذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق تحاصرهم. هم بحاجة إلى عدو همجي, يمكن أن يقوم بكل شيء, وفي أي مكان, فهذا الانفلات السياسي يستدعي من طرفه انفلاتا مقابلا يقود إلى غوانتناموا والسجون السرية الطائرة. هم يريدون عدوا على طريقة العصابات كي يكون كل شيء مشرع . هم قالوا صراحة أن الليبرالية في المجتمع الأميركي قد تؤدي إلى تحويل أميركا إلى دولة غير عدوانية, وحين تصبح لا عدوانية تصبح قابلة للسقوط. لذا كانت إستراتيجيتهم تستند على محورين : قتل الليبرالية لدى الشعوب الغوغائية, وقتلها أيضا في أميركا. بقدر عدوانية الغوغاء يمكن دفع المجتمع الأميركي إلى الحالة الدفاعية التي تبرر كل وسائل العمل العسكري وما يتطلبه من إعداد وتسليح, لا تنسوا تكرار السيد بوش لمصطلح ” العالم المتحضر” في كل مرة يريد أن يذكر بها شعوب منطقتنا, فهذا المصطلح يستدعي النقيض ” شعوب غير متحضرة” هذا التكرار هو خلق لحالة ذهنية في المواطن الأميركي عن هذا الأخر. كمال هذا الخلق يتطلب أن يتحدث هذا الآخر لغة أخرى في التواصل الحضاري لا يفهمها الأميركيون والغرب عموما ليتحول الحوار إلى صراخ لا يصل إلى شيء إلا المزيد من التشاؤم بالتقارب مع الآخر, وهذا دور القاعدة, بالتواطىء أو بالغباء, هذا دورها. كل هذه المعلومات والدراسات المنشورة فاتت السيد عمر موسى فأبتسم لفوز السيد بوش. كل هذا فات الاستخبارات المصرية, فات الخارجية المصرية, فات مراكز دراساتهم التي تصدر لنا الببغاوات على الفضائيات العربية فلا تزيد الجهل العربي إلا جهلا. بوش ينقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس, هذا خبر الساعة الذي تتناوله وسائل الإعلام العربية بالدراسة والتحليل, أين الجديد, لقد تأخر الأمر خمسة أعوام لو كنتم تبصرون.
—
حسام مطلق
Amman Jordan
00962777986775