شعر: عيسى بطارسه
لملمِيني،
من خَفافيشِ اشتِياقٍ
تقرصُ القلبَ
ولا تهدأ لو ثانيةً
مُذ غبتِ عنّي!
افتَرَستْني،
نَهَبتْ نوميَ منّي،
وذَرتني في ذُرى السّهدِ
كحبّاتِ غُبارْ!
طارَدتني من دِيارٍ لدِيارْ،
وسَقتني مُرَّ كاساتِ المرارْ.
* * *
لملِميني،
ودَعي صَوتَكِ يَهمي في حنايايَ
على البُعدِ،
املأي لي رئتيّْ،
منهُ، كي لا يفسِدُ البُعدُ هوائي!
كلُّ عِرقٍ فيَّ إن لم يَسقِهِ
من صوتِكِ الغالي عليّْ،
جدولٌ أو همسةٌ
أو فُلةٌ أو عِرقُ ريحانٍ نديّْ،
فهوَ تيهٌ،
واغتِرابٌ في اغتِرابي،
وعَذابٌ في عَذابي.
فلدى صوتِكِ سرٌّ،
يمنعُ الوحشَةَ
من أن تَفتَرسني،
يغلقُ الأبوابَ في وجهِ
خفافيشِ اشتياقٍ،
تقضِمُ الصبرَ
ولا تُبقي لدي!ْ،
رغبةً في أيِّ شيءٍ لي هنا،
في أيِّ شيءْ.
فأنا خارجَ صوتِكِ، في البُعدِ،
وليدٌ ضائعٌ من دونِ حضنٍ
دافئٍ يؤنسِهُ،
من دونِ ثديٍ،
لا ينامْ.
وأنا في بُعدِكِ القاسي،
احتدامٌ للأسى،
أيُّ احتدامْ!
* * *
لملِميني،
وافردي ظلَّكِ فوقي ..
افرديهِ،
ودَعيهِ لي سماءاً وغِطاءاً،
منـزلاً لي، أو
موطناً لا أرتجي لي موطناً
في الأرضِ إلاّهُ ..
دَعيهِ ..
يَرعَوي فيَّ حنيني،
ويُداري فيَّ نَزعاتِ يَقيني،
وجنُوني!
فأنا خارجَ ظِلكِ
عصفورٌ قريرٌ .. تائهٌ
من حولِهِ الأرضُ
ظلامٌ في ظلامْ!
وأنا في بُعدكِ القاسي
احتِدامٌ للأسى،
أيُّ حتِدامْ.
لوس أنجيليس أيار 2008