منذ أن قرر باراك حسين اوباما أن يخوض عملية التنافس على الترشيح لمنصب المنافس على الرئاسة عن الحزب الديمقراطي بدأ ‘بخلع ملابسه قطعة قطعة’ وظل يمارس ذلك في كل مرحلة من مراحل السباق إلى أن جاءت النتيجة الأخيرة التي حسم فيها الأمر لصالحه وكان عندئذ قد فقد كل شيء ووقف هكذا ‘بكل عريه المفضوح’ أمام لجنة الايباك الصهيونية التي تمثل أقوى مؤسسة يهودية في الولايات المتحدة الأميركية وأقوى لوبي منظم يعمل هناك.
ليست هذه المرة الأولى التي اكتب عن باراك اوباما فقد كنت كتبت ثلاثة من المقالات عن الرجل وخاصة في ظل المراهنة المبكرة عليه من قبل الكثير من المثقفين والكتاب العرب الذين يبدو أنهم اعتقدوا بأنه سوف يكون ‘المخلص’ للعالم وليس فقط العالم العربي من كل هذا الجور الذي ألحقته الولايات المتحدة الأميركية من خلال سياساتها التي اتسمت ولا تزال بمحاولات الهيمنة والسيطرة على العالم ومن خلال محاولاتها إيجاد مجرد دول تابعة أو حكاما من العبيد في دول العالم.
في اعتقادي بأن لدينا نحن العربان ميلا للمبالغة كبير عدا عن أن لدينا ‘وربما يكون هذا جزءا من ثقافتنا’ ميلا للضحك على الذات، حيث اعتقد بان الكثير من أولئك الذين هللوا للرجل إنما بنو مواقفهم على لونه وأصوله وعلى بعض من حملة قيل أنها تم شنها على الرجل، تلك الحملة التي اعتقد بأنها كانت مقصودة تماما وكان الغرض منها هو هذا ‘التهالك’ الرجل وأن يظل يركض باتجاه يهود أميركا في محاولات فيها الكثير من ‘الإذلال والتذلل’ سوف تظهر نتائجها عندما أو إذا كتب للرجل الفوز بالرئاسة والجلوس في البيت الأبيض.
وقد كتبت في الثالث من آذار من العام الماضي وبعد أن وقف اوباما أمام الايباك ليعلن عن دعم غير محدود للدولة العبرية كما وتطرق في حينه إلى البرنامج النووي الإيراني وعن استعداده لوقف البرنامج حتى لو تطلب الأمر عملا عسكريا على حد قوله، وقد قلت في حينه بأن هذا الرجل الذي يشعر بالدونية استنادا إلى ما كتبه هو بنفسه في كتاب ‘ أحلام من والدي’ لا يمكن إلا أن يكون مطواعا ذليلا في يد اليهود الذين يسيطرون على ساسة أميركا حيث يصف طفولته المبكرة التي لا وجود للوالد فيها إلا من خلال بعض الصور والأحاديث العائلية: ‘كان أبي يبدو بالنسبة لي أنه لا يشبه كل أولئك المحيطين بي، فقد كان يبدو كما القار (الزفت) بينما والدتي تبدو كما الحليب وهو قلما علق بذهني ‘.
اوباما الذي تعاطى الكحول في عشرينات عمره وأكثر من شربها كما انه تعاطى المخدرات – ماريجوانا وكوكايين -بحسب أقواله في الكتاب ذاته يؤكد على ذلك الإحساس بالدونية ‘كنت أفعل ذلك من أجل أن أبعد الأسئلة المتعلقة في من أكون عن ذهني’. وعندما نذكر هذا ليس لأننا نحاول أن نقول بان الرجل كان سكيرا أو عربيدا حيث أن هذه الفترة من العمر يمكن أن يمارس فيها الشباب ما يحلو لهم ولكن رغبة منا في عرض ما يقول الرجل عن نفسه ومن أجل تعريف القاريء العربي على من يكون الرجل وكيف ينظر إلى ذاته وللقارئ في النهاية أن يشكل الانطباع الذي يشاء.
عندما كتبت عن الرجل ما كتبت حاول البعض التقليل من شأن ذلك على أساس أن من المبكر استباق الأمور والحكم على الرجل، إلا أنني عدت وكتبت مقالا آخر انتقدت كل التهليل والترحيب بالرجل خاصة في ظل ‘اشتداد’ الحملة الظاهرة من قبل المؤسسات اليهودية عليه والتي كانت كما اعتقد ممنهجة ومنظمة ولها أهدافها الخبيثة التي دفعت بالرجل إلى أن ‘ينبطح’ أكثر أمام يهود أميركا، وقلت بأن أوباما ولا أزال بأن الرجل سوف يكون الرئيس الأكثر ضعفا أمام اللوبي اليهودي، إلا أن ذلك لم يعجب من هلل وطبل للرجل فعاند وكابر ودافع على أساس أن الرجل يتعرض لهجمة شرسة ولا يجوز أن نكون جزءا من حملة أو هجوم آخر عليه، وان علينا الوقوف إلى جانبه.
ثم عدت وكتبت مقالا ثالثا في الثاني والعشرين من آذار من هذا العام خاصة بعد أن ‘اشتدت الهجمة’ أكثر وأكثر على الرجل -أو هكذا بدت الصورة- من قبل اللوبي والمؤسسات الصهيونية، والتي اظهر أوباما بعدها ‘خضوعا’ لا يمكن أن يكون مقبولا من قبل رجل يريد أن يترشح لمنصب أهم دولة في العالم وان يكون سيد العالم، لقد شعرت بان في تصريحاته وأقواله ومحاولاته التخلي عن أصوله وانتمائه ابتذالا لا يمكن فهمه، صحيح أن المنصب الذي ينافس من اجل الترشح له منصب فيه الكثير من الإغراء لكن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن يكون الحصول عليه بعد ان يكون قد فقد كل ما يتعلق بالكرامة الشخصية واحترام الذات، ترى هل أنا الذي لا أرى أم هي الثقافة المختلفة والتي تجعلني أرى الأمور بعين مختلفة وفهم ربما يعتقد اوباما لو قراه بأنه فهم ليس مختلف لا بل ‘ متخلف’، ربما!.
واليوم فإنني أعود للكتابة عن الرجل بعد أن شاهد من يريد أن يشاهد أن السيد باراك حسين أوباما لم يبق ولا حتى ورقة التوت لتستر عورته، لقد وقف عاريا من كل الأشياء أمام مؤتمر الايباك وتنافس مع هيلاري كلينتون على من يظهر أكثر عريا وأكثر قباحة، بحيث فقد كليهما حتى ما تبقى من ماء الوجه، وكان جمهور الايباك يصفق طربا وسعادة بعد أن كانت عيون الجمهور قد اغرورقت بالدموع بفعل الصورة التي نقلتها عضوة كبيوتس كفار عزه عن مقتل أحد المستوطنين جراء سقوط قذيفة على المستوطنة بحسب يديعوت احرونوت الإسرائيلية.
واعتقد بان عيون الجمهور اغرورقت مرة أخرى بفعل هذا النجاح الذي تحققه المنظمة اليهودية بحيث تستجلب المرشحين الأميركيين لتتفرج على عريهم وعلى قباحاتهم ونفاقهم وهم يتذللون في محاولة لاسترضاء الصوت اليهودي. وهذا الكم من الوعود التي يقدمها المرشح أمامهم بحيث يصبح منساقا لهم ولكل طلباتهم بلا أدنى تردد أو لعثمة.
اوباما وبحسب ما أرى ومنذ اليوم الأول لدخوله السابق كان ولا زال وسيبقى ملتزما بالوقوف في جانب إسرائيل كما وسيقدم الدعم لإسرائيل أكثر من أي رئيس سابق وسيكون الرئيس الأضعف من بين الرؤساء الذين دخلوا أو سوف يدخلون إلى البيت الأبيض ولن يستطيع إلا أن يكون أداة طيعة في يد إسرائيل واللوبي اليهودي في أميركا.
بيت لحم 8-6-2008