جهاد نصره
كالعادة، أحاطت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي عموم أبناء وبنات الشعب السوري
جهاد نصره
كالعادة، أحاطت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي عموم أبناء وبنات الشعب السوري علماً بأنها أعادت انتخاب رئيس الحزب والأمين الأول كما جرت عليه العادة طيلة الخمسين ستين سنة الماضية.! وجرت الانتخابات كالعادة السرية..! وكما تنص عليه أحكام النظام الداخلي، وبالروح الرفاقية الكفاحية المعهودة…! هذه الحالة النمطية الهمروجية السائدة في هذا الحزب الذي خرج من الحياة السياسية كليةً بإرادته الحرة تشمل كافة الأحزاب الجبهوية العملاقة والتي نسي الناس من زمن طويل عددها وأسماءها..! وبالرغم من أن صغار القوم من مثقفي، ومناضلي، ومروجي الأوهام الطبقية التي هي عندهم يقينيات أيديولوجية لا تمس لا نقدياً ولا كلكاوياً لا يعجبهم بالتأكيد ما يكتبه أمثالنا من بسطاء الشعب الطبقويين وكيف تعجبهم الآراء البسيطة غير المعمّقة بعد أن ( أدمنتهم ) أحزابهم، أو أهامهم الذاتوية وهي وردية على طول ومقاس معتقداتهم الصنمية المقدسة أدمنتهم على الاهتمام الاستثقافي فقط بما هو ( سمين ) الحشوة أي معمّق ارتوازياً ..! ومن حسن الحظ أن هذه الحالة الانفلونزية غير معدية فهي تقتصر على بعض الحلقات الحلزونية الثقافوية الطاووسيية التي تنتشر فطرياً إبان مراحل الركود، والشحططة، والخمود الانكماشي..! وهي تظهر على سطح المجتمع خلال الحقب الأمنية الوطنية كظاهرة مرضية تعبيرية عن المناخ الاجتماعي السائد…!؟
وكأن هذه حالة المجتمعات الراكدة لم تقدم دروساً واضحة لكل صاحب عينين وأذنين وقد يكون أهم هذه الدروس هو ما تشرحه أم علي منذ بضعة سنين للمعاقين ذهنياً ولذوي الحاجات الخاصة حول إشكالية ( الجدوى الصفرية ) فهي تقول في بعض شروحاتها إنه بالرغم من كل التنظيرات المعمّقة التي اشتغل عليها المفكرون العرب بدءاً من محمد أركون والجابري ومروراً بخليل عبد الكريم وسيد القمني ونصر حامد أبو زيد وانتهاءاً بنبيل فياض وجورج طرابيشي وعلي حرب فإنه كما بينت الأحداث الدموية المذهبية في الجزائر ومصر والعراق وغيرها من البلدان المرشحة دائماً للجزأرة أن كل اشتغالاتهم المعمَّقة وفائقة الأهمية لم تراكم وعياً جمعياً يبنى عليه ولا هي أسست لمرتكزات حداثية في البنى المجتمعية بل الذي حدث هو النجاح المستمر لسلط الأمر الواقع في تطييف المجتمعات العربية ودفعها أكثر فأكثر نحو الخلف حيث أمجاد الأمة التليدة..! وهذا يعني بصريح العبارة أن مردود اشتغالات المفكرين والفلاسفة العرب بقي منحصراً في أضيق الحلقات النخبوية المعزولة عن الفعالية المجتمعية..! و الواقع الثقافي والسياسي الراهن، والحياة المجتمعية الراهنة في معظم البلدان العربية الراهنة و بكل تفاصيلها، خير تعبير عن هذه الحقيقة المرّة و عن الأزمة ( المعمَّقة ) التي تتكشف من خلال مقولة ( الجدوى الصفرية ) لصاحبتها المحروسة…!؟ والأسباب متعددة منها البنيوي الموروث ومنها الاستهدافات السياسية للنظم العربية وغير ذلك وهي ليست محل التطرق إليها في هذه العجالة..!
لكن الآن وبعد أن أخذ الشعب السوري علماً بانتخابات الحزب الشيوعي الذي احتل بفضل نضاله المستميت مواقع وزارية في الحكومات المتتالية.. وكراسي نيابية في المجلس الكريم.. وجنى ما تيّسر من السيارات الحبهوية.. والمكافئات الموسمية.. والسفريات السياحية وغير ذلك من المنكِّهات والتسهيلات والتظبيطات فالحصاد كبير بحيث لا يمكن لنا جمعه بعد هذا الفساد الرفاقي غير المسبوق الذي شارك في تظليله وتدويره من تحت شراشيب المظلة الجبهوية..!
يقول الفيلسوف الأوغاريتي الرفيق ( عدسو رع أمون ) : مثلما هي حالة بعض الكائنات غير العاقلة في الغابة توجد كائنات عاقلة لا تصل إلى سن الفطام أبداً…!؟