أخبار ومقالات ولقاءات تبهج وتسر القلوب, منذ يومان والجو الفلسطيني مهيأ لاتفاق جديد ومحاولات عدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الداخلي, فالرئيس محمود عباس يُوعد الشعب بإنهاء الصراع الداخلي قريبا, والقادة في حماس يردون بشكل ايجابي على ذلك, والدكتور غازي حمد يكتب مقال أذهل العديد بعنوان متى تدق ساعة الخلاص ؟..”.وهو يطالب بهذا المقال بإنهاء حاله الانقسام” فالجميع يطالب إنهاء الصراع الداخلي والجميع متحمس وبشكل ايجابي لإنهائه سواء على صعيد حركه حماس أو حركه فتح.
فماذا استجد من أمور؟ ولماذا بالوقت هذا الجميع بدأ يطالب بذلك؟ وماذا تغير؟ ومن أقنعهم بذلك؟, أسئلة كثيرة تحير القارئ أو المستمع لذلك.
هناك بعض الأسباب التي أدت إلى تلك الخطابات وهى متعلقة بالفلسطينيين (حماس- وفتح) وعلاقتهم بإسرائيل وهناك أسباب متعلقة بالجانب الدولي سواء كان ذلك مقصود أو دون قصد.
أولا :* بالنسبة للأسباب التي تتعلق بحركة فتح فالرئيس محمود عباس أدرك أن إسرائيل والولايات المتحدة غير جادين في عمليه المفاوضات, وبإقامة دوله فلسطينيه نهاية العام وإنما فقط يلعبون بالوقت لإضاعته, ولقد تأكد هذا الشعور لدى الرئيس محمود عباس منذ يومان وذلك حين اصدر الكنيست الإسرائيلي قانون ينص على أن القدس الموحدة هي عاصمة لإسرائيل دون أي تجزئه منها, فكيف الرئيس محمود عباس يفاوض وهم يصدرون القوانين التي تعمل على عدم التفريط ولو بشبر من القدس وكيف ستعمل إسرائيل على الموافقة على إعلان دوله فلسطينيه بعاصمتها القدس الشرقية نهاية العام وبنفس الوقت يصدرون قانون بان القدس موحده وكاملة عاصمة لهم, فهذا الشيء وغيره جعل الرئيس يتأكد من أن الجانب الإسرائيلي غير جاد في عمليه التفاوض, فأراد أن يطبب الجرح الداخلي وذلك لكي يضع خطه جديدة للتعامل مع إسرائيل بحيث تكون المعادلة الفلسطينية بعد الصلح الداخلي اقوي من مما كانت عليه وقت التفرقة والصراع الداخلي.
* ومن جانب آخر بعد الخطاب الذي ألقاه “اولمرت” الموجه لسكان “اسديروت” وتحدث بهذا الخطاب عن قرب الموعد الذي سيتخلصون فيه من عائق الصواريخ وأنها ستصمت قريبا هذه الصورايخ, فذلك دل على اقتراب ساعة الصفر بالنسبة لغزه وبالأخص بعد الأزمات العديدة التي تتعرض لها إسرائيل داخليا,
وهنا لا يريد الرئيس محمود عباس أن يتحمل إثم هذا العمل فسارع بطلب إلمام الجراح لكي لا يتهم بعد ذلك بالعديد من الاتهامات وأيضا لكي يقوى المعادلة الفلسطينية الداخلية وذلك لتقليل خطر أي عمليه ستقوم بها إسرائيل.
ثانيا : * بالنسبة للأسباب التي تتعلق بحركة حماس وأهمها الحصار القاسي الذي لاقته هذه الحركة بداخل القطاع والذي نتج عنه عدم تحمل سكان القطاع لهذا الخناق والحصار حتى أن الشارع الغزاوي أصبح غير قادر على الصمود أكثر من ذلك وانه حانت ساعة الانفجار الأعظم لهؤلاء السكان.
* وأيضا تأكدت حركه حماس من عدم جادية الدول التي وعدتها بالمساعدة بعد انقلابها فهذه الدول جعلت حماس تدور لوحدها بفلك غزه, ولم تستطع من تقديم المساعد لحركه حماس مما أرهق الحركة وجعلها غير قادرة على تكمله الدوران لوحدها.
* وأيضا فشل التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل حيث بان أن إسرائيل غير جادة من هذه التهدئة.
فهذه الأسباب سواء المتعلقة بسكان القطاع أو بالجانب الدولي أو بالجانب الإسرائيلي عملت على إغلاق جميع الأبواب بوجه هذه الحركة ولم يبق لها سوي باب الاتفاق وتطبيب الجراح.
ثالثا: * كان للبنان دور غير مباشر في تلطيف الأجواء الفلسطينية وتهيئتها لإنهاء الصراع فبعد الأحداث الأخيرة في لبنان بين حزب الله وحركه أمل والسنيوره, وتدارك جميع الأطراف الداخلية اللبنانية لخطورة الموقف, وإتمام الصلح بينهما من قبل أن يكبر هذا الجرح فذلك الشيء عمل على تشجيع الحركات في فلسطين لإنهاء صراعهم الداخلي أسوةً بلبنان.
رابعا: * لبعض الدول العربية دور في ذلك وهو أن بعد ما نجحت بتطبيب الجراح اللبنانية فذلك الشيء شجعها على أن من الممكن معالجه الجرح الفلسطيني فبدئوا يعملون بكل جهد لإنهاء وتطبيب هذا الجرح وذلك بالضغط على الطرفان سواء كان علي حركه حماس أو فتح لإنهاء صراعهم الداخلي.
فإذن أصبح إنهاء حاله الصراع مطلب فلسطيني على صعيديه القيادي أو الشعبي وأصبح أيضا مطلب دولي ولكن يجب أن يصدق الجميع بهذا المطلب لان الشعب لم يعد يحتمل أكثر من ذلك سواء في القطاع أو الضفة, فليصدق الجميع بنواياهم لإنهاء هذا الانقسام.
الكاتب \ خالد أبو رمضان
المعيد بقسم التاريخ والعلوم السياسية بجامعة الأزهر