بعد الديباجة المطمئنة التي قدمها الرئيس الفلسطيني كرسائل للقوى الفلسطينية الأخرى والتي تلخصت في سبع نقاط وهي كالتالي :-
1- أن مرور الوقت على احتلال الأرض لم يجبرنا على التنازل عن شبر من أرضنا الطيبة .
2- ليس أمام اسرائيل ان ارادت الأمن والسلام إلا الانسحاب إلى خط الرابع من حزيران .
3- لا يمكن أن يتحقق السلام والأمن تحت جرفات الاحتلال وضم القدس وبناء المستوطنات والجدار .
4- لا تنازل عن القدس وحل عادل ومتفق عليه حسب القرار 194 .
5- دعوة الاسرة الدولية للتدخل لفك الحصار عن غزة ووصف الحصار بجريمة حرب .
6- الحرص على الوحدة الوطنية ووحدة الضفة الغربية وغزة .
7- اللقاءات والحوار والتفاوض مع الجانب الإسرائيلي كما برر ذلك الرئيس الفلسطيني بأنها تأكيد على التمسك بالثوابت الوطنية القدس والدولة وغيره .
هذه أهم سبع نقاط مطمئنة للقوى الفلسطينية المعارضة لنهج التفاوض مع الكيان الصهيوني ، وإذا كانت هذه النقاط تأتي بنية صادقة كان لابد للرئيس الفلسطيني أن يزيد عليها مالم يذكر ، ولكن الرئيس الفلسطيني مضى إلى ما يتوقع أنه تغيير في نهج التخاطب من سلطة رام الله مع قوى المعارضة وخاصة حماس وفي الجوهر ليس هناك تغيير بل ربط الرئيس الفلسطيني المفاجأة التي أراد بالموافقة على الحوار الوطني الشامل ومعتبرا ً المبادرة اليمنية هي السقف الذي يمكن أن يتم تحته هذا الحوار .
بالتأكيد أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى توافق واتفاق وهذا يمليه المتغير القادم في المنطقة وفي المتغير الدولي أيضا ً .
قنابل متتالية ويمكن أن تكون تلك القنابل عنقودية من الطراز الأمريكي ممكن أن تنتشر في المنطقة إذا فاز الحزب الديمقراطي بالانتخابات الأمريكية أو إذا فاز نهج بوش الجمهوري في الانتخابات ايضا ً المهم أن هناك قنبلتين متتاليتين أطلقهما بوش في خطابه أمام ما يسمى ” الكنست الإسرائيلي” وما سبق ذلك من وعود بدولة يهودية وشرعية الكتل الاستيطانية والقدس وكما أطلقه أوباما في كلمته أمام الايجات اللقاء الصهيوني الأمريكي والذي كان فيه أوباما خادما ً مطيعا ً للمنظور الصهيوني حيث صاغ كلمته وصاغ في جمل السياسة الأمريكية بناء على المنظور والامن الإسرائيلي في المنطقة ولقد نقد أوباما الأخطاء في السياسة الأمريكية بقيادة بوش والحزب الجمهوري بشيء من الخجل والتحفظ عندما انتقد السياسة الأمريكية في العراق والخطأ الحادث بغزو العراق وانطلاق قوة اقليمية جديدة أكثر خطورة على وجود إسرائيل من صدام حسين وحزب البعث والنظام التقدمي في العراق ، وفي نفس السياق أننا نرى هنا أن هناك متغير سيحدث في العراق لصالح قوى المقاومة ومن هنا وبالخط العريض أضع خطوط عريضة على اللقاء الصحفي الذي تم مع رئيس جمهورية العراق والقائد الأعلى للجهاد والتحرير غزة الدوري عندما وضع المحددات للتفاوض مع الأمريكان حول مستقبل العراق ومن هنا إذا أجادت المقاومة العراقية استغلال هذا المتغير ورجوع العراق اخوة اقليمية فإن المناخات الدولية والمتغيرات في أمريكا إذا فاز الحزب الديمقراطي ستحدث وخاصة أن التاريخ يقول أن العراق هي الحامية للبوابة الشرقية للوطن العربي وهي مفتاح النهوض أو الانغلاق في المنطقة أمام أي قوى دولية أو اقليمية .
وربما دخلت في هذه المداخلة حول العراق في هذا المقال المخصص لخطاب الرئيس الفلسطيني لأنني على يقين أن هناك متغير سيؤثر على المنطقة سيحدث في العراق وستزول حكومة المالكي وهذا له امتداد على مجريات الأحداث في المشرق العربي في كل من فلسطين ولبنان أيضا ُ ومنطقة الخليج .
المهم أن أوباما أعطى لاسرائيل ما أعطاه بوش لاسرائيل سابقا ً من وعود ومال وحسن طاقة وسير وسلوك في الولاء لإسرائيل وبرغم أن بعض المحللين لم يقفوا كثيرا ً على ما جاء في خطاب أوباما تحت مقولة أن هذا الخطاب أو هذه الكلمة هو منشيت انتخابي موجه للوبي الصهيوني إلا أن الحقيقة كما قال أوباما ” أن أمن إسرائيل مقدس” وهو خارج الخلافات الحزبية ووعد إسرائيل بالقدس كاملة كعاصمة يهودية والدولة اليهودية النقية العرق وما تلى ذلك من التزام أبدي نحو أمن إسرائيل وتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك .
وهذا ليس جديدا ً فأمريكا دخلت العراق تحت بند أمن إسرائيل والقوة الاقتصادية والاحتكارية البترولية في العالم وكلاهما يخدم الآخر وحماية ما يسمى أنظمة معتدلة في المنطقة من أطماع النظام التقدمي في العراق.
والمهم أيضا أن الفلسطينيون يقفون أمام منحدر صعب وشديد الخطورة في قضية حسم المواقف من الطرف الأمريكي لصالح إسرائيل ، فعندما تحدث أوباما تحدث عن دولة يهودية واضحة المعالم وتحدث عن مقولة الدولتين دولة فلسطينية مبهمة الجغرافيا والسيادة .
ولذلك رجوعا ً إلى كلمة الرئيس الفلسطيني عباس إن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى توافق واتفاق نحو برنامج وطني تتوحد فيه كل القوى الفلسطينية في برنامج سياسي واحد وليس الحوار من أجل الحوار كما كان التفاوض من أجل التفاوض مع الجانب الصهيوني ، فالطرف المحاور الآن هو طرف فلسطيني وبالتأكيد أن كل القوى الفلسطينية ما عدى نخبة منهم أئتلفت مصالحهم مع الاحتلال هم بحاجة إلى الوحدة السياسية والوحدة الجغرافية في كل من الضفة وغزة .
انهاء ظاهرة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني تحتاج لأن نخرج من محددات السطلة لوضع شمولي أكبر يخص الفلسطينيين بكاملهم خارج وداخل الوطن وتفعيل وتنشيط وتجديد منظمة التحرير بشكل يضمن التعامل مع المتغيرات الجديدة على المستوى الذاتي والإقليمي والدولي .
فالشعب الفلسطيني خارج الوطن هو مركز لا يمكن اهماله في أي معادلة فلسطينية ويجب الخروج على المفاهيم الضيقة التي صاغتها أوسلو ومدرستها .
كنا نتمنى ولو كان هذا ليس في المنظور أن يوقف الرئيس الفلسطيني المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي وخاصة واثناء لقاءه مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني أعلن عن تمدد واسع في الاستيطان في القدس .
، أما بخصوص المبادرة العربية وما يخص حق العودة للاجئين بناء على القرار 194 ، فنحن بحاجة إلى تعديل النص وليس كما جاء في المبادرة العربية وما يتبناه الرئيس الفلسطيني “حل عادل ومتفق عليه ” بل تنفيذ القرار 194 بحق اللاجئين الفلسطينيين .
أما في النقاط التطمينية السبع وفي النقطة رقم 7 حيث وضع الرئيس الفلسطيني في مغالطة شديدة مبرر استمرار المفاوضات مع الجانب الصهيوني هو التأكيد على الثواتب الفلسطينية وهذا ليس صحيحا ً ، فالشعب الفلسطيني لا يحتاج تأكيدا ً على ثوابته بل كانت الحوارات واللقاءات منذ أوسلو هي استراتيجيات قامت بها مجموعة أوسلو بصدق النية والوفاء للبرنامج ، حيث كان الشعار” السلام والتفاوض خيار استراتيجي ” وتبع ذلك عدة اجراءات في غزة سابقا ً وفي الضفة سابقا ً وحاليا ً ضد أنشطة المقاومة واللقاءات وبعض التوافقيات الأمنية مع الجانب الإسرائيلي وفاء لشعار السلام والتفاوض خيار استراتيجي .
الشعب الفلسطيني يرحب بأي فكرة عملية وبقلوب صافية لرأب الصدع والتوحد من أجل مواجهة المرحلة القادمة على اساس دعم المقاومة والصمود وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني .
من أخطر ما ذكره الرئيس الفلسطيني هو الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة أي مازالت الرئاسة تراهن على الامتدادات لنهج أوسلو وربما ذلك وكما اعلن عنه من جهات اسرائيلية أنه قد تم احراز تقدم في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني وهنا وكما تؤكده جميع التقارير أن التقدم الحادث يستثني الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية وقضية اللاجئين ونخشى من هذه المفاجأة التي أعلنها الرئيس أن تكون موقف تكتيكي وليس موقف استراتيجي نحو اعادة اللحمة السياسية للشعب الفلسطيني بقدر ما هي استغلال واستثمار الوقت القادم لاعلان اتفاق مبادئ كورقة مقدمة للادارة الأمريكية الجديدة في عام 2009 ضمن سيناريوهات جديدة حول دولة فلسطينية منقوصة السيادة وخطاب صهيوني يؤكد ان الكتل الاستيطانية والقدس واللاجئين قد تم تجاوزها في المفاوضات اي يبقى الخطاب الفلسطيني حول تلك العناصر الاساسية مجرد خطاب للاسترضاء العاطفي في حين يستمر نهج النخبة الاوسلوية السير قدما ضمن الرؤية الامريكية.
و بعد أن فشلت جميع المحاولات في كسر أو اضعاف الجبهة المقاومة لمنظور أوسلو حيث يمكن استدراج قوى المقاومة حول التطمينات السبع المذكورة للوصول إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية في ظل استمرارية للتفاوض مع إسرائيل واجراءات أمنية وتطويعية لفصائل المقاومة .
إذا كان لابد وحتمية وضرورة فلسطينية للتوصل لوحدة وطنية فلا يمكن أن تكون تلك الوحدة مبنية على أساسات باطلة أو انحرافات سلوكية وغير ذلك من الانحرافات بل يجب أن تكون الوحدة الوطنية مبنية على أسس صحيحة وبرنامج وطني يخاطب المرحلة على جميع الامتدادات والأصعدة وإلا تبقى الدعوة للحوار هي مجرد سيناريو من السيناريوهات التي لا يرغبها الشعب الفلسطيني ولا تحقق أحلامه في الوحدة ورص جميع القوى في مواجهة برامج الاحتلال ومخططاته بأبعادها الإقليمية والدولية.
ولذلك الشعب الفلسطيني بحاجة ماسة لتجاوز شكليات واشكالات السلطة، والمبادرات السابقة العربية والفلسطينية لم تبحث في جوهر التناقض الساسي بقدر ما وضعت اليات للمحاصصة واستثمار السلطة والانتخابات ماهي الا جزء من هذا المفهوم، واعتقد ان قيادة وطنية اسلامية قومية عليا موحدة للشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه و تحت سقف منظمة التحرير هي القادرة على السير بالمشروع الوطني بكل جوانبه الى الامام .
بقلم /م . سميح خلف