حالة من الذهول لا تزال تعيشها إسرائيل في أعقاب الموعظة التي ألقاها قبل ثلاثة أيام أبرز مؤيديها في الولايات المتحدة القس جون هيجي رئيس رابطة “نصارى من أجل إسرائيل”، والتي قال فيها: “إن الرب قد بعث أدولف هتلر لتنفيذ المحرقة ضد اليهود من أجل إجبارهم على العودة إلى الأرض التي وعدهم إياها”.
ويدحض ما قاله القس هيجي المعمداني تأكيدات الحركة الصهيونية المتكررة بأن ما جرى لليهود على يد هتلر كان نتاج موجة واسعة من معاداة السامية في أوروبا، وهو المبرر الذي طالما اعتمدت عليه هذه الحركة لتبرير مطلبها بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين ونقل اليهود من كافة أرجاء العالم إليها.
ورأى هيجي في موعظته التي ألقاها السبت الماضي في الولايات المتحدة: “أن التناح (الكتاب الثاني المقدس لليهود بعد التوراة) تنبأ بهذا، عندما قال إن الرب تعهد بإرجاع اليهود إلى أرضهم”.
وتساءل القس الأمريكي: “كيف يكون ذلك؟”، وأجاب بنفسه قائلا: “بقانون الفرائس والصيادين؛ فاليهود هم الفرائس وهتلر كان الصياد الذي جاء ببندقيته وأجبر اليهود على العودة إلى أرضهم”.
موعظة هيجي الذي يدير أهم الكنائس التابعة للمسيحيين المعمدانيين بولاية تكساس، ومن المشهورين بتأييدهم المنقطع النظير لإسرائيل، نقلتها أيضا العديد من شبكات التلفزة ذات الشعبية الكبيرة في الولايات المتحدة.
وواصل القس موعظته مطالبا إسرائيل بالاستعداد المتواصل للحرب، قائلا: “إن المسيح المنتظر لن ينزل إلى الأرض إلا بعد المعركة الفاصلة مع قوم يأجوج ومأجوج، وهذا يستدعي أن تعيش إسرائيل وشعبها على السيف إلى أمد بعيد، وهذا يوجب على الولايات المتحدة الحرص على مدها بكل ما تحتاجه من سلاح”.
ويؤمن اليهود بأن التوراة تحدثت عن حرب شاملة بينهم وبين قوم يأجوج ومأجوج على أرض فلسطين في يوم من الأيام.
دعوة للطلاق مع المعمدانيين
النسخة العبرية لموقع صحيفة “هاآرتس” على الإنترنت أوضحت أن “تفوهات” هيجي لم تكن مجرد “زلة لسان”؛ لأنها لا زالت منشورة على موقع الإنترنت الخاص بكنيسته حتى اليوم الثلاثاء.
واعتبرت النائبة عن حزب العمل كوليت أفيطال -والتي شغلت في الماضي منصب قنصل إسرائيل في نيويورك، وتعتبر من الخبراء في العلاقة بين إسرائيل والمسيحيين المعمدانيين- أن تفوهات هيجي “تكشف الوجه الحقيقي للعلاقة البشعة بين إسرائيل وبين المعمدانيين”، مطالبة بـ”الطلاق معهم” وفورا.
ورأت أفيطال في مقال نشرته في “هاآرتس” اليوم أنه يتوجب أن يقدم قادة إسرائيل على الأقل على الخطوة التي قام بها المرشح الجمهوري المنتظر لانتخابات الرئاسة الأمريكية جون ماكين، الذي أعلن مقاطعته للقس هيجي فور إدلائه بهذه التصريحات، على الرغم من أن الأخير أعلن تأييده لتشريح ماكين للرئاسة.
وكذلك وجد أتباع التيار الديني الأرثوذكسي بإسرائيل في تصريحات هيجي دليلا آخر على “إشكالية” العلاقة بين إسرائيل وبين المسيحيين المعمدانيين الذين يقدمون سنويا مئات الملايين من الدولارات كتبرعات للدولة العبرية.
وطالب نواب حركة “شاس” الدينية أيضا بوقف العلاقة مع هذا التيار المسيحي؛ على اعتبار أنه تيار “خطير على اليهودية”؛ رغم التأييد الكبير الذي يظهره لها.
ويتبنى الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل موقفا مبدئيا رافضا للعلاقة مع المعمدانيين؛ انطلاقا من أن بعض قادة هذا التيار المسيحي يقولون صراحة إنهم معنيون بإقامة دولة لليهود في فلسطين إلى أن يأتي المسيح ويتولى قتلهم.
لكن أتباع التيار الديني الصهيوني دافعوا عن العلاقة مع المعمدانيين، وقال الحاخام بن ألون زعيم حزب الاتحاد الوطني: “إن العلاقة مع المعمدانيين هامة للحفاظ على أرض إسرائيل”.
وفي سياق المواقف المدافعة عن هيجي، أعادت “هاآرتس” نشر مقابلة أجرتها معه قبل عام، وأكد فيها أنه يقدم الدعم المالي لكل حزب وحركة سياسية إسرائيلية ترفض التنازل عن “أي أجزاء من أرض إسرائيل” للعرب.
وعندما سئل عن واقع تكون فيه كل الأحزاب الإسرائيلية مستعدة للتنازل عن أراض في الضفة الغربية المحتلة، رد القس الأمريكي المعمداني بأنه في هذه الحالة لن يقدم أي فلس لهذه الأحزاب.