اللواء الركن الدكتور نوري غافل الدليمي
سبق وان كتبت في احد مقالاتي عن مقولة مفادها (التأريخ ُيعُيد نفسه)
اللواء الركن الدكتور نوري غافل الدليمي
سبق وان كتبت في احد مقالاتي عن مقولة مفادها (التأريخ ُيعُيد نفسه) وأنا كاختصاص تاريخ عربي اسلامي ومهتم بالتاريخ المعاصر والحديث اقول( إعطني نفس الظروف أعُطيك نفس الحدث). ومن خلال دراستي وتتبعي لما حدث للعراق أبان الحرب العالمية الثانية ووقوعة تحت السيطرة والاحتلال البريطاني وما جرى من احداث بدءاً من تشكيل الدولة العراقية في 1920-1921 ولحد الانقلاب العسكري على العائلة المالكة عام 1958، اقول يبدو لنا أن الأمور تسير على نفس المنوال و الخطوط والسياسات إذا أصر بعض الساسة الحاليون على ارتكاب نفس أخطاء بعض الساسة العراقيين السابقين. إن ما يقوم به الأمريكان الآن هو نفس ما قام به الإنكليز في القرن الماضي أي العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات (وربما أو بالتأكيد أن ذلك يحدث الآن بمشورة من الانكليز الذين خبروا العراق وأهله).أقول يريدون أن تمضي علينا نفس الأحداث من خلال سلسلة من المعاهدات والأتفاقيات وتنتهي بانتداب من نوع آخر. أود الإشارة هنا لكل ذي علاقة بهذا الأمر بان التاريخ لا يرحم فأما( تمجيد وتعظيم أو احتقار وإهانة).
إن الأصوات التي سارعت بالقبول بالإتفاقيات والترحيب بها وهي -وحسب قناعتي- لم تطلع بعد على بنودها بل ولم تكلف نفسها بقراءة المسودات ، وأقصد هنا بعض الشخصيات من جبهة التوافق وشخصيات من كتل أخرى، أقول إن مواقفها مبنية على أن الأحتلال والعدو الحقيقي هو ليست امريكا بل هي إيران. وهذا الموقف ينطلق من مسببين الأول ربما ينبع من نظرة طائفية ومذهبية قصيرة البعد والرؤيا، والثاني موقف شخصي نفعي لأن هؤلاء ربطوا مصيرهم بوجود الأحتلال الأمريكي فاذا خرج الاحتلال الأمريكي فلن يبقى من يحميهم من شعبهم.
إن مسألة ايران وتدخلاتها لاينكرها اي شخص ذو ذمة وضمير بل واقول ان النفوذ والتواجد الأيراني( ربما يكون مبررا) (وهنا وضعت مبررا بين قوسين )لأن من مصلحة ايران ادارة صراعها مع امريكا خارج اراضيها وبالتحديد على الساحة العراقية. ولكن السؤال مَنْ الذي سمح لأيران اساساً بالتدخل والتواجد من اول اسبوع؟ اليست امريكا؟. اذن مسألة النفوذ والتدخل الأيراني تم تضخيمها وترويجها بدفع من امريكا لكي تلهي العراقيين عن العدو والأحتلال الحقيقي. يجب أن نقول إن أمريكا هي التي دمرت العراق وهي التي جاءت بمن يعاونها في تنفيذ مهمة التدمير.
العراقيون الأبطال وقواتهم المسلحة قادرين على طرد إيران وإلحاق الهزيمة المنكرة بها. نحن نعرف شعبنا وقواته المسلحة فوالله سوف يتوحدون بشيعتهم وسنتهم ومسلميهم وغير المسلمين وعربهم وكردهم وتركمانهم واطيافهم الأخرى وسيطردون الأيرانيين خارج الحدود الدولية إذا ما رفضوا الخروج بمحض إرادتهم.أرجو أن لا يستهين احد بالقوات المسلحة العراقية، فمهما كانت القوة المادية في صالح الطرف الآخر فستجدون ابطال العراق يطرد الواحد منهم مئة من الأعداء مهما كان تسليحهم.
نحن لا نرفض إقامة علاقات وبكافة المجالات مع الولايات المتحدة الامريكية ، ولكن يجب أن تكون علاقات مبنية على أساس السيادة الكاملة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتعامل الند للند الذي ينبني وينطلق من السيادة الكاملة . ولهذا نطلب عدم توقيع أي اتفاق او معاهدة إلا بعد الخروج الكامل للقوات الأمريكية من العراق وإقامة علاقات دبلوماسية متوازنة.أما في ظل وجود القوات الأمريكية المحتلة فان أي عقد أو إتفاق أو معاهدة سوف نقرأه ُعلى أنه علاقة بين السيد المتغطرس والعبد الذليل.
نقول ونناشد ونخاطب كل عراقي مهما كان موقعه أو منصبه أن يضع هذه الحقائق نصب عينه، وان يجعل مصلحة وسيادة ومستقبل العراق والعراقيين في ضميره، ويضع التاريخ (الذي لايرحم) أمامه، وشعبه في حنايا صدره، قبل اتخاذ أي خطوة على طريق هذه الاتفاقية. العراق وأهله وسيادته أمانة في شوارب وأعناق كل عراقي شريف غيور يعتز بعروبته وعراقيته . والله والتاريخ يلعن كل من هو دون ذلك.