لا تزال الأقلام المشبوهة والفضائيات التي ارتبطت بكل شيء عدا العروبة والإسلام تهاجم حزب الله والقوى المقاومة في لبنان ولا زال بعض ممن يدعون بأنهم يحرصون على الإسلام وممن امتهن مهنة الإفتاء لا يتردد عن محاولاته الطعن في وطنية حزب الله وانتماءه ووصل الأمر الى أن قام بعض من شيوخ العربية السعودية بتكفير حزب الله والإخوة الشيعة بشكل عام وأخرجوهم من ملة الإسلام وقاموا بتكفيرهم ونصب هؤلاء أنفسهم خلفاء لله على الأرض.
أمس الأحد تم توزيع بيان على مواقع الانترنت موقع من 22 من رجال الدين في العربية السعودية لم يكتفوا فيه بتكفير الشيعة حيث أننا نعتقد بأن هنالك من ” الكفار” من هم أفضل من بعض المسلمين – الذين تآمروا في الماضي ولا زالوا وسيبقون على تآمرهم مستقبلا – في الدفاع عن قضايا لها علاقة بالإسلام وحقوق المسلمين وهذا ما نلمسه هنا بفلسطين حيث يأتي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وفود غير مسلمة وقد تكون بلا ديانة محددة من أوروبا وأميركا وغيرها، لا بل قام هؤلاء – الذين يعتقدون إن الله استخلفهم في الأرض- بتشبيه الإخوة الشيعة بشذاذ الآفاق من المستوطنين من الذين اغتصبوا فلسطين ولا زالوا يطمحون بالسيطرة على المزيد من بلاد العربان والمسلمين.
لم يكتف هؤلاء ”الخلفاء” بذلك لا بل ذهبوا كذلك إلى التحريض على الشيعة، هذا عدا عن محاولاتهم الإساءة الى كل من يصدق ” مزاعم” حزب الله والقوى المقاومة والشيعة، وأن كل الذين يعتقدون بان هذه القوى هي طليعة الأمة ورأس حربتها في الوقوف في وجه المحاولات الأميركية للسيطرة على الأمة وإخضاعها إنما هم مخدوعون وبالتي “مغفلون غافلون” ولا يمكنهم التمييز بين ما هو في صالحهم وصالح الأمة وبين ما هو ضد مصالح هذه الأمة.
إنها العودة الى العصور الوسطى عندما كانت الكنيسة توزع صكوك الغفران على المسيحيين في أوروبا وإنها العودة الى عصور الظلام والتخلف والإقطاعيات وعصر العبيد والردة، البيان الذي أصدره هؤلاء “الرهبان” ليس سوى شكل آخر من صكوك الغفران وشكل آخر من محاولة العودة بهذه الأمة الى قرون من الزمن وكان امة العربان بحاجة الى مزيد من التخلف والقهر والفرقة، وكان الأمة بحاجة إلى هؤلاء المجموعة من ” الرهبان” كي يزداد تقهقرها وتخلفها وتبعيتها للأجنبي.
البيان الذي وقعه مجموعة “الخلفاء” يتحدث بشكل فيه الكثير من الإساءة والتجني على الشيعة والمذهب الشيعي ولا اعتقد أن من الممكن لعاقل أن يصدق بان هؤلاء الذين وقعوه يرومون مصلحة الأمة، لان من غير الممكن لمن يريد ذلك أن يقوم بتكفير الآخر وأن يقوم بمحاولات تشويه أهدافه وتصويره على أنه أصبح أكثر خطورة من دولة الاغتصاب في فلسطين.
هذا البيان ليس سوى محاولة أخرى محمومة من اجل حرف أنظار امة العرب والإسلام عن الخطر الحقيقي الذي تشكله قوى الهيمنة والتسلط والاغتصاب متمثلة في الولايات المتحدة الأميركية ومن يقف معها من قوى البغي والعدوان وفي المقدمة دولة الاغتصاب في فلسطين، ونعتقد انه كان حريا بهؤلاء “الرهبان” أن يقوموا بالدعوة الى الجهاد أو إدانة العدوان في فلسطين والعراق وأفغانستان واحتلال الأراضي العربية في فلسطين وسوريا ولبنان وان يقوموا بالدعوة الى فك الحصار عن أبناء فلسطين في قطاع غزة وان يطالبوا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وان يرفعوا أصواتهم ضد الإجرام والاحتلال الأميركي في العراق وان يحددوا البوصلة باتجاه العدو الحقيقي الذي يحاولون بمثل هذه البيانات إلهاء الأمة وأبناءها عن الأعداء الحقيقيين والطامعين في السيطرة على الأرض والإنسان.
إن محاولة ربط قوى المقاومة في لبنان وفي المقدمة حزب الله بالصهيونية والصليبية ليس سوى محاولة تبعث على الغثيان وهي محاولة مكشوفة للدفاع عن قوى نعلمها كما يعلمها الجميع ارتبطت تاريخيا بإسرائيل وأميركا وهي محاولة “للاستغباء” والاستهتار بعقولنا حيث أننا نعلم تماما في أي الخنادق تصطف كل من القوى الموجودة في لبنان وفي غير لبنان، كما أنها محاولة من هؤلاء للدفاع المبطن عن الأنظمة السياسية التي اصطفت في الخندق الأميركي عندما تمت استباحة العراق وأفغانستان وسهلت احتلالهما من خلال أراضيها وأجواءها وهي التي مولت الحرب وقدمت كل ما يمكن تقديمه في خدمة السيد الأميركي.
إن من يدعو إلى تصفية الشيعة في السعودية ومن يدعو الى استئصالهم وإجبارهم على اعتناق المذهب الوهابي وهدم مساجدهم أو إيداعهم في معتقلات جماعية على غرار ما فعل النازي لا يمكن النظر إليه على انه يحرص على الإسلام ولا على الأماكن المقدسة وإلا ما الذي يمنعه من الدعوة الى تحرير الأقصى الذي يجثم الاحتلال على صدره منذ ما يزيد على الأربعين عاما أم ترى صار هذا المسجد كنيسا بنظرهم أو أن هذه باتت مسؤولية الفلسطينيين وحدهم.
يبدو أن الذين أصدروا البيان لا علاقة لهم بالشارع العربي والإسلامي، كما يبدو أنهم لم يسمعوا بقصة المصلين الذين انهالوا على احد الأئمة في احد المساجد في العاصمة الأردنية بالأحذية عندما تهجم على حزب الله وسيد المقاومة، والحقيقة أنني كنت أتمنى أن يكون هؤلاء الذين ذيلوا هذا البيان بتوقيعاتهم أن يكونوا في أي بلد آخر غير السعودية لان مصيرهم لن يكون بحال من الأحوال أفضل من حال إمام المسجد في عمان، فقط قليل من الخجل.
بيت لحم
2-6-2008