وليد رباح
أعترف يا سيدي انني اكره العمائم … سواء كانت بيضاء او سوداء ٍ.. على شكل لفة او على طربوش.. حتى وان تزينت بالبدلة الافرنجية الحديثة مع ربطة عنق حمراء لزوم الفضائيات .. واعترف لك يا سيدي انني ( سني) بالوراثه .. وافهم في الامور الدينية مثلما يفهم اي مطرب عربي باسرار الصناعة النووية .. ولكن بعض التدين يمتطي جسدي وعقلي فلا استطيع الا ان اكون مسلما.. وأعترف لك ايضا .. ان يقيني وداخلي قد اضمرا لك الكره مذ رأيتك اول مرة على شاشة تلقي خطابا ناريا عن المقاومة .. وقلت في سري .. ها هو آخر قد ركب الدين وصولا الى السياسه ..
واذا ما كنت اسرد بعض الاعترافات فاني اعترف لك بكل وضوح ان العمائم السنية مثلما هي العمائم الشيعية .. او مثلما هي عمائم الهندوس .. ودعنا نمر على عمائم القسس والرهبان والرابايات .. فكلها تؤدي الى أغراض دنيوية ٍ.. خاصة وانني استفتيت شيخا جليلا ظننته يفهم في امور الدين فقال ان لباس رجال الدين لم يرد فيه نص صريح في الشريعه .. وانما وجدوا ان تميزهم عن الناس يعطيهم محبة واحتراما بل ورعبا مما يعني ابتداعهم لذلك اللباس .. واعرف ضمن ما اعرف ان كل بدعة ضلالة . ولا ازيد .
ولأنك الوحيد الذي اثق به في زمن الانبطاح على البطون فاني سأواصل اعترافاتي .. اعترف لك يا سيدي انني عربي من اصول فلسطينية .. وهي تهمة هذا الزمان .. واني تزوجت اربعة تنفيذا لما يسره الشرع لي مع ما يتبع ذلك من فراغ (العين) .. واكلت القديد تارة وشربت الدموع اخرى .. وانجبت من الاطفال الذين اصبحوا رجالا ما يغطي بعض النقص الذي يحدثه رصاص الجيش الاسرائيلي في بطون امهاتنا .. وزوجاتنا .. ثم انني ربيت اولادي على سداد ذلك النقص فاطاعوا فرحين .. وانني اعيش في امريكا العظيمة الرهيبة التي جعلت من الاقزام عمالقة .. ومن الرعاع بطارقه .. ومن الجهلاء علماء .. ومن نفط الوطن دبابات وطائرات تقصفنا بها بمحبة وود واحترام ..
أعترف لك ايضا ان شيوخنا من السنيين ربونا ورعرعونا على كره الشيعه لمجرد انهم يخالفونهم الرأي في بعض الاحكام والامور الاجتهادية والشرعية .. واعترف لك ان لي اصدقاء كثيرين من الشيعه يقولون بملء افواههم ان شيوخهم غرسوا في وجدانهم كره السنه .. لمجرد الخلاف كما اسلفنا .. واستتباعا لذلك فان المسلم يكره الدرزي .. والدرزي يقابله بالمثل .. والمسيحي يكره المسلم .. والمسلم يبادله (التحية) باحسن منها .. المسلم يظن انه على الطريق الصحيح اما غيره فهو جاهل لا يعرف الدين ولا الدنيا .. والاخر يكره المسلم ويظن ان الدين الاسلامي فيه من الاوضار والاوشاب ما يعجز الخلق عن تحمله .. وجلهم ولا اقول كلهم قد ارتابوا في وجودهم فغدوا مثل السوائب يريدون العيش وليمت غيرهم غيظا وكمدا .. ولا يغرنك ما نشاهده من تبويس للحى والتهام ( الخراف) سوية بابتسامات مزيفه بحجة التطبيع والتطويع والتخفيف .. فكل منهم يحمل سكينا في يده يخفيها خلف ظهره استعدادا للمعركة القادمة .. ومن نافلة القول يا سيدي انك اذا ما تصفحت الشبكة العنكبوتية فسوف ترى العجب والصيام في رجب .. فهؤلاء يكفرون اولئك .. واولئك يكفرون هؤلاء.. ولا اخفيك يا سيدي ان غثا يصيب معدتي عندما اقرأ ما يكتب .. واذا كان الدين كما علمتنا الكتب القديمة والحديثة يجمع ولا يفرق .. فكيف حدثت هذه التفرقه ؟ .. ولماذا نستذكر احداثا قديمة العهد نلطم في ذكراها الخدود ويزداد الحقد وترتجف الارض من تحت اقدام المحتفلين .. ولماذا يجري السنة خلف تراهات أكل الزمان عليها وشرب .. لم كل هذا ؟
بعد كل هذه الاعترافات يا سيدي .. والتي لا تعدو استذكارا لبعض ما أحمل .. فاني احملك مسئولية فوق مسئولياتك العظيمة .. وأقول بملء فمي انه لا يجرؤ على حمل المسئولية سواك .. فانت محبوب من السنة والشيعة على حد سواء .. وتلك اول مرة يجتمعان فيها على أمر واحد .. ( دعك من بعض المتخلفين) فقد ترك اولئك المعركة واقتتلوا فيما بينهم حول الافتاء هل الخل حراما او حلالا .. وهل يجب ان يغسل المسلم استه بعد الغائط باليد اليمنى او اليسرى .. ولك من المحبة في قلوبنا ما يعجز الانسان عن وصفه .. واني لاحلف الايمان المغلظة ان فيك ما كان يحمله جدك الاعظم من اخلاق سامية .. ومناقب مزدهرة .. وجلالة في وجهك المضىء .. وليغضب من يريد الغضب .. وليقبل وجنتي من يجد كلماتي رائقة وصادقة .. ودعك مما يقوله المرجفون عنك .. فما زال الكره يعمر قلوبهم حتى لو انفقت كل عمرك ما استطعت ان تثنيهم عن طموحهم في أن يكونوا فوق القمة .. حتى ولو كانت تلك القمة رائحتها كالجيفة .
اما كيف احببتك فتلك قصة اخرى .. باختصار وبكلمات قليلة .. لقد اعدت لي شيئا من كرامتي الضائعة .. ووهبتني دفقا من الروح التي تجللت بالسواد زمنا طويلا .. واعطيتني ما لم يعطه لي ملك ولا رئيس ولا شيخ ولا أمير ولا حتى قلبي الذي ما زال ينبض بالحياه .. واني لارجو ان لا تغتر يا سيدي .. فاني اعرفك حفيد من كان يمشي في الشوارع ويأكل ما يأكله الناس ويلبس ما يلبسون .. ولقد ملك الدنيا بيمينه ولكنه ظل على عهده من البساطة والرأفة بالناس والحنو على اليتامى والايامى والضائعين في زمنه .. واوصانا ان نتمثل به !!
ولنعد الى المسئولية التي اضعها فوق ظهرك فوق ما يحمله من مآس .. فقد اصبحنا كالانعام لولا الضوء الذي يأتينا بصيصا من (الجنوب) يحفزنا ويذكرنا باننا ما زلنا من صنف الانسان ..
ان اول ما يفعله الانسان عندما ينام او يأكل او يعيش ان ينظف بيته .. فلا يجوز ان يعيش على نتانه .. فان لم ينظفه فان الحشرات والهوام والامراض سوف تأكل جسده ويتهرأ جلده .. ودعني اذكرك ان (صلاح الدين) عندما اراد تحرير القدس بدأ بالرؤوس المتعفنة في جيشه .. ثم امتد ذلك الى حكام الطوائف .. ثم جمع جيشا عرمرما استطاع ان يسير الاف الاميال نحو القدس .. فدخلها منتصرا .. ودعني اذكرك ايضا .. ان الامام (الخميني) قدس الله سره ورحمه .. عندما اراد ان يسقط الرؤوس المتعفنة في ايران بدأ باستمالة الشعب الذي كان مهيئا لذلك .. وفي غضون اشهر لا سنوات .. بدأ بتنظيف البيت الايراني من اوشابه واوضاره .. فدخل طهران منتصرا ..
أنا لا ادعوك يا سيدي ان تقطع الرؤوس وتجري الدماء انهارا .. انا فقط ادعوك لكي تقترب من السنة بالقدر الذي تراهم قد دخلوا الاسلام من اوسع ابوابه .. وادعوك للاقتراب من الشيعة بالقدر الذي تصر فيه على محاربة السفاحين من بني صهيون .. وبذا تستطيع ان تدخل التاريخ كما دخله صلاح الدين والخميني .. وثانية دعنا مما يقوله المرجفون ..
ودعني اقول لك ان اصعب كلمتين سمعتهما او حفظتهما او قرأتهما في حياتي هما ( السنة والشيعه) فهذه التسمية تصيبني بالاشمئزاز والقرف .. صدقني يا سيدي ان الامر صعب جدا ان تلغيهما من قاموس اللغة العربية .. ولكنك يمكن ان تجاهد في سبيل ان تسمي السنة سلفا .. او الشيعة خلفا .. او العكس يا سيدي .. أو تسمي السنة انصارا والشيعة مهاجرين .. او العكس ايضا .. ما هو مهم ان نصل الى نتيجة لنتخلص من هذا الامر الذي بدأه الاجداد لينتقل الى الاحفاد .. واغلب الظن حسب اعتقادي ان كل ما جرى في التاريخ كان مصلحة شخصية لحاكم او من اراد ان يحكم .. وأنت لست بحاجة ان تعرف قصة العصا الواحدة وكسرها .. وجملة العصي والصعوبة في تفتيتها .. فاذا ما اجتمع ( الخلف والسلف) او المهاجرين والانصار .. فلسوف تهتز الارض من تحت اقدام الذين يلهبون ظهورنا بسياطهم ويعزفون الحانا نشازا لا تتوافق مع اوركسترا الامل التي نرغب في سماعها .
ومع كل ما يمكن ان يطرح فان اهلنا من المسيحيين أو الدروز او يهود ( الوطن العربي) أو مزيج القوميات الاخرى ممن يعيشون أو كانوا بين ظهرانينا يمكن ان نكتشف انهم من صنوف البشر .. وان لهم حقوقا مثلما لنا .. وعليهم واجبات مثلما علينا .. فقد شاركونا اللقمة والنعمة والسراء والضراء .. فانا اعرف ان في متن جيشك المنتصر باذن الله بعض المسيحيين .. وكثيرا من الدروز .. وبعضا من السنة .. وكثيرا من الشيعة .. عكس ما ينشره المضللون من انه جيش طائفي يهدف الى سيطرة فريق على آخر .. او فئة على اخرى ..
أنا لن اطيل عليك .. فاني اعرف ما يشغلك وما يفكر به عقلك حتى قبل ان تتفوه به .. فانت تمسك الجمرة في لبنان فتكوي اصابعنا في بلاد الغربة .. وتحمل الوردة في يدك اليمنى فنشم عبيرها على بعد الاف الاميال .. فان اصابك الجوع فان امعاءنا تتلوى رغم ما تحويه جعبتنا من دولارات .. وما نعوم فيه من بحر النعم الحياتية .. ان سقط احد ابنائك في المعركة بكينا هنا .. وان ضحكت ضحكنا .. وان بكيت فاننا نجهز الكثير من المحارم الورقية او غيرها لنمسح دموعنا.. فقد اصبحت يا سيدي الامل .. وانت تعرف ما يحمله لنا الامل ..
حبنا لك يطال السماء السابعة .. ويخترق الحجب سعيا نحو السحب .. فما عليك يا سيدي الا ان تستثمر هذا الحب .. بان تجعله حبا لا يتأثر بالتقلبات السياسية في الوطن البعيد .. نريد حلا نرتضيه سنة وشيعة.. وقوميات متفاوتة الاهواء وتحمل افكارا انسانية ..
لا تغضب يا سيدي .. اذ احملك هذه المسئولية العظيمه .. فهذه الرسالة قد خرجت من بين ضلوعي وليس من رأسي .. نريد حلا نرتضيه .. نريد حلا ليس ككل الحلول .. واعرف انه أمر جلل .. ولكن مسيرة الالف ميل تعرفها .. خطوة أخرى ناجحة يمكن ان تعيد الينا الكثير من كرامة الانسان.. ونحن بالانتظار !!